زيارات منزلية ولقاءات جماهيرية لمكافحة ختان الإناث.. متى نتخلص من الأزمة؟
أضرار صحية وخيمة تعرضت لها "فاطمة"، حين كان عمرها لا يتخطى ٧ سنوات، بعد أن أصرت والدتها على إجراء عملية الختان لها، ورافقتها إلى مكان العملية الذي لم تخرج تفاصيله من ذهن الفتاة حتى يومنا هذا.
اللحظة المريرة التي عاشتها خلقت بداخلها فجوة نفسية لم تتمكن من تخطيها بسهولة، خاصة بعد تعرضها لنزيف حاد، دخلت على إثرها لمستشفى، بعد أن توغل المشرط داخل جسدها وأصابها بجروح عميقة.
تتذكر الفتاة خلال حديثها مع "الدستور"، مشاهد الاحتفالات المؤلمة، التي تعرضت لها حين أعد فيها ذويها مائدة كبيرة جمعت أفراد العائلة، ووضع كل شخص النقود في يديها كهدية بعد خضوعها لعملية الختان، معبرة: "العادات والتقاليد تُجبر الفتاة بالخضوع لهذه العملية، أنا لسه فاكرة الدكتورة وهى بتقولي متخافيش، إحنا هنشيل حتة صغيرة مش هتحسي بيها".
طالبت "فاطمة" الحكومة بضرورة التخلص من هذه الأزمة بشكل نهائي، كونها تؤثر نفسيًا بشكل كبير على الفتيات، بل وتعرضهم لأضرار صحية جسيمة في بعض الأحيان، إن لم يكن لدى الشخص الذي يجري العملية أي خبرة في استخدام المشرط، لذا قررت حماية بناتها من إجراء عملية الختان، وعدم تعريضهن لهذه المأساة.
زيارات منزلية ولقاءات جماهيرية
ومن جانبها، قالت الدكتورة آمال ذكى، مستشارة برنامج وعي للتنمية المجتمعية بوزارة التضامن الاجتماعي، إن الوزارة تجري العديد من الأنشطة المختلفة لمواجهة الممارسات الضارة في المجتمع، لعل أبرزها مكافحة ظاهرة ختان الإناث، مشيرة إلى أنهم يواجهون هذه الظاهرة من خلال رفع الوعي المجتمعي، عبر الزيارات المنزلية، واللقاءات الجماهيرية، وحملات التوعية، بالاستعانة بمكلفات الخدمة العامة، والرائدات الريفيات، والجمعيات الأهلية.
وأشارت "ذكي" في حديثها لـ"الدستور"، إلى الحملات التوعوية التي تشمل الحديث حول أضرار ختان الإناث على صحة الفتاة الجسدية والنفسية، وأيضًا التوعية بالعقوبة تجاه هذه الممارسات، كونها ليست مقتصرة على الطبيب فقط، بل تلحق بالأب والأم الذين دفعوا بإبنتهم لخوض هذه الجريمة البشعة.
وأضافت أنه حين ترصد الرائدة الريفية جريمة الختان، تقوم بتبليغ خط نجدة الطفل، ويقوموا بالتحرك للتأكد من صحة المعلومة، وإذا ثبت صحتها، يتم عرض الآباء على النيابة، ويتخذ ضدهم الإجراء القانوني.
دور مجتمعي
ولفتت مستشارة برنامج وعي للتنمية المجتمعية بوزارة التضامن الاجتماعي، إلى دور الصفحة الرسمية لوزارة التضامن على موقع "فيسبوك"، في إقناع العديد من الأهالي بشأن التخلي عن تختين فتياتهم، عبر بث لقاء مباشر يجمع عدد من الآئمة، الذين يردون على كافة استفسارات الأفراد الذين يرغبون في تختين بناتهم، مشيرة إلي أنها كانت تشهد تفاعلًا كبيرًا بين الحاضرين.
واختتمت: "بناتنا أمانة، ويجب علينا المحافظة عليهن، ولا ينبغي تعريضهن للعنف أو أي شي يمس كرامتهن، لأن الفتاة مسؤلية من كل أب وأم، وهما مصدر الحماية لها، وقد يفقدوا حياتها بسبب إقدامهم على هذه الجريمة الشنيعة".
معاقبة الطبيب
أكد الدكتور أسامة عبد الحي، وكيل نقابة الأطباء، أن عملية ختان الإناث ممنوعة منعًا باتًا وهذه القضية لا جدال فيها، منوهًا أن النقابة قد أعلنت مرات لا حصر لها في مختلف وسائل الإعلام عن حرمانية ممارسة هذه الأنواع من العمليات المجرمة شرعًا وقانونًا.
وأشار عبد الحي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن هناك مرة واحدة فقط وصلت فيها تلك القضية إلي الهيئة التأديبية، حين تم معاقبة الطبيب الممارس لعمليات ختان الإناث بالشطب النهائي من جدول المهنة بالنقابة، فهذه عقوبة أي طبيب يقوم بإجراء عمليات الختان.
وعن الدافع لقيام الأطباء بمثل هذه العمليات، قال وكيل النقابة: "للأمر جذور عدة مثل قناعة بعض الأطباء الناتج عن منظورهم الديني الخاطئ، بالإضافة إلى الإغراء المادي وجشع بعض الأطباء في كسب المال من وراء إجراء هذه العمليات، فضلًا عن ضغط الأهالي على الأطباء بالتحايل عليهم وترجيهم للقيام بمثل هذه الأمور، وفي كلا الحالات يجب معاقبة الطبيب الممارس للعملية لأنه خالف قسمه وآداب مهنته والقانون المصري كذلك".
