«الجسد المسكون».. كتاب جديد للروائية التونسية حياة الرايس
على نفقتها الخاصة، صدر حديثًا، للروائية والكاتبة التونسية، حياة الرايس، كتاب بعنوان "الجسد المسكون" و"الخطاب المضاد"، وتتناولت فيه موضوع الأمهات العازبات.
و"حياة الرايس" سبق وصدر لها: أعمال "أنا وفرنسوا"٬ "جسدي المبعثر على العتبة"، "ليت هندا"، "طقوس سرية وجحيم"، بالإضافة إلى ديوان شعري بعنوان "أنثى الريح"، ومسرحيتان بعنوان" أثينا" و"سيدة الأسرار عشتار".
كما صدرت لها دراسة نقدية بعنوان "جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجن"، ورواية بعنوان "بغداد وقد انتصف الليل فيها"، والتي صدرت في طبعتها المصرية مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ومن كتاب "الجسد المسكون" و"الخطاب المضاد"، للكاتبة حياة الرايس جاء: "الأمّهات العازبات من رضيع مرمي في حاوية القمامة مخنوق، أو متروك في جامع، أو مركون جنب حائط. إلى مؤسسات ترعي هؤلاء الأطفال ونسميهم في تونس "أطفال بورقيبة" نسبة إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي خصّصت الدولة التونسية في عهده اعتمادات مهمة لتنشئتهم وإنشاء قرى متكاملة لإيوائهم.
عرفت باسم "قرى أطفال بورقيبة" بعد ان كانوا يسّمون "لقطاء"، واللقيط عند العرب هو الصبي المنبوذ الذي يوجد مرميًا على الطرق لا يعرف له أب أوأمّ، الطفل المجهول النسب المحروم من بيئتها لعائلة، ونسميهم في تونس أطفال فاقدي السند.
شخصيًا لا أحب استعمال كلمة " لقيط " أو "ابن حرام"؛ لأنها مشحونة بالمهانة والنبذ والاحتقار والعار لطفل لا ذنب له في كل ذلك. من الطرقات وأكوام القمامة إلى الجمعيات الخيرية، ومن جمعيات ترعى وتحتضن هؤلاء الأطفال إلى جمعيات ومؤسسات ترعى وتساعد أمهاتهم: "الأمهات العزباوات".
إذ أن قضية الأطفال فاقدي السند، ليست بمعزل عن قضية الأمهات اللواتي وجدن أنفسهن في وضعيات حرجة خارج المنظومة الاجتماعية الشرعية المتعارف عليها.
إضافة ان هؤلاء النساء، هم ضحية رجال تخلوا عنهن، وإفراز ونتاج نفس ذلك المجتمع، المتكون من ذكور وإناث بتناقضاته وتعقيداته، علاوة على أن مثل هذه الأوضاع والمواضيع كانت محرّمة وتعتبر من التابوهات التي لا يجب الخوض فيها، إلا همساً أو سرّا، ولم يتم تناولها إلا كفضيحة أو وصمة عار في جبين المرأة والطفل، من طرف العائلة والمجتمع، الذي يرفض الاعتراف بهما.
بينما يختفي الرجل ولا تجد له أثرًا، وحتى إن عرف ووُجد، لا يتحمّل وزر أفعاله، لا يعاقبه أحد ولا يسأله عن إهماله أحد، ولكن بتطور العقليات أدركنا ان ذلك لا يفيد في شيء ولا يحلّ المشكلة، بل يزيد من تعقيدها بدرجة كبيرة مأساوية ودرامية، فأصبحت تندرج ضمن شواغل الدولة في تونس، ودخلت في النسيج الجمعياتي للمجتمع المدني.