إفساد الذوق العام.. اللعنة التى أصابت مشاهير المطربين والممثلين
لطالما واجه الفنانون على مر الزمان اتهامات معلّبة وجاهزة بإفساد الذوق العام، سواء وُجهت من أصحاب المهنة الواحدة إلى بعضهم البعض، أو وجهها مواطنون عاديون لبعض النجوم، بسبب خصومات تتعلق بالذائقة الفنية أو الاتجاهات الفكرية.
فى السطور التالية نستعرض أبرز المعارك التى شهدت اتهام فنانين مشاهير بتلك التهم، وكيف واجهوا هذه العواصف التى كادت تقضى على مشاويرهم الفنية.
عبدالوهاب يقتبس من الأعمال الغربية
لم يَسلَم موسيقار الأجيال من تلك الاتهامات، حيث وجهت له نقابة الموسيقيين تهمة إفساد الذوق العام بحجة أنه يقتبس أعمالًا من الموسيقى الغربية.
ورفعت نقابة الموسيقيين مذكرة لوزارة الإرشاد القومى تتهم فيها «عبدالوهاب» بأنه يفسد ذوق الموسيقى الشعبية باقتباسه من الموسيقى الغربية، مطالبة بإيقاف هذا الاتجاه حتى لا يفسد الذوق المصرى.
ونشر عدد لمجلة «آخر ساعة» عام ٢٠٠٨ ردًا سبق ووجهه موسيقار الأجيال على تلك الاتهامات قبل رحيله، قائلًا: «هذه ليست تهمة، ما يسمونه إفسادًا ليس إلا تطورًا».
جلال الشرقاوى وأحمد بدير والحلو يخدشون الحياء
شهد سبتمبر عام ١٩٩٧، التعاون الأول بين الإدارة المركزية للمصنفات الفنية برئاسة الناقد على أبوشادى، ونقابة المهن التمثيلية برئاسة الفنان عبدالغفار عودة، لتوجيه إنذارات للفنانين الذى يتخطون حدود الرقابة بما يخالف الآداب العامة وخدش الحياء.
ووجّه الجانبان تحذيرات لمسرحيات «قشطة وعسل» إخراج وإنتاج جلال الشرقاوى، و«كرنب زبادى» بطولة سعيد صالح وأحمد بدير، و«عالم قطط» بطولة حجاج عبدالعظيم ومحمد الحلو.
وكانت الملاحظات التى تُوجه بسببها إنذارات للفنانين، حسب تصريح «عودة» لجريدة «الجمهورية» آنذاك، تتمثل فى الخروج على الآداب العامة فى الأداء والملابس، انطلاقًا من أن مهنة الممثل- على حد وصفه- أشبه بما يؤديه الرسل والقديسون.
حرب من المشايخ على «الفساتين الضيقة»
فى فترة الخمسينيات انتشرت موضة ارتداء الفساتين المكشوفة، وهو نمط أزياء رفضه البرلمانى سيد جلال وعمل على محاربته.
وفى عدد جريدة الأخبار يوم ٩ سبتمبر ١٩٥٧، نُشر تقرير عن معارضة السيدات مساعى «جلال»، معتبرات أنها بمثابة تقييد لحريتهن فى اختيار الملابس، ليرد البرلمانى عليهن بقوله: «أنا عدو المرأة، وضد الملابس الخليعة التى تكشف أجسادهن، فلا يمكن أن تسير المرأة فى الشارع بملابس يفترض أنها لغرف النوم».
وكشف عبدالعزيز صادق فى كتابه «زيارة إلى الماضى»، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام ١٩٩٣، عن أن الشيخ الباقورى، وزير الأوقاف الأسبق، اعتبر خلال حملته العنيفة على الفساتين الضيقة «أن هذه الظاهرة قلة أدب ونقص فى الذوق من الستات».
أما الشيخ عبداللطيف السبكى، عضو هيئة كبار العلماء، فاعتبر، فى تصريح لـ«أخبار اليوم»، أن الموضة حرام من الأساس، وتضامن معه حسن مأمون، مفتى الديار المصرية، حيث اعتبراها تثير الغرائز والشهوات.
السادات يحمى المرأة بـ«الشتائم ستكلفك»
ندد الكاتب فكرى أباظة، فى أحد مقالاته فى فترة الثلاثينيات، بما يفعله الشباب الذى يقف بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات فى محطات الترام، ويتحرش بهن.
وقال: «عندما يجد الشاب السيدة بمفردها يقترب منها قائلًا بكل بجاحة: (بنسوار يا هانم)»، مضيفًا: «الشباب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة: بنسوار يا هانم».
وفى مارس ١٩٧٩، انتشرت ظاهرة مضايقة المرأة فى الشارع المصرى، وتدخل الرئيس محمد أنور السادات وأصدر قانونًا عرف باسم «الشتائم ستكلفك».
ونشرت صحيفة «jet» الأمريكية، خبرًا عن القانون، قائلة: «من يتلفظ بألفاظ خارجة تجاه أى سيدة يُخصم من راتبه يومان فى المرة الأولى، وتزداد العقوبة لـ٣ أيام فى المرة الثانية، ويخصم ٤ أيام فى المرة الرابعة، وقد تصل العقوبة بالفصل من العمل».
شهادة «مواطن صالح» لمحاربى الأمية
فى عام ١٩٧١، نشرت جريدة «الأهرام» خبرًا عن أن حصول المعلمين على شهادة «مواطن صالح» يتطلب أن يمحو الفرد أمية عدد من المواطنين ممن لا يتقنون القراءة والكتابة.
وذكرت الجريدة فى تقريرها: «اللجنة الفنية التى شكلها مجلس نقابة المعلمين لدراسة مشروع محو الأمية القومى تناقش مقترح أمين عام النقابة عوض الله عثمان، وفحواه أن يتم اختيار عدد من المعلمين فى كل قرية، يعهد إلى كل معلم محو أمية عشرة مواطنين بالوسيلة التى يراها دون التقيد بالمكان أو الزمن المخصص للتدريس».
وتابعت: «إذا نجح المعلم فى محو أميتهم تُخصص له مكافأة مالية من النقابة، ويُمنح شهادة (مواطن صالح) تعطيه الأولوية فى الترقية، أو النقل إلى المكان الذى يرغب فى النقل إليه».