خبراء: الإخوان استغلوا قضية المظلومية وكان لديهم تعطشا للسلطة
اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات سلسلة ندوات وفعاليات "منتدى تريندز للإسلام السياسي السنوي الثاني"، الذي حمل عنوان: "مشروع التمدد الإخواني: حدود التراجع والمآلات".
ونظم المركز، أمس الثلاثاء، الندوة الثالثة والأخيرة من المنتدى بعنوان: "الإخوان المسلمون في العالم العربي: مظاهر الأفول ومحاولات البقاء"، بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين من دول مختلفة.
وشارك في الندوة مجموعة من الخبراء والباحثين والأكاديميين المتخصصين في حركات الإسلام السياسي، وأدار فعالياتها هاني الأعصر المدير التنفيذي بالمركز الوطني للدراسات بمصر، الذي أشار إلى محاور الندوة الأربعة؛ مظاهر أفول الأيديولوجية الإخوانية في العالم العربي، وتأثير الحالة التونسية على مستقبل الإخوان، واستراتيجيات الجماعة للبقاء والاستمرارية، ورؤية مستقبلية لمآلات الجماعة.
من جهته أكد ضرار بالهول الفلاسي، عضو المجلس الوطني الاتحادي والمدير التنفيذي لمؤسسة وطني الإمارات، في مداخلة بعنوان: "مآلات جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي.. رؤية مستقبلية" أوضح فيها أن دولة الإمارات كانت كاسر أمواج ما يسمى بـ"الربيع العربي" وأن "الإخوان" كانوا أحد مكونات هذا "الربيع".
تجفيف منابع الإخوان
وأضاف أن الإخوان دائمًا ما استغلوا قضية المظلومية، وهو الأمر الذي ساعد على ركوبهم للموجة في أوروبا تحديداً ومنها إلى المنطقة العربية، مبيناً أن الإخوان كان لديهم تعطش للسلطة، ما سرَّع من خطواتهم للاستحواذ على السلطة التي وصلوا إليها بسبب التصويت الغاضب الذي مارسه الناخبون ضد النظام السابق وليس اقتناعاً بالإخوان أنفسهم، مشيرًا إلى أن هناك صراعات عدة بين الكثير من فصائل الإخوان في الوقت الراهن، وهو ما أظهر وجود تيار ليبرالي متطرف أيضاً يحاول أن يسوق نفسه للغرب.
وشدد «الفلاسي»، على ضرورة تجفيف مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين، وأهمها جمعيات العمل الخيري التي تستغلها الجماعة في جمع المال من خلال التبرعات، منبهاً إلى أن الملجأ الوحيد الذي سيبقى للإخوان هو لندن، متوقعاً أن تلفظهم أيضاً هي الأخرى بعد أن لفظتهم تركيا التي لم تعد ملاذاً للإخوان. وأكد أن جماعة الإخوان المسلمين ستختفي من المشهد السياسي بشكل كامل إذا استطعنا تجفيف منابع التمويل الخاصة بهم، مشيراً إلى أن الإخوان عزلوا أنفسهم بسبب عنصريتهم وممارستهم الاغتيال السياسي للعديد من الشخصيات السياسية التي اختلفت معهم.
الإخوان في المغرب
من جانبه قال الدكتور علي مصطفى الأستاذ المشارك بجامعة ليون الكاثوليكية بفرنسا في ورقة عمل بعنوان: "استراتيجيات الجماعة للبقاء والاستمرارية" إن تأثير أيديولوجية الإخوان المسلمين على الأحزاب والحركات الإسلامية المغربية يشكل موضوعاً لنقاش سياسي وفكري دائم بين معسكرين؛ المعسكر الأول يرى أن الإسلاموية المغربية نابعة من الداخل ولا علاقة لها بأيديولوجية الإخوان المسلمين، أما المعسكر الثاني فيؤكد أن الأحزاب والحركات السياسية الإسلامية كانت دائماً متأثرة بأيديولوجية إسلامية استوردتها هذه الأحزاب والحركات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
الإخوان في المنطقة العربية
بدورها أكدت الدكتورة أماني فؤاد الباحثة المشاركة بمركز بحوث الهجرة والأعراق والمواطنة بجامعة كيبيك في مونتريال بكندا في ورقة عمل بعنوان: "مظاهر أفول الأيديولوجية الإخوانية في العالم العربي" أن تجربة الإخوان المسلمين في مصر تلقي الضوء على الأسس الراديكالية لأيديولوجية الجماعة، مشيرة إلى أن هذه المبادئ، التي تتضمن ممارسة العنف المباشر ضد المواطنين من غير المسلمين، ظلت فترة طويلة محصورة في الجانب النظري، غير أنه عقب ثورات "الربيع العربي" في عام 2011 ووصول الإسلاميين إلى السلطة في العديد من البلدان العربية، شهدت الساحة الاجتماعية السياسية وضع هذه المبادئ قيد التطبيق، مشيرة إلى أن أيديولوجية الإخوان المسلمين كانت تحظى بتأثير عقائدي مباشر على أكثر الحركات الجهادية عنفاً مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش.
وذكرت أماني فؤاد أن جماعة الإخوان المسلمين تعدُّ المسلمين غير الإسلامويين منحرفين، أما غير المسلمين عموماً فتعدُّهم الجماعة إما متآمرين أو أعداء. كما أن جماعة الإخوان المسلمين تبنت ممارسات تكرس عنصرية مؤسسية مرفوضة كانت من أسباب أفول الجماعة.
الإخوان في تونس
وتحدث الدكتور فريد بن بلقاسم أستاذ الحضارة والفكر الإسلامي بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس حول "تأثير التحول في الحالة التونسية على مستقبل الإخوان المسلمين في المنطقة"، مشيراً إلى أن حدث 25 يوليو 2021 مثّل منعطفاً فارقاً في تاريخ تونس، وطرح أسئلة مهمَّة حول مصير الحركة الإسلاموية في تونس وتأثير ذلك في مستقبل الجماعات الإخوانية عموماً في المنطقة.
وذكر الدكتور بلقاسم أن تجربة المجتمعات العربية مع الإخوان بعد الربيع العربي مختلفة عن التجارب السابقة، وخاصة في تونس إذ خَبِرَ المجتمع مشروعهم وعاين فشلهم في إدارة شؤون الدولة والحكم، لكنه نبَّه إلى أن لهذه الجماعات خبرة في التعامل مع مثل هذه الأوضاع وقدرة على التكيُّف معها، وأن تاريخها صيرورة من التقلبات صعوداً ونزولاً، وأن لها تجربة كبيرة في كيفية الاستفادة من العوامل المحيطة بها.
وأجمع المتحدثون في ختام الندوة على أهمية تجفيف منابع الإخوان المالية، وأن ثمة جملة عناصر تشير إلى أن الجماعة تسير إلى أفول وتشتت، وأن الاختلافات العميقة داخل الجماعة ستؤدي إلى نهايتها، لكنهم حذَّروا من خبرة الجماعة في التحور ومحاولة البقاء.