حسين محمود: الترجمات من العربية للغات أخرى قليلة لخدمة أغراض معينة
عبر الكاتب والناقد وائل فاروق٬ أستاذ الأدب العربي بالجامعة الكاثوليكية بميلانو٬ عن سعادته بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
واستهل فاروق ندوة "عين على الآخر"، والتي عقدت ضمن المحاور الفكرية بالترحيب بالمفكر المترجم الدكتور حسين محمود، مشيرا إلى سيرته الفكرية، وبدأ الحوار الثري بسؤال حول عنوان الندوة: من هي العين ومن هو الآخر؟.
وبدوره قال الدكتور حسين محمود: العين هي التي تكون بقرب المصدر الذي تريد أن تتلصص عليه. والعين تعشق قبل القلب أحيانا، والصلة بين شمال البحر المتوسط وجنوبه، ليست فقط صلة عشق، ولا صلة جسور، فالعلاقة موجودة لا تنفصم.
ودعني أفرق بين الكيانات السياسية والنزاعات التي تنشب بينها وعلاقاتها ببعضها البعض، لكن العلاقات بين الشعوب قائمة منذ قديم الأزل بين مصر وإيطاليا. فعلي سبيل المثال مدينة ميلانو تكاد تكون مدينة مصرية في قلب إيطاليا، وبها أكبر عدد من المصريين والعرب والمسلمين، وهو عدد يزيد من الوجود الأفريقي في قلب القارة الأوروبية.
وتابع "محمود": والعين عاشقة، ولا نعرف كيف تورطت كليوباترا في حب أنطونيو، حتى يوليس قيصر بعد أن انتحرت بكاها ورثاها، رغم الحرب التي كانت دائرة وقتها بين مصر وروما. إلا أن هناك تعايش وتجانس بين المصريين والإيطاليين حاليا في إيطاليا، وظهر جيل ثان خليط ما بين أصول مصرية وأوروبية، وهذا التداخل الطبيعي بين الشعوب، صورته الواقعية المعاشة بشكل جيد، وإن كنا نحتاج إلي أن يكون هناك تعايش أكثر من وجود علاقات، فهذا يؤدي بالضرورة إلي إنتاج هجين وهو أفضل من الإنتاج المفرد، فالتلاقح بين الثقافات والأجناس يؤدي إلي نشوء علاقة بها حيوية أكبر.
وأضاف حسين: أن التحاقه بكلية الألسن بعد الحصول على الثانوية العامة، جاء من منطلق حبي للأدب، فعلي رفوف مكتبتي تجاورت كتب ديستوفيسكي وتولستوي وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، كتلة واحدة متجانسة، تتحدث لغة الأدب، فالأدب لا يوصف إلا بالأدب.
وعن خصوصية كل مجتمع عن الآخر أوضح حسين: بالطبع لكل مجتمع خصوصيته، لكن لغة الأدب تتحدث لغة مشتركة، فعلي سبيل المثال، لن نجد فارقا بين ما تناوله "فيرجيل" عن مجتمعه، وبين يوميات نائب في الأرياف التي كتبها توفيق الحكيم. قد تختلف المجتمعات في خصوصية كل منها عن الآخر، لكن الأدب يتحدث لغة واحدة من حيث التشابه في التناول، لكن الواقع الذي يتناوله الأدب هو ما له خصوصية.
ــ الترجمة نوع من التأويل
واستطرد حسين: الترجمة في حد ذاتها ليست ذات قيمة، ولكنها واسطة لا فضل لها في إنتاج الأدب أو التحكم في الرسالة التي ينقلها. فالترجمة نوع من التأويل بالضرورة، فالنصوص الأدبية تحتاج إلي أداة تعبيرية خاصة، تأتي من رؤية بلاغية مرتبطة بالسياق الثقافي.
وعن الترجمة العلمية أردف "حسين": طالما لدينا نقص معرفي فنحن نحتاج للإستعارة من الغرب، رغم أن هذا الغرب وصل إليه تراثه ومعارفه من التراجم العربية للمعارف والآداب اليونانية القديمة، لأنه لم يكن لديه هذه المعارف والعلوم، وهوما يحدث الآن معنا كعرب بصورة مقلوبة، فنحن نستعير العلوم والمعارف الغربية، وعندما تقوي ثقافتنا لن نحتاج إلي الإستعارة ويكون لدينا ثقافتنا التي نشأت من ظواهر مجتمعنا.
ولفت "حسين" إلى أن: دور المترجم في المجتمعات الناهضة أساسي، أما دور المترجم في المجتمعات غير الناهضة فهو غير أساسي، فنحن نترجم عن معظم اللغات، لكن قليل جدا هي الترجمات عن العربية، وهذا القليل هو الذي يخدم أغراض غير صحية سواء ترجمة الروايات الضعيفة أو التي تتحدث عن وضع المرأة المتخلف، لنقل صورة مشوهة عن واقعنا وعن مجتمعنا.