«تغازلني امرأة».. رجال تعرضوا للتحرش على يد النساء ويخشون الإبلاغ
أن تسمع عن وقوع حالة تحرش، غالبًا ولا مجالًا للشك، يتوارد إلى ذهنك بأن المتحرش هنا ما هو إلا "ذئب بشري" ذكرًا تجرد من مشاعر الإنسانية والقيم الأخلاقية، وهجم على عِرض امرأة أو فتاة لهتكه.
ولكن ما لا قد يتوقعه كثيرون، أن التحرش لم يعد قصّرًا على الرجال فقط، بل امتد ليشمل النساء كذلك، فأصبح المُتحرش أحيانًا هو تلك "الأنثى" التي خلقها الله قد فُطرت على الحياء والدلال، لنجد أنه كما أن هناك صرخات لنساء تعرضن للتحرش على يد ذكور، فهناك أيضًا نداءات أخرى “ربما هي الأصمت والأقل علانية” من رجال يستنجدون من تحرش نساء بهم.
نفتح في"الدستور" هذا الملف الشائك الذي تتبدل فيه الأدوار وتتنازل فيه المرأة عن حيائها ودلالها وأخلاقياتها، وتلعب دور الذئب المتحرش بالجنس الآخر.
مديرته في العمل ودفع ثمن الرفض الاستقالة
رافضًا ذكر اسمه قال "م.ع" أحد العاملين بشركات التأمين، إنه في بداية عمله كانت مديرته المباشرة سيدة كبيرة بالعمر، لكنه لاحظ تصابيها بعض الشيء.
على الرغم من انتقاده لهذا الأمر، قرر "م.ع" عدم الالتفات إلى ذلك -على حد قوله- محدثًا نفسه بأن ما بينه وبينها هو العمل فقط، وليس له شأن بحركاتها المتصابية، ولا مظهرها الخارجي المبالغ فيه الذين كانوا حديث زملاؤه أيضًا.
ولكن مع مرور عدة أسابيع انتبه إلى أن نظرات مديرته مريبة وليست طبيعية، فهي تحمل معاني الغزل الصريح، وذلك على الرغم من كونها سيدة متزوجة ومن فارق العمر بينهما.
عمد "س.ن" إلى عدم توضيح انتباهه لنظرات مديرته له، ولكن الأمر تطور إلى كلمات واضحة منها تدل على أنه يعجبها وتشتهيه رجلًا، واتبعت في ذلك العديد من أساليب إغواءات المرأة.
يقول: "رفضت كافة محاولاتها لإغوائي، إلا أنني كنت سأضعف حين مرة، وأقبل، وما جعلني أعود عن هذا هو تذكري لربي"، وتابع أنه حاول تجنبها بالعمل بعد ذلك، ولكن باءت محاولاته بالفشل، خاصة مع كونها مديرته المباشرة، فبدأت تتعمد مضايقته بالعمل والإساءة له بغير وجه حق، وذلك لكونه لم يستجب لطلبها، وهو الأمر الذي دفعه إلى تقديم استقالته من هذا العمل، ليكن السبب الرئيسي في خسارته عمله هو تلك المرأة وتحرشها به.
عبارات خادشة للحياء ولمس أجزاء حساسة من الجسم
لم ينكر كذلك "ن. س" يعمل بأحد المصالح الحكومية، أن الرجال مثلهم مثل النساء يتعرضون للتحرش من قبل بعض السيدات، ولكن أوضح أن الأمر بالطبع ليس بنفس المعدل على الإطلاق.
وتابع أنه تعرض للتحرش اللفظي عدة مرات من قبل عدد من الفتيات، وذلك لملامحه الأوروبية التي تجذبهن، قائلًا" وكأن الآية اتقلبت والبنات هما اللي بيعاكسوا وبيقولوا للرجالة كلام زي يا مزّ.. يا جميل..ياقمر".
وأضاف أنه وصل الأمر مع بعض المتحرشات إلى التجرؤ والقدوم على لمس جسده مباشرة، ومحاولة الوصول إلى بعض الأماكن الحساسة.
