«مفتاح اللقب».. لماذا يجب الحذر أمام «أسود الأطلس»؟
كان انتقال الضغوط من منتخب مصر إلى كوت ديفوار، قاهر بطل إفريقيا الجزائر، هو المدخل الرئيسى وأهم أسباب انتصار «الفراعنة» على «الأفيال» فى كأس الأمم الإفريقية، فيومها وجد لاعبونا أريحية أكبر أمام خصم دخل المباراة فائزًا قبل أن تُلعب.
بعد المباراة القوية التى قدمها المنتخب الوطنى، عادت العيون تترقب زحف البطل الذى لا يفقد شخصيته أبدًا، ومعها عادت الأضواء والضغوط علينا مجددًا، وهنا يمكننا الوقوف على أول المصاعب التى ستواجهنا أمام المغرب فى قمة مباريات دور الثمانية، غدًا الأحد.
لا تلعب المعنويات دورًا رئيسيًا فى كرة القدم فحسب، بل كرة القدم بالأساس، كما لخصها أكبر فلاسفة اللعبة، هى لعبة معنوية.
الضغوط الكبيرة هى التى جعلت البداية صعبة للغاية على الجزائر حامل اللقب، فى حين لم ينتبه له أحد فى نسخة القاهرة، وكان يلعب بلا ضغوط، فوصل إلى التتويج فى نهاية البطولة.
الضغوط ذاتها صعّبت مهمة المنتخب المصرى فى انطلاقة البطولة، ولما اختفت هذه الضغوط ظهرت نسخة مغايرة تمامًا فى المباراة الأخيرة أمام كوت ديفوار.
لذلك مهم للغاية أن تكون تهيئة اللاعبين على مستوى عالٍ، وألا نُحاصرهم بسقف توقعات فوق طاقتهم، وألا نصورهم بالفريق القاهر، حتى لا يكون المصير والحال مثل كوت ديفوار وقبلها الجزائر.
لحسن حظنا فإننا سنواجه منتخبًا كبيرًا ومرشحًا للغاية، وهذا يجعلنا نتقاسم معًا فكرة الضغوط، فكلانا مرشح للفوز، وكلانا قادر على التتويج باللقب.
لكن علينا التأكد تمامًا، أنه بعيد عن العوامل المعنوية، رغم اتفاقنا الكامل حول قيمتها وأثرها، إلا أننا سنواجه منتخبًا أقوى بكثير من المنتخب الإيفوارى، وستكون مهمتنا أصعب.
قبل مواجهتنا مع كوت ديفوار قلنا هنا، فى نفس المساحة، بأن قوة «الأفيال» استمدوها من ضعف الخصم، الجزائر، الذى لعب بمقامرة وشكل انتحارى سهّل المهمة، لكن نؤكد الآن ونقول إن المغرب قوى لأنه قوى وشرس، وليس لأن خصومه ضعفاء.
كان بمقدورك قتل قوة «الأفيال» بإغلاق المساحات وتكثيف عدد اللاعبين فى منتصف الملعب فتحرمه من التحولات، بينما أمام المغرب ستواجه خصمًا يجيد كل أنواع الهجوم: المنظم والارتداد والتحولات، ولديه تنوع كبير فى طرق الوصول للمرمى.
بمعنى أوضح حتى لو تكتلت وتواجدت بكثافة عددية كبيرة فى نصف ملعبك، بمقدور المغرب فك هذه التكتلات عبر أفكار كثيرة.
ترتكز قوة المغرب على عدة عوامل، أبرزها الكثافة الكبيرة فى الثلث الأخير من الملعب، والهجوم بعدد كبير يصل لـ٦ و٧ مهاجمين فى بعض الأوقات.
يلعب «أسود الأطلس» بطريقة لعب «٤- ٤- ٢» تعول على مهاجمين صريحين هما: أيوب الكعبى ويوسف النصيرى، وجناحين مرنين هما: سفيان بوفال وعمران لوزا. أهم ما يميز هذه التركيبة الهجومية حالة اللامركزية وتبادل الأدوار، فلن تجد «بوفال» أو «لوزا» ملتزمين بالخط، وستراهما كثيرًا فى عمق الملعب خلف المهاجم ومعه، وأحيانًا فى الجهة العكسية لكل منهما.
تنجح هذ الفكرة بسبب الصعود الدائم للظهيرين أشرف حكيمى فى اليمين، وآدم ماسينا فى الجهة اليسرى، لذلك يحصل الجناحان على حرية الحركة فى العمق.
تلك الكثافة تجعل قدرة المغرب على فك التكتلات، سواء من العمق أو عبر الأطراف، قوية للغاية.. كذلك لديه قوة كبيرة فى إرسال الكرات العرضية لاستغلال العدد الكبير داخل منطقة الجزاء، واستغلال أطوال المهاجمين الصريحين: «نصيرى» و«الكعبى».
لديه فى وسط الملعب ثنائية رائعة مكونة من سفيان إمرابط، الذى يعد «محور الكون» بالنسبة للمغرب ومحرك كل شىء، فهو ضابط البوصلة والإيقاع، ومحدد وجهة الكرة، ويتميز بالرؤية العالية، والقوة البدنية، وبجواره سليم أملاح الذى يتقدم أيضًا ويمتلك قدرات فنية وحلولًا فردية رائعة.
هجوميًا أنت أمام وحش، لكن دفاعيًا سيكون أمامك مساحات كبيرة، وإذا أجدت التحولات، وكانت لديك سرعة فى النقل والتقدم، فإن المنتخب المصرى بمقدوره أن يسجل مرة واثنتين وثلاثًا.
يذكرنى منتخب المغرب بنسخة ألمانيا فى كأس العالم ٢٠١٨، يهاجم بشكل انتحارى، لكنه يتعرى تمامًا فى الخلف، وإذا كان هناك من يجيد الضغط ويقطع الكرة قبل وصولها إلى الثلث الأخيرة، مع سرعة فى التحول، فإنه يستطيع هزيمة المغرب بل وتحقيق نتيجة كبيرة.
المغرب إذا سجل هدفًا بمقدوره تكرار الأمر مرة واثنتين، وإذا استقبل فإن طريقك إلى مرماه سيكون يسيرًا للغاية.