الكنيسة الكاثوليكية تحيي ذكرى رحيل القديسة «سينكليتيكا»
تحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم ذكري رحيل القديسة "سينكليتيكا" إذ روى الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرتها قائلا: وُلدت سينكليتيكا حوالي عام 266م من أبوين شريفين استقرا في الإسكندرية ليكونا على مقربة من مدرستها العظيمة، وكانا قد أنجبا ولدين وبنتين فأرادا أن يثقفانهما بأسمى أنواع الثقافة التي لم تكن متوفرة سوى في مدرسة الإسكندرية.
وتابع: فُجعت هذه الأسرة بوفاة أصغر إخوة سينكليتيكا في صباه، أما الأكبر فقد انتقل إلى عالم الخلود ليلة زفافه، وكان من أثر الصدمتين أن اندفعت سينكليتيكا إلى التفكير والتأمل وإلى الانطواء على نفسها وأضحت مباهج العالم ومفاتنه في نظرها سرابًا خادعًا.
وواصل: حين طغت عليها هذه الخواطر قرّرت أن تكرّس حياتها لخدمة الله، على أنها أدركت في الوقت عينه أنها لا تستطيع ترك أبويها، لأنها إن تركتهما فستزيدهما حزنًا على حزن، فاستمرت تعيش في البيت معهما ولكنها أعلمتهما بأنها ترغب في الاحتفاظ ببتوليتها.
مضيفًا: طلبا إليها في بادئ الأمر أن تتزوج كي يتعزيا بتربية أولادها، ولكنهما نزلا على رغبتها حين اتضح لهما أنها صادقة العزم فيما قالت، ومن ثم وضعت لنفسها نظامًا نسكيًا تسير عليه بكل دقة وإخلاص وهي مقيمة في بيت أبويها.
وظلت سينكليتيكا مداومة على أصوامها وصلواتها ونسكها وتعبدها في بيت أبويها إلى أن انتقلا إلى عالم النور، وعند ذاك وزّعت أموالها على الفقراء وأخذت أختها وذهبت إلى مقبرة العائلة حيث عاشت بضع سنوات، وفي تلك الفترة ضاعفت أصوامها وصلواتها وتأملاتها.
وواصل: بدأ عبير حياتها ينتشر في الأرجاء إلى أن ملأ الإسكندرية، فجاء لزيارتها عدد غير قليل من الشابات. البعض منهن لمجرد رؤيتها وأخذ بركتها، والبعض الآخر مستفسرات عن حل مشاكلهن، وكان من الطبيعي أن تتأثر بعضهن بقدوتها ويمكثن معها ويشاركنها حياة النسك والتأمل.
مستكملًا: تركت مقبرة العائلة وأخذت زميلاتها ليعشن معًا في مبنى خارج المدينة، وكرست حياتها لخدمتهن صائرة قدوة وصورة حية لما تنادي به من تعاليم، ولذلك أحبتها زميلاتها وأخلصن الولاء لها وأطعنها عن رضى وحبور.
مضيفًا: تزايد عدد الشابات اللواتي خضعن لرياستها سنة بعد الأخرى، وكان بعضهن يقضين معها فترة من الزمن يعدن بعدها إلى بيئتهن ليحملن إلى أهلهن النعمة المنعكسة عليهن من حياة سينكليتيكا.
بلغت القديسة الثمانين من عمرها وكانت حتى ذلك الوقت تتمتع بصحة تامة، وفجأة أصيبت بمرض مزعج، فقد غطت القروح جسمها من قمة الرأس إلى أخمص القدم حتى أفقدها القدرة على النطق.
تضاعف ألم القروح بحمى عالية موجعة فكان صبر القديسة شبيهًا بصبر أيوب إذ تحملت كل ما أصابها برضى وطول أناة، وقبل انتقالها بثلاثة أيام رأت جمهورًا من الملائكة ومعهن عدد من العذارى.
وواصل: وعاشت بعد ذلك ثلاثة أيام كاملة استنار الراهبات خلالها بالنور السماوي المنعكس عليهن من رئيستهن المريضة، ثم انتقلت إلى بيعة الأبكار في هدوء في يوم 5 يناير 346م، لقد أراد البابا أثناسيوس الرسولي أن يبين عظمة قداسة هذه الراهبة المكرّسة فكتب سيرتها هو بنفسه، فبذلك يكون قد كتب سيرة الأنبا أنطونيوس بوصفه أبًا للرهبان كما كتب سيرة القديسة سينكليتيكا بوصفها أمًا للراهبات.