تنمية الصعيد.. مشروعات عملاقة في مجال الموارد المائية وتطوير نظم الري
تبذل الدولة المصرية جهودا حثيثة وتقوم بتنفيذ مشروعات عملاقة في كافة القطاعات، وعلى مستوى محافظات الجمهورية، وعلى نحو خاص محافظات الصعيد التي وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة التركيز على الإطار المتكامل للمشروعات، بحيث تحقق التنمية المستدامة برؤية عصرية حضارية شاملة.
وتوجه الدولة للاهتمام بالصعيد بدأ مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر، حيث واجهت تنمية محافظات صعيد مصر تحديات كبيرة، إلا أن إرادة الدولة استطاعت تحقيق نجاحات ملموسة في الكثير من المجالات، وتم وضع مخطط شامل لتنمية محافظات الصعيد، بما يضمن للمواطن "حياة كريمة".
ونالت محافظات الصعيد نصيبا وافرا من مشروعات التنمية، في مجالات البنية التحتية، ومشروعات الطرق ومشروعات كبيرة في مجال الموارد المائية والري، ومن أبرز هذه المشروعات قناطر أسيوط الجديدة والتي تعد سدا عاليا جديدا أنشأته وزارة الري على نهر النيل، في محافظة أسيوط على بعد أمتار من القناطر القديمة .
وتم وضع حجر أساس مشروع قناطر أسيوط الجديدة في مايو 2012، على بعد حوالي 400 متر خلف قناطر أسيوط القديمة، والتي أنشئت، بهدف تحسين الري في زمام إقليم مصر الوسطى، الذي يمثل نحو 20% من إجمالي المساحة المزروعة في مصر، وذلك في خمس محافظات هي: أسيوط، المنيا، بني سويف، الفيوم والجيزة.
واستمر العمل في تنفيذ قناطر أسيوط الجديدة على مدار 6 سنوات، بتكلفة تجاوزت 6.5 مليار جنيه، وتعد قناطر أسيوط الجديدة أكبر مشروع مائي مقاوم للزلازل، تم إنشاؤه على نهر النيل في مصر بعد السد العالي، وافتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي رسميا في أغسطس 2018.
ويسهم المشروع العملاق، في تحسين ري وزراعة مليون و650 ألف فدان، فضلا عن توليد طاقة كهربائية نظيفة بقدرة 32 ميجاوات، من خلال 4 توربينات، توفر نحو 15 مليون دولار سنويا، في حال تم إنتاج نفس الكمية باستخدام الوقود الأحفوري التقليدي.
وتضمن تصميم القناطر الجديدة، هويسين ملاحيين من الدرجة الأولى، بأبعاد 17 مترا للعرض، وبطول 170 مترا، يسمح بمرور وحدتين ملاحيتين في ذات التوقيت في زمن عبور قياسي يقدر بـ 11 دقيقة، كما يتضمن التصميم أيضا ثماني بوابات تتحكم في تنظيم المياه ومناسيبها، ويصل وزن البوابة الواحدة نحو 80 طنا، وتبلغ أبعادها 17 مترا للعرض و9 أمتار للطول.
ويتكون مفيض القناطر من 3 فتحات عرض الواحدة 17 مترا، وجميعها منشآت خرسانية من الدرجة الأولى، تم فيها صب نحو 425 ألف متر مكعب من الخرسانة المسلحة، ونحو 60 ألف طن حديد تسليح، واستخدم في إنشائها نحو 6 ملايين متر مكعب من الرمال، و360 ألف متر مكعب من الأحجار.. وقد وفر المشروع أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مؤقتة، و300 فرصة عمل دائمة، لأبناء محافظات الصعيد.
إنجاز جديد أضافته وزارة الري إلى سجلاتها، عندما أعلنت في أكتوبر 2018، عن توقيع بروتوكول مع هيئة التعاون الدولي اليابانية (جايكا) لإنشاء قناطر ديروط الجديدة، بعد تهالك نظيرتها القديمة، التي لم تعد في عمرها هذا، قادرة على الوفاء بمتطلبات التنمية المستدامة في محافظات، التي تهدف إليها خطط الدولة.
ويتضمن البروتوكول، تقديم الحكومة اليابانية التمويل من خلال قرض، لإعداد الرسومات التفصيلية والتصميمات ومستندات العقد على حساب الجانب الياباني، وتمويل تكاليف أعمال التنفيذ والإشراف عليه من خلال قرض قيمته 5.854 مليار ين ياباني، يعادل حوالي 57 مليون دولار أمريكي.
