لماذا استسلم كلوب أمام جوارديولا مبكرًا فى صراع «البريميرليج»؟
«لا نستطيع مجاراة مانشستر سيتى».. تصريح قاله الألمانى يورجن كلوب، المدير الفنى لنادى ليفربول الإنجليزى، مساء ٢٨ ديسمبر الماضى، عقب خسارة فريقه من ليستر سيتى، ومَثل استسلامًا مُبكرًا وغير متوقع، من فريق اعتدنا أن يكون «القتال» فى الملعب أبرز سماته، ومن مدرب كانت الإرادة أهم ما يمتلك طوال مسيرته.
فى تلك الليلة وبلغة الأرقام، لم يكن ليفربول بعيدًا كل هذا البعد الذى صوره هذا التصريح الصادم، لأنه فى حال فاز بمباراته المؤجلة أمام ليدز يونايتد، سيكون الفارق مع «السيتى» ٦ نقاط فقط، مع الأخذ فى الاعتبار أن «الريدز» ما زالت لديه مواجهة مباشرة مع «كتيبة جوارديولا»، التى تنتظرها أيضًا محطات كثيرة صعبة أولاها تشيلسى.
المعطيات تقول إن الفارق لم يكن كبيرًا، خاصة أنك تلعب فى أقوى دورى حول العالم، ويستطيع صاحب المركز الأخير تعطيل أى منافس مهما كانت قوته، لكن مدرب ليفربول كان أكثر وضوحًا وصراحة ورفع رايته مبكرًا: «لسنا مثل السيتى!».
يقول المدرب الألمانى إن مانشستر سيتى أقوى من الجميع، لأنه يمتلك فريقين قادرين على المنافسة، ورغم صحة رؤيته تلك، تناسى أن السبب هو تفوق منافسه المباشر بيب جوارديولا عليه، وليست الإدارة كما يزعم، وإن كانت بكل تأكيد هى جزء من الأزمة.
لا يعرف «كلوب» أن سر تفوق «جوارديولا» عليه والجميع هو ما صنعه من إعجاز وجعل الجميع يراه صاحب فريقين قادرين على التنافس، رغم أن قائمة «السيتى» تضم ١٧ لاعبًا فقط و٣ حراس مرمى، إلى جانب ناشئين لا يشاركون.
المعجزة الحقيقية التى يجب أن تُدرس فى تاريخ وعلم كرة القدم، هى أن المدرب الإسبانى جعل كل لاعب بين الـ١٧ الذين يمتلكهم يُجيد اللعب فى مركزين على أقل تقدير. فبفضل أفكاره وبحثه الدائم عن التطوير والتجديد، اكتشف «جوارديولا» فى كل لاعب بحوزته نسختين وربما ٣ أو ٤ أو ٥ فى بعض الحالات.
على سبيل المثال يلعب فيل فودين فى مركزى الجناح الأيمن والأيسر، وكمهاجم وهمى وصريح، وفى الوسط الهجومى، وهذا ناشئ لم يكلف النادى مليمًا، إذا كانت الحجة هى الأموال.
كذلك يلعب بيرناردو سيلفا فى الجناحين الأيمن والأيسر، والمهاجم الوهمى، والوسط الهجومى، ويلعب دى بروين وسطا هجوميا، ومهاجمًا وهميًا، ويلعب جوندجان فى الارتكاز، والوسط الهجومى، والمهاجم الوهمى، ويلعب كانسيلو فى الظهيرين الأيسر والأيمن، والوسط والمحور فى بعض الأوقات.
هكذا هى قائمة «السيتى» بالكامل، من المستحيل أن تجد بها لاعبًا يلعب فى مركز واحد، الجميع صار ٣ لاعبين فى واحد، بفضل العمل الكبير لـ«جوارديولا»، وبالتالى أصبح بمقدوره اختيار ١٠ تشكيلات، واللعب بكل الطرق الممكنة.
فى حين لا يستطيع يورجن كلوب مع ليفربول تغيير طريقته التى حفظها الجميع، صلاح فى اليمين، مانى فى اليسار، وبينهما جوتا، مع تقدم للظهيرين أرنولد يمينًا وروبرتسون يسارًا، وغياب لاعب واحد فقط بين هذا الخماسى يؤثر بشدة على المجموعة ككل، ولا يمكن تعويضه من الخارج.
لم يسع كلوب لتجربة ساديو مانى فى محور الوسط، سواء مركز ٨ أو ١٠، رغم أن لديه كل المقومات البدنية والفنية التى كان من الممكن أن تساعده فى ذلك، وأتحدى وأقول إن هذا الرجل لو كان بحوزة «بيب» لفعل ما نقول.
لم يقرر كلوب ذات مرة تحويل أرنولد إلى جناح صريح على سبيل المثال، رغم المقومات الهجومية الكبيرة التى يمتلكها، ولم يحاول استغلال حالته بتوظيفه فى أى أدوار مغايرة، مثلما فعل «جوارديولا» مع كانسيلو الذى يعد مشابها تمامًا لـ«أرنولد» فى كل شىء، لكنه مع «السيتى» متعدد الأدوار.
منذ نجحت تجربة كلوب مع ليفربول لم يحاول إضافة أفكار جديدة، أو تطوير عناصر بمهام مختلفة، وظلت أزمة غياب المحاور الفاعلة فى الوسط، لأنه لم يحاول تجربة حلول جديدة.
كذلك اختياراته للصفقات لم تكن موفقة، منذ جاء بـ«نابى كيتا» بقرابة ٥٠ مليون جنيه إسترلينى دون فائدة، وضم تياجو ألكنتارا بما يقرب من ٣٠ مليون يورو، وكلاهما لم يضف أى شىء للفريق، رغم أن تلك الأموال كانت كفيلة بضم أى محور وسط بالدورى الإنجليزى مهما بلغت قوته.
نعم الإدارة فى ليفربول لا تنفق بالقدر الكافى، لكن يورجن كلوب كذلك لم يعمل بقدر ما عمل واجتهد وطور بيب جوارديولا من عناصره وأفكاره التى لا يمكنك توقعها.
تحتاج إدارة ليفربول لمزيد من الإنفاق وتبديل السياسات، وينبغى على كلوب أن يجدد من أسلوبه ويطور من شكل الفريق، لمجاراة «وحش» اسمه جوارديولا.
ويحتاج محمد صلاح لذلك على وجه السرعة، حتى يضمن استمراريته فى القمة، إذا ما قرر التجديد مع قلعة «أنفيلد»، وهو ما أدركه «مو» حين ربط تجديده بضم صفقات «سوبر ستار».