وأكد “ن.س” أن الأمر في البداية يكون لطيفًا للرجل لكونه يشعر بأهميته وإعجاب الطرف الآخر به، ولكنه مع الوقت يستثقله، خاصة في حال كان من طرف غير معجب به هو الآخر، وليس لديه قبول لإقامة أي علاقة معه، فيظهر على الرجل علامات النفور من تلك المرأة المتحرشة.
الشكوى ستشعره بانتقاص رجولته
الدكتورة ياسمين محمود، استشاري الأمراض النفسية، أوضحت أن الغريزة الجنسية من الطبيعي أن تكون ذات نشاط زائد في الرجال عنها في النساء، وهو ما يفسر أحيانًا تعرض النساء للتحرش أكثر من قبل الذكور.
وتابعت، "ولكن من ناحية أخرى فهناك بعض النساء اللواتي لديهن بعض الانحرافات الجنسية، والتي تجعلهن يعانين من زيادة شهواتهن للجنس الآخر، وبالتالي يلجأن أحيانًا الى التحرش بالرجال".
أما عن عدم تصريح بعض الرجال بتعرضهم للتحرش من قبل سيدات، فقالت إن ذلك يرجع إلى شعور الرجل أحيانًا برجولته في حال تعرض للغزل بل وحتى للتحرش من قبل المرأة، كما أن كثيرًا من الرجال يشعرون بانتقاص رجولتهم في حال شكوى من تحرش نساء بهم.
عقوبة التحرش القانونية واحدة
وكشف محمود سمير، أستاذ القانون الجنائي، أن العقوبة القانونية لكل من واقعة التحرش والتحرش اللفظي واحدة بالنسبة للرجل والسيدة، وقال إنه وفقًا لتعديل المشرع المصري، يتم إدراج فعل التحرش تحت الجناية والجنحة، وإذا وقع الفعل تحت وصف الجنحة، وهو ما يعني التعرض دون كلام أو أفعال، تأتي العقوبة بالسجن من سنتين لأربع سنوات، وغرامة مالية يتراوح قدرها من 100 ألف إلى 200 ألف جنيه.
وتابع أنه إذا تكرر الفعل، تأتي العقوبة بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تتراوح من 100 ألف إلى 300 ألف.
وأضاف أنه في حال تعرض الضحية بقصد الحصول على منفعة جنسية، فيتم وصف الفعل كجناية، وتتراوح مدة عقوبته بالسجن المشدد من 5 سنوات إلى 15 عاما.
تشمل أشكال التحرش الجنسي بالرجال عدة أشكال منها ما هو عن طريق الكلام، الهاتف، الخطاب القصير، رسالة عبر وسائل التواصل الإجتماعي ويمثل الأمر السابق 57%، أما نسبة 34% عن طريق اللمس أو الاحتكاك باليد، ونسبة 7% بواسطة لمس أماكن حساسة بالجسم.
إحصائيات صادمة
ووفقًا لإحصائيات مركز حماية المجتمع التابع للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فإن نسبة 9% من الرجال تعرضوا للتحرش من قبل النساء، ومن بينهم نسبة 4% من الرجال اضطروا لإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، بسبب ضغط خارجي من قبل سيدات من الممكن أن يكونوا مديرات أو مالكات شركات أو على نفس النهج.
في عام 2019، وصلت نسبة بلاغات التحرش المقدمة من الرجال، في الولايات المتحدة، حوالي 16.9% من إجمالي 7514 تهمة تحرش جنسي تم رفعها إلى لجنة تكافؤ فرص العمل الأمريكية (EEOC).
وفي دراسة أخرى تمت من قبل الباحثين في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، تم اكتشاف أن بعض الشباب اشتكوا من التحرش بهم، حيث تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 عامًا، والالتزام بالصمت هو يكون الحل بالنسبة لهم من جانب نساء أغلبهن محرومات من الجنس الآخر في حياتهن.