بعد تطبيق التأمين على حياتهم.. هل انتهت معاناة ذوي المصريين المتوفين بالخارج؟
خطوة حتمية طال انتظارها كثيرًا، وكان لابد من تنفيذها بأسرع شكل ممكن لتأمين المصريين المقيمين بالخارج، بعد المعاناة التي طالت ذويهم حين كان يلقى أحدهم حتفه، ولا يستطع الأهل توفير تكاليف نقل الجثامين إلا بصعوبة شديدة، خاصة العمال الذين يمتهنون الوظائف البسيطة.
اعتبارًا من 1 يناير 2022، اتخذت الدولة المصرية قرارات هامة بشأن تأمين هؤلاء الذين توفاهم الله في الغُربة، بالتعاون مع وزارة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، حتى لا تضطر الجاليات المصرية لتجميع الأموال من بعضهم البعض، من أجل تقديم المساعدة لنقل جثامين زملائهم.
النظرة الأخيرة
قبل ثلاث سنوات، تلقت أسرة تقطن في مدينة المحلة الكبرى، خبر وفاة ابنهم الذي غادر البلاد، بحثًا عن أي فرصة عمل في دول الخليج، تجني له العديد من الأموال، حتى يستطيع مساندة ذويه في توفير مصاريف أشقائه الصغار.
الأمر الذي شغل بال الأهل لحظة سماع الخبر، كيف سيعود الابن إلى بلده، ويُدفن في قبره، ما جعلهم يهرولون بحثًا عن مُنقذ، بل ونسوا حزنهم على الفقيد، فقط يريدون عودته بأمان، والإشراف على نقل جثمانه إلى قبر مدفن العائلة.
رّوت الحاجة شريفة علي، قصة ابنها الذي كان يبلغ من العمر 27 عامًا، وتغرب لفترة تتجاوز السبع سنوات، حين تنقل بين بلدان عربية عدة، أولهم السعودية وآخرهم الكويت، وكرس حياته كلها للعمل وتوفير أكبر قدر من الأموال، لتُرسل إلى الأهل فور تجميعها من أجل سد ديون الأب، وتأمين حياة الصغار.
تتذكر السيدة الخمسينية، مشاهد الليلة المشؤومة، التي أُغلقت فيها الأضواء، وسيطرت العتمة على المنزل، ورغم مرور يومين على الوفاة، إلا أن النوم لم يتملك من أي فرد في العائلة ولو لثانية واحدة، الجميع يحاول الوصول إلى حل ينقذ جثمان الابن، ويجعل الأم قادرة على إلقاء النظرة الأخيرة.
لم يجد الأب أي حل في تلك اللحظة سوى سؤال كل من يعرفه أو لا يعرفه عن شخص مقيم بدولة الإمارات، يمكنه توفير تكاليف نقل جثمان الابن إلى مصر، لحين الانتهاء من فترة العزاء، ورد المال له مرة أخرى.
وفي اليوم الثالث من الوفاة، تلقى الأب اتصالًا من قبل أحد أصدقائه يبلغه بأن هناك شخص مقيم بالقرب من المستشفى المتواجد بها ابنه، سيتوجه إليها خلال ساعات قليلة، ويُنجز جميع الإجراءات المطلوبة ليعيد المتوفي إلى بلده آمنًا.
تأمين رسمي
منذ يوم السبت الماضي، انتهت المعاناة وطبقت الحكومة المصرية أول تأمين للمصريين العاملين والمقيمين بالخارج، لتغطية حالات وفاة ونقل الجثامين ووقوع حوادث وصرف التعويضات المناسبة، مقابل قسط التأمين بمبلغ 100 جنيه فقط سنويًا، وتم مد مظلة التأمين لتشمل جميع المواطنين المصريين بكافة شرائحهم في جميع أنحاء العالم.
إجراءات التسجيل تتم عبر منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض على موقع المجمعة المصرية، فضلًا عن سهولة استخدامها، بتكاليف زهيدة ومناسبة لميزانية الدولة، كما امتد التأمين ليتضمن الإصابات والوفيات الناتجة عن اندلاع الحوادث بالخارج، وبالأخص إصابات العمل الفادحة التي تمنع المصابين من العمل مرة أخرى.
وفي اليوم الأول لتنفيذ قرار الوثيقة، استطاعت مجمعة التأمين إصدار 1119 وثيقة تأمين للمصريين العاملين بالخارج، كما تم توفير إمكانية شراء وثيقة الحوادث الشخصية وإصدارها للمصريين المتواجدين خارج البلاد بشكل سهر عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بالموقع.
وثيقة التأمين تتيح سداد مجمعة تأمين السفر بمبلغ 100 ألف جنيه كحد أقصى في حالة وفاة المصري المؤمن عليه في الخارج بحادث، وتشمل أيضًا التكلفة الفعلية لتجهيز ونقل الجثمان، كما يتم توزيع المبلغ المتبقي من التأمين على الورثة الشرعيين، طبقًا لإعلام الوراثة أو المستفيدين حال النص عليهم عند ملء بيانات طلب التأمين، وفي حالة الوفاة الطبيعية تدفع المجمعة التكلفة الفعلية لتجهيز ونقل الجثمان فقط.
سرعة الإخطار من قبل العاملين أو من ينوب عنهم عقب تعرضهم لأي حادث خلال 7 أيام من تاريخ التقارير الطبية أو شهادات الوفاة، تُعد أحد الشروط الرئيسية لضمان كفاءة آلية التأمين على المصريين في الخارج.
أوضحت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن غالبية المصريين المقيمين بالخارج يرتكزون في الدول العربية، فقد سجلوا 4.9 مليون مصري في نهاية عام 2015 بنسبة 66.5%، وارتفع العدد إلى 7 ملايين نسمة 68.4% في نهاية عام 2017، ولكن تراجع عدد المصريين إلى 4.9 مليون بنسبة 54.6% من إجمالي المقيمين بالخارج في نهاية 2019.