وتم توقيع العقد مع استشاري الإشراف على التنفيذ، على هامش فعاليات أسبوع القاهرة الأول للمياه في عام 2018، ومن المقرر أن يستغرق التنفيذ نحو 4 أعوام، فضلا عن عام آخر كضمان للتشغيل.
ومن ضمن المشروعات التي يتم العمل عليها حاليا أيضا هي قناطر ديروط الجديدة، والتي تخدم زمام مساحته نحو 1.5 مليون فدان، يعادل مساحة زمام إقليم مصر الوسطى، الذي يضم 5 محافظات هي (أسيوط – المنيا – بني سويف - الفيوم – الجيزة)، وتطلق قناطر ديروط تصرف سنوي مقدر بـ 9.6 مليار متر مكعب - تمثل 17.3% من إجمالي حصة مصر في مياه النيل- وتغذي القناطر 7 ترع فرعية.
والترع التي تغذيها قناطر ديروط هي (قنطرة فم ترعة الساحلية، قنطرة حجز ترعة الإبراهيمية، قنطرة فم ترعة الديروطية، قنطرة فم ترعة البدرمان، قنطرة فم ترعة بحر يوسف، قنطرة فم ترعة أبو جبل، وقنطرة فم ترعة الدلجاوي).
ويهدف إنشاء مشروع قناطر ديروط الجديدة إلى تحسين أعمال الري لزمام 1.5 مليون فدان - حوالي 18% من مساحة الأراضي الزراعية في مصر- واستكمال توفير منظومة التحكم الآلي من خلال غرفة تحكم ومراقبة التصرفات المائية، فضلا عن توفير 500 فرصة عمل أثناء التنفيذ، لأبناء محافظات الصعيد.
وطرحت وزارة الري مناقصة عامة عالمية لتنفيذ المشروع، وتم فتح المظاريف الفنية والمالية بتاريخ 18 مايو 2021، والانتهاء من أعمال البت الفني وإنهاء التفاوض مع الشركة المسند إليها الأعمال، وجار التجهيز لتوقيع عقد العملية لبدء التنفيذ المخطط له، شهر يناير المقبل.
ومن ضمن المشروعات التي توليها الدولة اهتماما كبيرا خلال الفترة الماضية مشروع تأهيل وتبطين الترع، ومشروع التحول من نظم الري القديمة إلى نظم الري الحديثة، والتي كان للصعيد منها نصيبا كبيرا في العديد من محافظاتها.
وقد تم حتى الآن الانتهاء من تأهيل ترع بأطوال تصل إلى 3551 كيلومترا بمختلف المحافظات، ومن ضمنها محافظات الصعيد، وجاري تأهيل ترع بأطوال تصل إلى 4363 كيلومترا، بالإضافة لتوفير الاعتمادات المالية لتأهيل ترع بأطوال 2528 كيلومترا تمهيدا لطرحها للتنفيذ، ليصل إجمالي الأطوال التي شملها المشروع حتى الآن إلى 10442 كيلومترا.
كما تم طرح أعمال تأهيل مساقي بأطوال 466 كيلومترا، والانتهاء من تأهيل مساقي بأطوال 35 كيلومترا، وجاري العمل في باقي الأطوال.
وتعد عملية التطوير الشاملة للمنظومة المائية، والتي تنفذها الوزارة حاليا جزءا من أهداف الخطة القومية للموارد المائية حتى عام 2037، والتي تولي فيها الدولة تطوير نظم الري في الصعيد نصيبا كبيرا، بما يحقق ترشيد استخدامات المياه وتعظيم العائد من كل قطرة مياه وتحديث شبكة الترع التي كانت تعاني من مشاكل عديدة في السنوات السابقة وتحقيق التنمية المستدامة لمشروعات التنمية الزراعية، وبما ينعكس إيجابيا على المزارعين بالمقام الأول، وذلك من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى التي تشمل تأهيل الترع والمساقي والتحول للري الحديث واستخدام تطبيقات الري الذكي.
وقد حققت هذه المشروعات العديد من المكاسب للمزارعين ولمنظومة الري، مثل حدوث تحسن كبير في عملية إدارة وتوزيع المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع، وحصول كافة المزارعين على الترعة على حصتهم من المياه في الوقت المناسب، وتحسين نوعية المياه بالترع مع إزالة الحشائش وامتناع المواطنين بشكل واضح عن إلقاء المخلفات بالترع المؤهلة، ورفع القيمة السوقية للأرض الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، بالإضافة للتأثير الإيجابي علي الصحة العامة واحتواء لنتشار الأمراض، بالإضافة للمردود البيئي والجمالي.