المرأة فى الأزهر.. كيف وصلت «البنات» إلى الجامع والجامعة؟
شجع الأزهر الشريف العنصر النسائى على الالتحاق به، دراسة وتدريسًا، وفى عام ١٩٦٢ فكر مسئولوه فى إنشاء كلية البنات الإسلامية، التى تعتمد فى منهجها على دراسات إسلامية إنسانية تهدف لتهذيب الفرد وربطه بالمجتمعين العام والخاص.
وحسب مجلة «الهلال» فى عدد أغسطس عام ١٩٧٢، فإنه فى الوقت الذى لم تكن الفتاة المصرية تفكر فيه بدخول الأزهر الشريف، جاءت ٣ فتيات مسلمات من بلاد الملايو إلى القاهرة عام ١٩٥٠ للالتحاق بالأزهر، لكن طلبهن رُفض بحجة عدم سماح اللائحة بذلك.
وشجع الشيخ المراغى، إمام الجامع الأزهر، دخول الفتاة للصرح الدينى، وتضامن معه المصلح عبدالعزيز جاويش، الذى نادى فى خطاباته ومحادثاته بإنشاء فرق فى المعاهد الدينية لتعليم المرأة الدين واللغة العربية.
وكانت الأديبة أمينة السعيد أول من أثار موضوع تعليم الفتاة فى الأزهر، ورحب شيخ الأزهر بالفكرة، على أن تكون الفتيات فى عزلة عن الشبان، وأن تنشأ لهن فصول خاصة.
وجاء فى كتاب «الحياة الفكرية والتعليمية فى مصر فى القرن التاسع عشر» أن الحملة الفرنسية أثناء وجودها فى مصر وجدت فى صحن الأزهر بضع نساء يتعلمن إلى جانب الشبان، وكانت هناك عالمة ضريرة يلتف الشبان حولها ويتلقون الدروس عنها، وكانت فى معهد طنطا الدينى جماعة من الفتيات يحضرن الدروس الدينية ويستمعن إلى التفسير والحديث، فيما منع دخول الفتيات الأزهر بعد الحملة الفرنسية.
وتقدمت بعض الفتيات من طنطا عام ١٩١١ للحصول على العالمية من الأزهر الشريف، وسافرت لجنة امتحان عالمية إلى محافظة الغربية لتمتحن الطالبات، وكان من بينهن فاطمة العوضية، التى أجابت عن الأسئلة، وأعجب بها أعضاء اللجنة.
ونشرت مجلة «الهلال» فى أحد أعدادها عام ١٩٣٤ أن النساء كن يتلقين العلم بالأزهر، وكان من شيوخهن، القويسنى والسقا والصعيدى والعدوى والخضرى، وهم من أشهر العلماء، ومنهم من شهد خاتمة العهد العثمانى.
كما أشارت مجلة «الهلال» عام ١٩٣٤ إلى أن الشاعرة عائشة التيمورية تعلمت العلوم اللغوية والشرعية على أيدى عالمات حضرن فى الأزهر، ومنهن فاطمة الأزهرية وستيتة الطبلاوية، وعلمتهن النحو والعروض.
وأجرت المجلة عام ١٩٦٠ حوارًا مع شيخ الأزهر حينها، ولم يكن فى حسبانه، حسبما أكد، إنشاء معهد للفتيات فى الأزهر، إذ لم يكونوا وقتها قد توصلوا لفكرة مناسبة لإنشائه.
وقال الإمام: «نواة الفكرة موجودة عندنا فعلًا، غير أنها ليست على الشكل المدرسى المنظم، إنما هى على الطريقة الجامعية القديمة».
كانت فكرة إنشاء معاهد الفتيات قد تبلورت فى أذهان الوعاظ والأئمة فى المساجد والأندية والجمعيات، بغرض تعليم الفقه والعقيدة والدين، وحقوق الأسرة ونظام المجتمع.
وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارًا عام ١٩٦١ بإنشاء كلية البنات الإسلامية، وتنوعت أقسامها ما بين العقيدة والشريعة وقسم اللغة العربية. وفى عام ١٩٨٠ أُنشئت كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بشكل مستقل، إلى أن وافق المجلس الأعلى للأزهر فى ١٩٩٨، على إنشاء شعبة الصحافة والإعلام، فى فرعى الكلية بالخانكة وكفرالشيخ.
وفى حوارها لمجلة «الهلال»، روت الدكتورة زينب راشد، عميدة كلية البنات الإسلامية، أن الكلية اشترطت فى بادئ الأمر زيًا معينًا للدارسات، وتولت وزارة الأوقاف تحمل نصف تكاليف الزيين الشتوى والصيفى، لكن بعد زيادة أعدادهن، تعذر توفير الكميات اللازمة من الخامات، فتوقفت الوزارة عن الإسهام فى تحمل تكاليف الأزياء، إلى أن امتنعت الطالبات عن ارتدائه.
واستعانت الكلية بموظفات رعاية الشباب والمشرفات الاجتماعيات والرياضيات على ضبط الزى الذى فرضته الكلية، لكن فشلت المحاولة، فطلبت إدارة الكلية من مجلس الجامعة أن تفرض من ضمن شروط القبول للكلية ارتداء زى معين، لكن المجلس اكتفى بتوصية خاصة بارتداء الطالبات زيًا مناسبًا.