رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلطة استعادة الثقة.. ماذا ينقص المنتخب بعد موقعتى نيجيريا وغينيا بيساو؟

المنتخب المصري
المنتخب المصري

بمهارة فردية خالصة، خطف محمد صلاح الفوز الأول لمنتخب مصر أمام غينيا بيساو، لكن ذلك لم يُخفِ أبدًا العوار الكبير الذى ما زال يعانيه منتخبنا الوطنى فى بطولة أمم إفريقيا، مع استمرار الأداء المهزوز تحت قيادة البرتغالى كارلوس كيروش.

صوّب البرتغالى «خرافات» الجولة الأولى، بإعادة محمد صلاح لمركزه الطبيعى فى الجناح الأيمن، ومصطفى محمد كمهاجم صريح، لكن ذلك لم يكن كافيًا لعلاج عيوب خططية جمة ظهرت بوضوح خلال المباراة.

اعتمد «كيروش» على ثلاثى فى الوسط، بوجود عمرو السولية فى الارتكاز أمام الرباعى الخلفى، وعلى الورق أمامه عبدالله السعيد ومحمد الننى فى محورى الوسط.

لكن على أرض الملعب لم نر أدوارًا فاعلة للمحاور، وتفاجأنا بـ«عبدالله السعيد» الذى كان من المفترض أن يوكل بمهام صناعة اللعب ونقل الفريق للثلث الأخير من الملعب، متراجعًا دائمًا لطلب الكرة من قلب الدفاع لتنفيذ عملية البناء.

«السعيد» كان يعود للخلف بشكل متكرر، وبالقرب منه «السولية» أمام قلبى الدفاع، ولم يكن «الننى» بعيدًا عنهما، ووجود هذا الثلاثى بمقربة من الخط الخلفى عزلهم تمامًا عن الخط الأمامى، الذى لم يجد دعمًا كافيًا من لاعبى الوسط، لذلك لم يكن مصطفى محمد وعمر مرموش ومحمد صلاح فى أفضل حالاتهم، إلا بجهود فردية ومساعى كل منهم على حدة.

راهن «كيروش» على فكرة واحدة منحتنا بعض القوة الهجومية، وهى إطلاق الحرية الكاملة للظهير المتقدم عمر كمال عبدالواحد، الذى قدم مباراة رائعة فى الجهة اليمنى، ومنح المنتخب قوة هجومية كبيرة.

«كمال» كان له دور كبير فى الثلث الأخير من الملعب، وأرسل كمًا كبيرًا من الكرات العرضية، لكن خط الهجوم فشل فى استغلالها، بسبب وجود مصطفى محمد المهاجم الصريح وحيدًا طوال الوقت.

قلة الكثافة العددية كان سببها الرئيسى- كما أوضحنا فى البداية- عودة ثلاثى الوسط إلى مناطق متأخرة من أجل التحضير والبناء من الخلف، فبدلًا من تقدم المحاور وتقديمها الدعم الهجومى، ظلت كرات كمال العرضية تبحث عمن يحولها للمرمى، حتى دخل أحمد سيد «زيزو»، الذى أظهر للجميع فارقًا كبيرًا بين المحور المبادر الذى يتقدم ويؤدى الأدوار الهجومية فى مناطق متقدمة، والمحور العاجز الذى مثله بشكل واضح عبدالله السعيد طوال ٦٠ دقيقة.

بات واضحًا للجميع بعد مباراتين متتاليتين، أن أزمات المنتخب المصرى تتلخص فى تركيبة وسط الملعب، التى لا يجيد «كيروش» حتى الآن اختيار عناصرها بشكل أمثل، أو حتى توظيف تلك العناصر فى الأدوار التى تناسبهم.

المنتخب المصرى فى طريقة «٤-٣-٣» التى ينتهجها البرتغالى، بحاجة إلى توظيف لاعبين فى محور الوسط أمام الارتكاز الدفاعى يكونان أصحاب أدوار هجومية، لا تقتصر أدوارهما على البناء فحسب، فمن المستحيل أن يخلق أى فريق يعتمد على «٤-٣-٣» فرصًا تهديفية دون تقدم لاعبى المحور ووجودهما بالثلث الأخير، بل وتبادلهما الأدوار مع المهاجمين والظهيرين المتقدمين فى أحيان أخرى.

«السولية» و«زيزو» هما المحوران المثاليان لتشكيلة المنتخب المصرى، فكلاهما قادر أولًا على ممارسة الضغط بقوة كبيرة فى مناطق متقدمة، وكذلك التقدم للثلث الأخير من الملعب ولعب أدوار هجومية كبيرة ودخول منطقة جزاء الخصم، مع امتلاكهما كذلك حلول التسديد البعيد والتمرير البينى والكرات العرضية، علاوة على أن لياقتهما البدنية تساعدهما فى الالتزام الخططى والعودة لتقديم أدوار دفاعية كبيرة.

تلك الثنائية تحقق معادلة رائعة، فالأول أحمد سيد «زيزو» يجيد اللعب على الطرف، الذى يمكنه تبادل الأدوار مع الجناح الأيمن محمد صلاح، وتكوين ثنائية رائعة مع عمر كمال، والثانى عمرو السولية يجيد اللعب فى العمق، والتحول إلى المهاجم لتقديم الدعم الكافى لمصطفى محمد، وتحقيق الكثافة فى منطقة الخصم لاستقبال الكرات العرضية.

الأمر بات واضحًا لـ«كيروش» ولنا جميعًا، مزيد من محمد الننى يعنى مزيدًا من الضعف، ومزيد من عبدالله السعيد يعنى مزيدًا من العجز، ومزيد من العناد يعنى مزيدًا من الخسائر.

الفوز على السودان- وهو الأقرب للحدوث- سيلعب دورًا رئيسيًا فى رفع المعنويات وإزالة الضغوط، ما يسهم فى التحسن والتطور تدريجيًا، لكن الأهم هو تعديل الشكل قبل أن تصطدم بفريق كبير بحجم الجزائر أو كوت ديفوار فى الأدوار التالية.