بعد انتحار «نور الدين»... مفصولون من العمل يروون معاناتهم
فجرت واقعة الموظف الذي انتحر ملقيًا نفسه من الطابق الثالث، بإحدي الشركات الخاصة، إثر خلاف بينه وبين مديره، قضية العديد من العاملين بالقطاع الخاص، الذين يتعرضون يوميًا لأشكال عدة من التعسف والظلم، ولا يدرون أين يشكون مظلمتهم ولا يدرون كذلك من يستطيع أن يرد لهم حقوقهم التي سُلبت دون وجه حق.
فهل كُتب على كثير من العاملين بالقطاع الخاص أن يخضعوا فقط لحظوظهم بطبائع أصحاب العمل الذي يعملون به، ويتحملونها سواء كانت سيئة أم لا، دون الخضوع إلى قانون رسمي ينظم العلاقة بينهم وبين صاحب العمل لكي لا يقعوا فريسة لأهوائه الشخصية؟.
"م.م" كانت إحدى الموظفات بشركة ملابس شهيرة، تقول: "تعرضت للفصل التعسفي بسبب شهادتي شهادة بحق زميلتي التي كانت تتعرض للتنمر بالشركة"، موضحة أن هذا الأمر لم يعجب مديريها فقرروا فصلها من العمل، على الرغم من كونها لم ترتكب أي أخطاء مهنية ولم تقصَر في عملها على الإطلاق.
وتابعت أن هذا الأمر سبب لها ألمًا نفسيًا وصحيًا وكذلك ماديًا كثيرًا فهي كانت بهذه الأوقات تدخر مصروفات جهازها لقرب موعد زفافها في ذلك الحين.
كذلك ترك أحمد حسن عمله بإحدى شركات التأمين، لما كان يتعرض له من سوء معاملة من قبل صاحب العمل، الذي يهين العاملين بشركته، سواء رجالًا كانوا أم نساءًا ويسبهم بألفاظ نابية، مشيرا إلى أن صاحب العمل كان يعتقد أن هذا أسلوبه الخاص الذي يجب على الجميع أن يتقبله.
وأضاف "أحمد" أنه فوق هذه الإهانات فكان هناك سيلًا من التهديدات التي يرددها مالك الشركة على الموظفين، بأنه سيطردهم جميعًا من العمل وأنه لا يحتاج إلا إلى القلة القليلة منهم، وتابع " علشان كدة الكل سابه من لسانه، وتهديداته اللي ما كانتش بتخلص".
وأوضحت الدكتورة سهير نصر رئيس الإدارة المركزية للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، في تصريح خاص لـ"الدستور" أن قانون العمل الحالي يمنع تمامًا الفصل التعسفي فلا يحق لأي صاحب عمل أن يفصل موظف لديه دون وجه حق، إلا أنها تابعت بقولها أن هناك ثغرة بالقانون، وهي عدم وجود عقوبة واضحة للتنمر وكذلك التحرش داخل قطاع العمل الخاص.
وأضافت أن الواقعة الأخيرة والتي شهد فيها الموظف نوعًا من أنواع التنمر" لدخوله الحمام كثيرًا والذي ثبت أنه بسبب أنه كان مريض سكر" تعد واحدة فقط من وقائع التنمر التي تحدث بالقطاع الخاص ولكن هناك الآلاف من الحالات الأخرى التي لم يُعلم عنها شيئًا، مشيرة إلى أن ما يمنع أصحاب هذه الحالات عن التصريح بما يتعرضون له هو بالغالب الحياء الاجتماعي الذي يتمتع به أفراد المجتمع المصري، والذي يقف حائلًا دون التصريح بالتعرض سواءًا للتنمر أو التحرش.
وتابعت أنه ليس معنى العمل بالقطاع الخاص أنه لا يوجد جهة رسمية يستطيع الموظف اللجوء إليها في حال التعرض لأيًا من أشكال الظلم من قبل صاحب العمل، مشيرة إلى أن "مكتب العمل" يعد من بين أبرز الجهات التي تختص بشكاوى جميع العاملين بالقطاع الخاص، وتهتم بحلها، وفي حال لم يستطع المكتب رد الحق الذي يأمل فيه الموظف، فعلى الموظف أن يلجأ بهذه الحال إلى المديرية التابعة لمحافظته، مشيرة إلى أن أهم ما بالأمر أن يؤمن الموظف أن له حق وعليه المطالبة به وعدم التنازل عنه، ولا يتغلب عليه اليأس في ذلك كما حدث مع الضحية الأخيرة.
"وينص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 في المادة (221) منه على أنه إذا أنهى أحد الطرفين العقد (عقد العمل) دون مبرر مشروع وكاف، إلتزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء، ولا يجوز أن يقل التعويض الذي تقرره اللجنة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، والأجر يشمل ما يتقاضاه العامل سواء ثابت أو متغير".