داخل عقل كيروش.. كيف يخطط الفراعنة لترويض الأُسود؟
بعدما أثبت براعة كبيرة فى مواجهة الخصوم الكبار، يخوض منتخبنا الوطنى، غدا، تحديًا جديدًا أمام الكاميرون، بحثًا عن الصعود إلى نهائى البطولة التى يعشقها المصريون، ويرتبطون بها كما العادات البيولوجية. لدى البرتغالى كارلوس كيروش تحدٍ آخر، وهو إثبات حكمته الشديدة فى قراءة ودراسة الخصوم الكبار الذين تخوف منهم الجميع، مع تقديم درس تكتيكى من أستاذ وفيلسوف وصل متأخرًا لبلاد ماما أفريكا، وليس مصر فحسب.
بلا شك فإن الفضل، يعود بعد الله أولًا، للبرتغالى كيروش فى قراءة كوت ديفوار وتعطيل محركاته، ومفاجئة المغرب بسيناريو لم يتوقعه أحد.
لذلك فإن ثقتنا كبيرة للغاية فى تقديم قمة أخرى الليلة، رغم أننا نصطدم بوجه آخر لمنتخب لم نقابل فريقًا يلعب بأسلوبه، عوضًا عن تمتعه بدعم جماهيرى يقارب ٧٠ ألف مشجع، غير الميول التحكيمية، أو تأثر الحكام بالصافرات إذا أحسنا الظن.
منتخب الكاميرون، يُعد الأصعب لأسباب عديدة على رأسها امتلاك نفس الشخصية القوية التى كانت سر تفوقنا فى الأدوار السابقة، فهو فريق بطل، ولاعبوه رغم أنهم أقل جودة ممن واجهناهم فى المغرب وكوت ديفوار وحتى نيجيريا، فإن سماتهم الإرادية ودوافعهم الكبيرة تجعلك أمام نسخة متقاربة ومتشابهة إلى حد كبير من روح اللاعب المصرى وقتاليته على كل تفصيلة صغيرة.
هنا تكمن صعوبة المباراة بين ندين متقاربين فى أشياء كثيرة خارج الملعب قبل داخله، فلن تتسرب الشكوك لأحدهم حتى اللحظة الأخيرة، وإذا فقد أى منهم زمام المبادرة فلن يستسلم، وإذا تأخر فى النتيجة فهو قادر على العودة.
هى مواجهة لا تحتاج فقط الأكثر قوة، إنما تتطلب أيضًا الأكثر رغبة وإرادة وإصرارًا، فى نزال لم يخطئ صامويل إيتو حينما وصفه بأنه حرب، لطالما هو فى سياق الحديث عن معركة قتالية ورجولية وروح الأبطال.
المنتخب الكاميرون قوى فى العمل، ليس ممتعًا بالمرة، أفراده عاديون للغاية، لكنهم أقوياء بدنيًا بما يكفى للفوز على أى فريق إفريقى، ويعملون بلحمة كبيرة جدًا خاصة عندما يفقدون الكرة، فتكون المساحات ضيقة للغاية.
أنطونيو كونسيساو، المدير الفنى للكاميرون واحد من أهم أبطال هذه النسخة، مدرب يعمل بشكل خططى رائع، ورغم أنه لم يواجه منتخبات قوية، لكنه أظهر بعضًا من الشخصية القديمة التى نعرفها عن الكاميرون.
لن تحصل على مساحات كبيرة حينما تمتلك الحيازة أمام هذا الفريق إلا فى بعض الحالات النادرة، وفى الغالب قلما وجدت نفسك فى حالة لاعب فى مواجهة لاعب مثلما نريد أن نضع محمد صلاح دائمًا لنسمح له بأداء عروضه السحرية أمام المرمى.
أما هجوميًا فهو منتخب لا يمتلك حلولًا كثيرة، وربما تختصر قوته فى الكرات العرضية خاصة من الجهة اليمنى لاستغلال أطوال كل من فيسينت أبوبكر، هداف البطولة، وزميله إيكامبى. كلاهما بارع فى الرأسيات وكذلك التسديد، ويتم فى الغالب تجميع الكرة بالجهة اليمنى للظهير المتقدم فاى، الذى يرسل عرضيات متقنة للغاية، يستغلها هذا الثنائى.
كذلك هما خطران للغاية فى تحركاتهما فى عمق الملعب وبين قلبى الدفاع، ويستخدمان سرعات كبيرة جدًا فى عملية الاختراق.
لكن مثلما هو خطر هجوميًا، فإن المساحات خلفه تظهر لمن يجيد سرعة التحول، وهذا يجعلنا مطالبين بسرعة التمرير واللعب الطولى المباشر خلفه لمرموش وكذلك مصطفى محمد وتريزيجيه فى الجزء الأخير من المباراة. فى وسط الملعب، يعول الكاميرون على أندريس أنجويسا ونيكامولا فى صناعة اللعب، لكن خلف الأول، بالتحديد فى منطقة الوسط الأيسر، تظهر مساحات يمكن لمحمد صلاح أن يقدم ليلة كبيرة فيها، حينما يلعب فى أنصاف المساحات.
تقدم عمر كمال مهم للغاية من أجل تحرير صلاح واللعب فى هذه المساحة، لأن الكاميرون يعتمد أكثر على أنجويسا فى التقدم ورغم أن سامويل إفيس يدافع بقوة فى هذه المنطقة لكنه لن يقدر على ملئها وحده أمام محمد صلاح.
سيعود حمدى فتحى للتشكيل، وسيستمر عمرو السولية فى المحور، لكنه أقرب للتحول إلى الجهة اليسرى بعد أن لعب خلف صلاح فى اليمين المباراة الماضية، وفى كلتا الحالتين يجب أن يكون له دور كبير.
تقدم السولية الليلة مهم للغاية، وسيكون أكثر نفعًا من لعبه خلف الظهير المتقدم؛ لأننا بحاجة للعب بعمق الملعب أكثر، خاصة مع تواضع قلبى دفاع الكاميرون.
إذا بحثت عن المدافع الأفضل إلى جوار محمد عبدالمنعم، فنحن نحتاج للاعب صاحب طول قامة يجيد الكرات الرأسية، وهنا ربما يبرز محمود علاء عن الونش وأيمن أشرف.
مونجى وموتينج ورقتان ذاتا قيمة كبيرة على دكة الكاميرون بمقدورهما إحداث فارق، لكن تبقى أوراقنا فى وجود تريزيجيه وزيزو ومحمد شريف بحالة أقوى وأقدر على تغيير كل شىء إذا تعثرت الأمور.