في ذكرى افتتاحه.. إطلالة على المتحف الزراعي المصري وأهم مقتنياته
قبل 84 عامًا، افتتح في مثل هذا اليوم من عام 1938 المتحف الزراعي المصري، لتوثيق وحفظ ذاكرة مصر الزراعية، منذ استقرار المصريين القدماء حول مجري نهر النيل، لتهدي الحضارة المصرية اكتشاف الزراعة إلى الحضارات البشرية حول العالم وحتى يومنا هذا.
ويعد المتحف الزراعي المصري، الذي أطلق عليه في البداية متحف فؤاد الأول الزراعي، والمقام في سراي الأميرة فاطمة إسماعيل والتي كانت قد وهبته في عام 1908 للجامعة المصرية، ثاني أهم مكان متخصص في الزراعة على مستوى العالم بعد المتحف الزراعى في العاصمة المجرية بودابست.
تبلغ المساحة الكلية للمتحف حوالي 125 ألف متر مربع، تشغل منها مباني المتحف حوالي 20 ألف متر مربع، وباقي المساحة عبارة عن حديقة تضم عدة أشجار وشجيرات ونباتات نادرة ومسطحات خضراء وصوب زراعية إضافة إلى حديقتين على الطراز الفرعوني.
ويتكون المتحف الزراعي المصري من عدة متاحف فرعية هي: متحف المجموعات العلمية، متحف الثروة النباتية، متحف الزراعة المصرية القديمة، متحف القطن، ومتحف العصر اليوناني الروماني والمتحف الإسلامي، ومتحف المقتنيات التراثية، ومتحف البهو السوري ومتحف الصداقة الصينية.
كما يضم المتحف الزراعي المصري قاعة للسينما وأخرى للمحاضرات ومعامل الترميم والصيانة والتحنيط والتصبير والحفظ وأقسام التصميم والديكور والنماذج، والورش الفنية لتنفيذ أعمال النجارة والكهرباء والحدادة والأزياء.
وحول الكتاب وطبيعة موضوعه، قال مؤلفه الدكتور إبراهيم عبدالعزيز، إن المتاحف هي ذاكرة الأجيال، وحافظة التاريخ وأحد أهم أدوات نقل المعرفة والهوية عبر الأجيال المتعاقبة، لذا جاء اهتمام الدولة المصرية منذ عصر نهضتها وحتى اليوم، بإنشاء المتاحف كأحد أبرز مظاهر المدنية والتقدم، وإنشاء المتحف الزراعي كعلامة بارزة في تاريخ المتاحف المصرية.
فكرة إنشاء المتحف الزراعي المصري
في كتابه "في المتحف الزراعي"، يذهب مؤلفه الدكتور إبراهيم عبد العزيز، إلى أنه كان الغرض من إنشاء المتحف الزراعي في مصر من أجل التوثيق لذاكرة مصر الزراعية، ونافذة تطل منها كل الأجيال على حضارة مصر الزراعية، فضلًا عن كونه مركزًا للثقافة الزراعية، وهو أكبر المتاحف المصرية مساحة، ويمكن اعتبار هذا المتحف ثمانية متاحف لا متحف واحد، وتزيد مساحة هذا المتحف على ثلاثين فدانًا، ويعد ثاني متحف زراعي في العالم بعد المتحف الزراعي المجري.
وحين فكر الملك فؤاد في إنشاء متحف يوثق الزراعة المصرية، فقد قرر أن يكون قصر الأميرة فاطمة إسماعيل مقرًا لهذا المتحف، وكان مما أثر في الملك فؤاد أثناء وجوده في أوروبا حين حضر احتفال الألفية المجرية والذي أقامته المجر عام 1896، احتفالا بمرور ألف عام منذ استوطنت القبائل المجرية وسط أوروبا.
وكان أهم معلم تم إنشاؤه من أجل هذه الاحتفالية المتحف الزراعي المجري في بودابست، ليصبح أكبر وأول متحف زراعي في العالم بمساحة تقدر بـ4580 متر مربع ليعرض فيه معالم الحياة الريفية والبرية والشعبية المجرية.
وقد تأثر الملك بتجربة المجر ومحاولته نقل خبرات المجر في هذا المجال، فقد استقدم مصممى المتحف الزراعى بالعاصمة المجرية بودابست لتصميم وبناء المتحف الزراعى المصرى، وقد تم تشييده على النمط الأوروبى المستوحى من العصر القوطي.
وبالفعل نجح المجريون في إنشاء أكبر المتاحف المصرية وهو المتحف الزراعي المصري الذي سمي وقت افتتاحه في 1930 بمتحف فؤاد الأول الزراعي.
وفوجئ المجريين بحجم التراث الزراعي المصري والذي يستحيل أن يحتويه مبني واحد، حتى لو كان قصرا مشيدا، فتم بناء قصر آخر بجوار قصر الأميرة فاطمة إسماعيل، واستضاف قصر الأميرة المعروضات العلمية والحيوانية بينما استضاف المبنى الجديد المعروضات النباتية.
ويضيف "عبد العزيز": ثم قام المجريون بإنشاء قصر ثالث ضم مكتبة ضخمة تحتوي أكثر من 20 ألف كتاب كمنارة علمية للباحثين في المجال الزراعي، كما ضم المبنى الجديد قاعة عرض سينمائي وقاعة محاضرات لاستضافة المؤتمرات والفعاليات.
ولم يتوقف تطور المتحف الزراعي منذ ذلك التاريخ، فتمت إضافة مبانٍ أخرى متعددة، منها مبنى كامل لمتحف القطن، ومبنيين للزراعة المصرية القديمة في العصر الفرعوني وعصور ما بعد الفرعوني، كما تم بناء مبنى سمي بالبهو العربي يضم مقتنيات من سوريا أثناء الوحدة مع مصر.
بجانب إنشاء مبنى كامل يضم مقتنيات تراثية كان مملوكة للأميرة فاطمة إسماعيل ونقلت أثناء تحويل القصر إلى متحف، وآخر المباني التي افتتحت داخل المتحف الزراعي كان متحف الصداقة المصرية الصينية والذي يضم مقتنيات من الخزف الصيني.