بيعت في سوق العبيد.. «الكاثوليكية» تحيي ذكرى رحيل القديسة «جوزفين»
تحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم ذكري رحيل القديسة جوزفين بخيتة البتول، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد، الفرنسيسكاني، سيرتها قائلا: لا يعرف الاسم الحقيقي لـ جوزفين بخيتة ولا حتى تاريخ ميلادها، ولكن هناك تخمينات بأنها ولدت في دارفور في قرية صغيرة تدعى أولجوسا عام 1869. وهي نوبية عاشت جزء من طفولتها في أولجوسا مع والديها وثلاثة إخوة وأربع أخوات واحدة منهما كانت أختها التوأم.
وتابع: عندما كانت بخيتة طفلة صغيرة هاجم تجار العبيد قريتها وتمكنوا من خطف أختها البكر، فقد كان السودان حينها سوقا نشطا لعمليات خطف السود وتحويلهم لعبيد، وتعرضت لذات مصير شقيقتها عام 1876 أو 1877 وهي تقريبا بعمر التاسعة حيث خطفت هي الأخرى وسيقت للعبودية، وقد دونت في مذكراتها بأن خاطفيها كانوا من النخاسين العرب الذين قاموا ببيعها مرات عديدة في أسواق الأبيض وفي أسواق الخرطوم، وتعزو بخيتة نسيانها لاسمها الحقيقي لما تعرضت له من عذاب وترهيب. وكان (بخيتة) الاسم الذي أطلقه عليها مالكوها.
وواصل: في النهاية كانت بخيتة عبدة لجنرال العثمانيون عثماني، وكان هذا الأخير قد قرر قبل مغادرته السودان للسودان بيع جميع عبيده، فاشتريت بخيتة من قبل كاليستو ليجاني والذي كان يشغل آنذاك مركز القنصل إيطاليا الإيطالي في الخرطوم. كان القنصل وعائلته يعاملون بخيتة معاملة حسنة بالمقارنة مع ما عاشته سابقاً فكتبت عن تلك المرحلة بأن سيدها الجديد كان رجل طيباً فلم يكن يعرضها للضرب أو الاغتصاب أو الشتائم. بشكل عام خلفت فترة العبودية في جسد بخيتة 144 ندبة رافقتها حتى مماتها.
مستكملا: عام 1885 اندلعت ثورة المهدي في السودان فاضطر القنصل الإيطالي ليجاني لمغادرة البلاد، فعاد بحراً مع أسرته وعائلة الميشيلي الصديقة وبخيتة إلى إيطاليا، ومع وصولهم لمدينة جنوة طلبت السيدة ميشيلي من القنصل الاحتفاظ ببخيتة، فتوجهت بخيتة مع أسرة الميشيلي إلى زياجينو إحدى ضواحي ميراتو فينيتو في ولاية فينيسيا، هناك عهد إلى بخيتة مهمة الاعتناء بطفلة العائلة ميمينا فأصبحت مربيتها وصديقتها المقربة.
وتابع: بعد ذلك امتلكت السيد أوجوست ميشيلي فندقاً كبيراً في ميناء سواكن على البحر الأحمر، فرغبت السيدة ميشيلي الإنضمام لزوجها لمساعدته في إدارة الفندق، وقبلت راهبات من فينيسيا طلب آل ميشيلي باستقبال بخيتة وميمينا في بيتهن لفترة من الزمن، هناك آمنت بخيتة بالمسيحية، وعندما طلبت إليها سيدتها العودة إلى السودان مع ميمينا رفضت ذلك وقررت البقاء مع الراهبات، حيث لم يكن أحد يستطيع إرغامها على العودة بما أنها كانت تقيم في إيطاليا وبالتالي لم تكن تعتبر عبدة بحسب القانون الإيطالي الذي لا يعترف بالعبودية أصلاً.
وواصل الأب وليم أنه بعد عدة أشهر تلقت بخيتة معمودية سر العماد المسيحي لتصبح مسيحية بشكل رسمي وكان ذلك بتاريخ 9 ديسمبر عام 1890، وأعطي لها اسم جديد (جوزفين)، وكرست بخيتة حياتها بالكامل للخدمة الكنسية بتاريخ 8 ديسمبر عام 1896، وذلك في مؤسسة القديسة المجدلية.
عام 1902 انتقلت جوزفين بخيتة إلى شيو حيث قضت هناك أكثر من خمسين سنة من الخدمة في بيت الراهبات، وكانت بخيتة محبوبة في تلك المنطقة فكان الجميع يناديها (الأم السوداء الصغيرة). في شيخوختها أصيبت بخيتة بالمرض، ورقدت فى الرب يوم 8 فبراير 1947م.
واختتم قصتها أنه بتاريخ 17 مايو 1992 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني جوزفين بخيتة كطوباوية وأعلنها قديسة في الأول من أكتوبر عام 2000م.