سر الانتصار.. لماذا تبدل شكل الأداء أمام كوت ديفوار؟
ثقة واستحواذ على الكرة وفرص كثيرة ضائعة ودفاع قوى.. هكذا كان حال المنتخب المصرى أمام كوت ديفوار، فى المباراة التى جمعتهما فى دور الـ١٦ ببطولة كأس الأمم الإفريقية، أمس، مغايرًا تمامًا عما كان عليه من أداء باهت فى مباريات دور المجموعات.
بعد المباراة، قال كارلوس كيروش، المدير الفنى لـ«الفراعنة»، إن «منتخب مصر يُبدع تحت الضغط». وفى حقيقة الأمر فإن أحد أهم الأسباب التى جعلته يلعب بشكل رائع هو اختفاء الضغوط، بل وانتقالها تمامًا منه إلى خصمه كوت ديفوار.
على عكس ما يرى «كيروش»، فإننا تحت الضغط لا نلعب بشكل جيد، حتى أمام منتخبات ضعيفة، بينما حينما تحدث الجميع عن قوة كوت ديفوار وأنه الطرف الأقوى والأقرب للصعود، لعب منتخبنا بضغوط أقل، ما خلق حالة من الأريحية، لأنك حتى لو خسرت أمام فريق قهر الجزائر بطل النسخة الماضية، فهو أمر منطقى.
أفادتنا كثيرًا الهالة الكبيرة التى أحاطت فوز المنتخب الإيفوارى على الجزائر، وذلك من الناحية المعنوية، لأنها خلقت دوافع كبيرة لدى اللاعبين، للرد على كل من رآهم ضعافًا، وجعل منهم الطرف الخاسر قبل انطلاق المباراة من الأساس.
كانت موقعة الجزائر مفتاح النصر لنا، ليس على المستوى المعنوى فحسب، بل استفدنا فنيًا بشكل كبير، من خلال معرفة كثير من الأخطاء التى وقع فيها جمال بلماضى، وإدراك نقاط القوة لدى الخصم والعمل على كيفية إيقافها، وفى المقابل استغلال نقاط ضعفه.
كان السر الحقيقى وراء تفوق كوت ديفوار الكاسح على الجزائر، هو ظهور مساحات كبيرة، أمام فريق نقطة قوته الرئيسية التحولات. لذا اتبع «كيروش» فلسفة ضغط متوسط وفوق المتوسط، وعمل على تقريب الخطوط وتضييق المساحات، وهو ما قلل قدرة الخصم على خلق الفرص والوصول للمرمى، مثلما كان الحال فى مباراتها أمام «محاربى الصحراء».
عمل «كيروش» أيضًا على وقف خطورة أطراف كوت ديفوار، وبفضل الالتزام التكتيكى الكبير لمحورى الوسط: محمد الننى وعمرو السولية، لم نجد الظهيرين: عمر كمال وأحمد فتوح فى موقف لاعب على لاعب، أمام جناحى «الأفيال».
كنا نتخوف كثيرًا من نيكولاس بيبى، وحقًا لو انفرد بأحمد فتوح لخلق صعوبات كثيرة، لكن التزام «السولية» وكذلك حمدى فتحى، وتكوين مجموعات ضغط ثنائية وثلاثية، حرم المنتخب الإيفوارى من إحدى أهم مميزاته.
وفى الجهة الأخرى، أدى محمد الننى الدور ذاته، داعمًا عمر كمال عبدالواحد فى الناحية اليمنى، الذى كان يتخوف منه الجميع دفاعيًا، لأنه كثير التقدم لكونه لاعب مهاجم بالأساس.
كان «الننى» و«السولية» كلمة السر دفاعيًا كما شرحنا، وهجوميًا أيضًا، لأننا وللمرة الأولى نجد محور وسط يتقدم كثيرًا هو «السولية»، الذى تواجد فى مناطق الخصم، ونجح فى تحقيق الكثافة العددية فى الثلث الأخير، ما منح المهاجمين خيارات عديدة، وأسهم فى خلق مزيد من الفرص التى فشلنا فى استغلالها.
كذلك لعب «الننى» الدور الأبرز فى ربط الخطوط، وكان بارعًا فى التمرير الطولى وتحقيق فكرة السرعة فى التحولات، وهو ما ساعد محمد صلاح فى الظهور بشكل خطر على مرمى كوت ديفوار.
كانت مباراة مثالية من «الننى» و«السولية»، وكانا معًا مسار التحول الحقيقى فى شكل المنتخب، بعد تقديم الدور المفقود فى الوسط.
مشكلتنا الأساسية التى نتمنى أن نعثر على علاج لها هى كثرة تضييع الفرص، الناتج عن قلة تركيز وبعض التوتر عند البعض، وكذلك سعى البعض الآخر لإثبات الذات، ما خلق نوعًا من الأنانية فى بعض الفرص.
«صلاح» كان رائعًا للغاية، قدم أفضل مباراة له من زمن بعيد، بعد تصريحاته المثيرة للجدل حول الضغط الذى يمارسه الجمهور على اللاعبين، لكن فيما يبدو أن هذا الضغط أتى بثماره.
ربما لم يقدم «صلاح» الأداء الذى يعبر عن أفضل لاعب فى العالم، لكن الأهم أنه أخرج ١٠٠٪ مما يمتلكه، ولم يبخل لحظة، وظهر ذلك فى كم الركض و«الاسبرنتات» التى قطعها على كرات كانت نسبة الفوز بها أقل بكثير من نسب فقدها.
هذه الروح جعلت نجم ليفربول فعالًا أكثر من أى مباراة أخرى، ولو تعاون معه «تريزيجيه» ومصطفى محمد بشكل جيد، لسجل هدفين على الأقل، لكنه لم يجد من يمرر له بشكل سليم فى المواقع المثالية التى اتخذها أكثر من مرة.
تبقى أن نقول إن محمد الشناوى هو الجندى المجهول فى هذه الموقعة، ولولاه ما وصلنا إلى ضربات الترجيح، خاصة فى الانفراد الذى تصدى له ببراعة وأصيب فيه، لكنه غادر وهو الأفضل، ليس فى المنتخب فحسب، بل بين الأفضل فى البطولة، مع فيسينت أبوبكر، مهاجم الكاميرون، وأشرف حكيمى، ظهير المغرب.
أهم الانتصارات التى حققناها ويجب الحفاظ عليها هو استعادة الروح والشخصية المصرية، فبها تستطيع كسب كل المعارك، ودونها أنت لا شىء.