«فنون الأدب الشعبي».. حاوية جمعت كل صنوف وأداء الجماعة الشعبية
في 332 صفحة من القطع الكبير صدر كتاب "فنون الأدب الشعبي" لأحمد رشدي صالح والذي يعتبر واحد من رواد أدب الفن الشعبي المصري المتوفي في 12 يوليو 1980، وهي طبعة جديدة من الكتاب الذي صدر مسبقا عن قصور الثقافة وكانت آخر طبعة له في عام 2013.
الكتاب الذي صدر عن سلسلة الهوية المختصة بالتعريف بالهوية المصرية تحت إشراف جرجس شكري أمين عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة يحتوي على جزئين وفي الجزء الأول 4 فصول والجزء الثاني 6 فصول.
اهتم صالح في كتابه بالتعريف بالفلكلور والألم والحب والجنس وفنون الشعر، وفنون النثر والحكايات والقصص الطويلة والسير المدونة والشفاهية والتمثيليات والأغاني والأشعار الشفاهية وفهرس للأعلام والتواريخ.
ويستشهد رشدي كامل بالعديد من الأدباء والمفكرين ومنهم طه حسين ومحمد حسين هيكل واحمد امين وغيرهم، والكتاب كنز حقيقي بذل فيه المؤلف جهدا كبيرا من خلال الجمع الذي لا يأتي إلا بالرحلات الميدانية وأيضا الجمع التوثيقي للسير والأغاني من خلال الاستشهاد بمصادر كثيرة.
ولا يغفل رشدي صالح علاقة الفلكلور بالاستشراق وكيف كانا مدخلا حقيقيا للاهتمام بهذا الأمر فالبارون حي وجد البرديتان في جرة كانت مدخلا لدراسته، فكتب مقدمة الف ليلة وليلة وغيرها وكان من بي تلاميذه من اهتم باللغة الدارجة.
وبعدها كانت هناك حتى كان في عام 1795 تأسيس لمدارس اللغات الشرقية وغيرها، ويتناول أيضًا ما كتب في الفلكلور قديما، مثل كتابا سافاري وفولني، وادوارد وليم لين، وغيرهم ممن ساهموا في التوثيق لهذا الأمر.
وفي الكتابات العربية كان حمزة الكسائي، وابن دانيال ومؤلفه طيف الخيال، ومحمد البلبيسي وكتابه الملح والطرف وغيرها ممن ساهموا في تخليد فن الفلكلور والتوثيق للشفاهي.
ويشرح رشدي كامل ابعاد الفن الشعبي وينتقل بالتفصيل لكل فن من فنونه في دراسة متأنية ليوضح ماهية هذا الفن ونسقه وهكذا، فعن الألم وتناوله في الفلكلور يقول
كل المجاريح بس انا فاضل
وطبيب لجراح دوا الناس وانا فاضل
انا قلت يا طبيب معندكشي دوا فاضل
عسس على القلب والتفت وقال لي
روح يا قتيل الملاح ما عاد لك دوا فاضل
والألم هنا هو المعاناة من أجل المحبوب، والتي اختلف الرواة في التعبير عنها، وإن كانت قد حظت بالقدر الاكبر من أي فرع آخر.
ويتطرق رشدي صالح للحب والجنس ودائرة المحرمات وكيف تنظر الجماعة الشعبية للشذوذ والحب بين مختلفي ومتفقين، ويذكر في فصل الأدب الشعبي ودائرة المحرمات ان الجماعة الشعبية تعتبر المحرمات هي الميدان الوسيع لهذا الفن، وكثيرا ما تغزل الشعراء في نساء لا تحل لهم، وياتي هذا صراحة فهو مقبول في عرف الجماعة الشعبية إن كانت السيدة بعيدة او لا تمت بنسب للجماعة نفسها.
ويواصل الكتاب طرح المعرفة في كل شئ يتعلق بالجماعة الشعبية وفيه يرصد المؤلف كيف استخدمت الجماعة الشعبية القصص الشهيرة مثل قصة سيدنا يوسف كالتدليل على شئ ما.
ويناقش أيضًا السير المكتوبة مثل سيف بن ذي يزن وعنترة بن شداد وغيرها،وفي الاخير يعتبر هذا الكتاب حاوية كبيرة لفن الجماعة الشعبية، ومرجعا مهما من المراجع التي لا غنى عنها لأي مكتبة.