من روائع الادب العالمي
«أربعون عاما».. قصة بدأها كوستاماروف وختمها تولستوي
قصة أربعون عاما، هى قصة أسطورية كتبها الفيلسوف والمؤرخ كوستاماروف، فأعجب بها تولستوي أو ربما استفزته نهايتها فأضاف إليها فصلا جعله خاتمة لها، وفي الحقيقة كانت إضافة تولستوى بارعة أثقلت القصة كما يتضح للقارئ الفارق الكبير بين أسلوب كوستاماروف وأسلوب تولستوي، الذي غاص في الأبعاد النفسية لشخوص الحكاية.
- تفاصيل القصة
بدأ كوستاماروف القصة من تروخيم الذي ولد في قرية روسية تدعى مندوكي، وتربى في شوارعها مثل كلب ضال، دون أن يعرف له أما ولا أبا، فأخذه رجل ثري واتخذه خادما يقوم على رعاية الخنازير.
ولما اشتد عود تروخيم أحب ابنة سيده وتدعى فاسا، كما أنها أحبته ولما علم أبوها بالأمر طرده من بيته، فبكت فاسا على حبيبها فقال الأب لو جاءني مرتديا ثيابا فخمه ومعه عربة ونقود سأوافق على زواجك منه.
و قال الرجل عبارته هذه لعلمه أن تروخيم لن يقدر على فعل ذلك، خرج تروخيم إلى البحر وقرر أن يلقى بنفسه فى الماء ليغرق وينهى حياته البائسة ، فأخرجه رجل إقطاعي كان يمر على الشاطئ ولما جلسا حكى له تروخيم قصته، فقال له الاقطاعى ستمر من هذا الطريق عربه بها تاجر معه أقمشه وأموال برفقته حوذي، اكمن لهما واقتل التاجر والحوذى وخذ المال الا قليلا واترك القماش ثم اقلب العرب وسيقول الناس إن العربه سقطت فى الهوة ،وعد إلى سيدك وتزوج حبيبتك فعل تروخيم ما قاله الرجل، وعاد بالمال وتزوج من فاسا.
ولكنه شعر بتأنيب الضمير فصارحها فقالت اذهب الى نفس المكان الذي وقعت فيه الجريمة ربما ترى شيئا، ولما ذهب سمع نداء يقول ستنال عقابك بعد أربعين سنة، مرت السنوات حتى جاءت السنة الأربعون ولم يحدث شيئا، ربما أراد كوستاماروف أن يقول إن العقاب قد لا يكون دنيويا.
- خاتمة القصة لتولستوي
أضاف تولستوى خاتمة لما بدأه كوستاماروف، حيث السنة الأربعون كان تروخيم قد كبر وماتت فاسا، وتزوج من امرأة أخرى وزادت ثروته وتضخمت وتزوجت ابنته من أمير وأصبح ابنه دبلوماسيا، تغلغل تولستوى فى أعماق الشخصيات فجعل تروخيم مرعوبا ممن حوله.
يخاف من ابنه الدبلوماسي الذي لا يؤمن بوجود الله، وبالتالي لا يؤمن بوجود العقاب ظن تروخيم أنه ابنه سيرشو الخدم ويقدمون له السم ،كما شك فى زوجته التى سترث سبع ثروته وضغط أهلها الفقراء عليها لقتل تروخيم عاش تروخيم ثلاثة عشر عاما أخرى بعد أربعين عاما من الجريمة قضاها كلها فى ويلات الشك والعذاب .
أراد تولستوى أن ينحو نحوا مخالفا لصاحب القصة كوستاماروف، حيث بين أن العقاب موجود وأنه يكون فى الدنيا قبل الآخرة، وأن المال الحرام لا يجلب السعادة بل يجلب التعاسة.