لماذا رسب المدرب البرتغالى فى الاختبار الأول؟
لم يكن أحد يتوقع هذه البداية الأسوأ للمنتخب المصرى فى بطولة أمم إفريقيا أمام نيجيريا، ليس بسبب الخسارة فحسب، بل للغياب التام وافتقار أساسيات كرة القدم، لدرجة جعلتنا نشك فى أن المنتخب لم يغادر القاهرة بعد، وأن نجمه محمد صلاح لا يزال فى «أنفيلد».
فى «الدستور» قبل انطلاق البطولة حذرنا من عنجهية وغرور المدير الفنى كارلوس كيروش، لكن لم نتخيل حينها أن تصل مكابرته إلى الدرجة التى يمارس فيها كل الحماقات جمعاء، فيصدمنا بتبديل مراكز كل اللاعبين، صلاح يلعب مهاجمًا صريحًا، ومصطفى محمد فى الجناح، وتريزيجيه فى الوسط، والننى فى صناعة اللعب، أو خارج اللعب بالأساس.
منذ البطولة العربية، رأينا البرتغالى يحاول استنساخ طريقة لعب ليفربول من أجل التخديم على صلاح، وفى سبيل ذلك حوّل المهاجمين الصريحين مصطفى محمد ومحمد شريف إلى مركز الجناح، سعيًا للاعتماد على أجنحة تُجيد لعب دور المهاجم الصريح، لكن الكارثة الكبرى كانت بتحويل «صلاح» إلى مركز المهاجم الصريح الموكل فى هذه الطريقة بتفريغ المساحات واللعب بالأسفل من أجل توصيل الجناحين للمرمى، كما يقوم فيرمينيو أو جوتا للتخديم على الجناحين مانى وصلاح فى ليفربول.
بهذه التبديلة فقدنا صلاح الذى يجيد حينما يلعب بزاوية قطرية، ويحصل على حرية الحركة بين العمق والجهة اليمنى بتبادل الأدوار مع محور الوسط الأيمن والظهير الأيمن.
كانت هذه هى الكارثة الأولى، أما الكارثة الثانية فكانت فى مصطفى محمد، الذى لم يعرف شيئًا فى حياته غير الاقتراب من منطقة الجزاء، ثم فوجئنا بين عشية وضحاها بأنه يلعب على الخطوط.
«كيروش» تناسى أيضًا أن مصطفى محمد ليس الجناح القادر على امتلاك الكرة على خط الملعب، أو المراوغ الذى يستطيع تجاوز المدافعين، ولا حتى تقديم الدعم الدفاعى المطلوب للظهير الذى يلعب خلفه، والذى عانى بشدة أمام الجناح النيجيرى سيمون.
كذلك من الكوارث التى لا تُغتفر لكيروش، والتى حذرنا منها سابقًا، أننا لا نمتلك محاور وسط تستطيع القيام بمهام هذا المركز فى طريقة ٤/٣/٣ إلا عمرو السولية، وأننا بحاجة إلى لاعب قادر على الحيازة والتملك والتدوير والتحكم بالرتم.
ولذلك، وحينما تاه المنتخب لم يجد من يقف على الكرة ويوجه اللعب، لأنه يفتقد بالأساس هذا اللاعب القادر على القيام بهذا الدور، كما أن محورى الوسط، الننى وتريزيجيه، لم يستطع أى منهما دخول منطقة جزاء الخصم ولا مرة واحدة، وهنا كانت الكثافة العددية فى الثلث الأخير معدومة تمامًا، لذا عجز المنتخب عن صناعة أى فرصة.
وكذلك كشف اختيار كيروش محمد عبدالمنعم بدلًا من أكرم توفيق عن أخطائه الكارثية فى قائمة اللاعبين، فإذا لم يكن مقتنعًا بالظهير عمر كمال من الأساس فلماذا لم يأت بظهير أيمن يعرف طبيعة أدوار هذا المركز، مثل أحمد فتحى أو محمد هانى، بدلًا من الإلقاء بلاعب صغير وجد نفسه فجأة ضحية ونقطة ضعف كبيرة كلفت منتخبه الكثير، ولولا قلة تركيز مهاجمى نيجيريا لكانت الخسائر أكبر.
الآن، لا وقت لدينا للبكاء، ولحسن حظنا فإننا لن نقابل خصمًا بحجم نيجيريا فى المجموعة، ولحسن حظنا ثانية فإن البطولة تقوم على نظام صعود أفضل ٤ منتخبات من أصحاب المركز الثالث من أصل ٦، وصحيح أنه لا يليق بنا هذا المركز، ومن الطبيعى أن نصعد فى الترتيب الثانى على الأقل، لكن وجود هذا النظام يجعلنا نلعب بضغوط أقل، وبمخاوف محدودة.