حدث في مثل هذا اليوم.. تذكار تكريس كنيسة أنبا ميصائيل السائح
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم، بذكرى تذكار تكريس كنيسة أنبا ميصائيل السائح.
وقال كتاب التاريخ الكنسي، المعروف بـ"السنكسار"، إن في مثل هذا اليوم تذكار تكريس كنيسة القديس ميصائيل السائح. بينما كان الانبا اسحق رئيس دير القلمون جالسا في ديره، تقدم إليه شاب فرسم علي وجهه علامة الصليب كعادة الرهبان وسمح له بالدنومنه، فاقترب وضرب مطانية أمامه وقال له" "يا أبانا الانبا اسحق اقبل مسكنتي من اجل السيد المسيح، وساعدني علي خلاص نفسي، واحسبني من جملة أولادك". فتعجب منه الرئيس لكونه دعاه باسمه، وقال له"من أعلمك باسمي".
فأجابه الشاب "النعمة الحالة عليك هي التي أعلمتني". فقال له الرئيس"اجلس الله سبحانه وتعالي يجعلك له هيكلا مقدسا. والآن اخبرني بأمرك"، فأجابه الشاب إنني ادعي ميصائيل، وكان أبى محبا للعالم، منشغلا به عن عبادة الله. وكان حزينا لحرمانه من النسل. وفي بعض الأيام استضاف شيخا راهبا قديسا، وشكا له حزنه لعدم وجود ابن يرث غناه، فقال له الشيخ اصلح طريقك مع الله المحب للبشر، وهويرزقك ولدا مباركا. فقال له وكيف ذلك. فقال الشيخ : عش عيشة الكمال واسلك بحسب وصايا الكنيسة المفروضة علي المؤمنين، وواظب علي الصلاة الليلية والنهارية، ولا تنقطع عن الكنيسة المقدسة، وليكن لك كاهن تستشيره في كل امورك. فإذا فعلت هذا أنت وزوجتك بلغتما المقصود.
ففعل والدي جميع ما أوصاهما به الشيخ الراهب. فتم كلامه وحملت بي والدتي كما حدثتني بذلك. ولما بلغت السادسة من عمري مات أبواي. فاهتم الاب الأسقف بأمر تربيتي وتعليمي وتدبير أموالي، ولما اطلعت علي الكتب المقدسة اشتقت إلى الرهبنة وجئت إلى هنا. فسر الرئيس من كلام الشاب ميصائيل، وسلمه لأحد الشيوخ، فتعلم منه كيف يكون الجهاد والنسك. وبعد ذلك البسوه لباس الرهبنة وإسكيمها المقدس. ومن ذلك الوقت انفرد للعبادة والنسك.
وفي أحد الأيام حضر إليه أحد الاخوة، فوجده واقفا يصلي، ولما طرق باب قلايته فتح له، وصليا معا، ثم تباركا من بعضهما البعض، وجلسا يتحدثان في الكيفية التي بها يمكن التغلب علي العدوالشرير. فقال له القديس ميصائيل"إن الشيطان يهرب من الصلاة إذا كانت بحرارة".
وبعد الفراغ من أحاديثهما الروحانية، سبحا الله، وخرج الأخ من لدنه. وبعد حين عاد إليه فوجده واقفا يصلي قائلا"اللهم خلصني وانظر إلى ذلي وإغسلني من إثمي فان أبي وأمي قد تركاني والرب قبلني". فلما رآه الأخ وقد ضمر جسده والتصق جلده بعظامه، بكي وقال له"لقد صار جسدك كالمحترق.
فقال له القديس اشكر الهي الذي وهبني نور عيني وسمع أذني أطالع الكتب المقدسة واسمع كلمة الله، كما وهبني ايضا قوة للوقوف في الصلاة". ولما سمع رئيس الدير بنسكيات القديس ميصائيل أتاه في أحد الأيام ليفتقده. فقال له ميصائيل"اعلم يا أبى القديس انه بعد ثلاثة ايام يأتيك أناس متشبهون بالجنود، ويطلبونني منك فلا تمنعني عنهم ولا تخف ولا تحزن، فإنها إرادة الله. واعلم ايضا انه في العام الأتي سيكون غلاء، ولكني سوف أأتي إليك في ذلك الحين. فلما سمع الرئيس كلام هذا القديس اشتري كثيرا من الحبوب.
وبعد قليل أتى القوم المتشبهون بالجنود واخذوا القديس ميصائيل ومضوا، ثم حدث الغلاء وقل وجود القمح كما أنبا القديس بذلك. فجاء الوالي برجاله ليأخذ ما يجده في الدير من الحبوب، فظهرت له جنود منعته من ذلك ورجع خائبا، فرحب الرئيس بهؤلاء الجنود وشكرهم. ثم قدم لهم طعاما ليأكلوا. فقالوا له نحن لا نحتاج إلي شئ مثل هذا.
ثم برز من بينهم واحد وامسك بيد الرئيس وانفرد به، وقال له"انا ولدك ميصائيل، وهؤلاء القوم المتشبهون بالجنود هم سواح، وهم الذين أتوا هنا في العام الماضي وأخذوني معهم، والآن أسألك إن تمضي إلى الانبا أثناسيوس أسقف بلدي التي تربيت فيها واعلمه بخبري، واطلب منه مال أبى، ثم ابن لي به كنيسة علي اسمي، ثم ادع أبانا الأسقف لتكريسها ففعل الرئيس بما قاله القديس ميصائيل واستلم من الأسقف سبعمائة مثقال ذهب وتسعمائة درهم فضة وكتبا كثيرة وخمسمائة راس غنم، عدا الأقمشة والحلي والأواني وهدم بيته القديم واشتري ما يجاوره من ارض وبني هناك كنيسة، وفيما كان الاب الأسقف محتفلا بتكريسها، إذا بالقديس ميصائيل قد آتى مع الأباء السواح وحضروا صلاة التكريس. وتقدم القديس ميصائيل من الرئيس وقال له انك ستنتقل من هذا العالم في العام المقبل. وبعد ذلك عادوا من حيث أتوا.