المفاوضون النوويون فى فيينا يواجهون صراعًا لإحياء الاتفاق النووى مع إيران
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الخميس، أنه مع بدء المحادثات لإعادة إحياء اتفاق "ضبط النفس" النووي مع إيران والذي غرق قبل ثلاث سنوات من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بدا مؤخرًا أن آمال إعادة الوضع إلى ما كان عليه تتبدد.
وقالت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي- إن اتفاق عام 2015، المدعوم رسميًا من قبل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا حتى بعد الانسحاب الأمريكي أحادي الجانب، كان قاب قوسين أو أدنى من إعادة تفعيله مرة أخرى في أعقاب ست جولات من المحادثات جرت بين الغرب ومسئولين إيرانيين في فيينا، وعلى الرغم من اتصال طهران وواشنطن ببعضهما البعض بشكل غير مباشر فقط من خلال وسطاء أوروبيين، كان هناك أمل حقيقي في أن يكون اتفاق ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة مطروحًا على الطاولة.
وأضافت الصحيفة أن تغيير مقاليد السلطة الرئاسية الإيرانية في الصيف الماضي ربما غير كثيرًا من الأمور؛ حيث جاء إبراهيم رئيسي، المحسوب على التيار المتشدد، بديلًا للبراجماتي حسن روحاني، وبدوره أصدر قرارًا بتعيين أمير حسين عبداللهيان وزيرًا للخارجية، وهو دبلوماسي على صلة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني، بدلاً من محمد جواد ظريف، الوجه الناعم للدبلوماسية الإيرانية والذي شارك مع روحاني في تصميم خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015.
وتابعت أنه كانت هناك آمال في أن يؤدي تعيين عبداللهيان وزيرًا للخارجية، وهو رجل ذو نفوذ في الدولة العميقة لإيران، على عكس سلفه ظريف، إلى جعل العودة إلى الاتفاق النووي أكثر جدوى، ولكن لم يزل المتشددون يرفضون فكرة وجود اقتصاد أكثر انفتاحًا وتكاملًا مع العالم، ويعتبرون أيضًا، مثلهم مثل العديد من الإيرانيين من مختلف الأطياف، اتفاق 2015 بمثابة خدعة.
من جانبه، عرض كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كاني، موقفه بشكل لا لبس فيه في مقابلة أجراها مع الفاينانشيال تايمز قبل أيام، دعا فيه الولايات المتحدة إلى ضرورة رفع جميع العقوبات الاقتصادية لتفعيل خطة العمل الشاملة المشتركة كمقدمة لإعادة الدخول في اتفاق تخلت عنه واشنطن من جانب واحد، مشيرًا إلى أن بلاده تمسكت بالاتفاق لمدة عام كامل حتى بعد انسحاب واشنطن، وبالتالي فإن الكرة في ملعب الأخيرة قبل أن تعود طهران إلى الامتثال، على حد قوله.
في الوقت نفسه، تقدمت طهران بمطلب ثانٍ؛ وهو ضرورة أن يكون أي اتفاق تم التوصل إليه الآن ملزمًا للرؤساء في المستقبل، الأمر الذي اعتبره العديد من المحللين غير قابل للتحقيق ومخادعًا؛ حتى لو كانت إيران تتوق إلى اليقين بعد عدائها طويل الأمد مع الولايات المتحدة، وقال بعضهم إنه حتى إذا عادت إيران إلى مخزونات اليورانيوم المخصب بمستوى 2015 ووافقت على خفض مستوى النقاء بدرجة أقل بكثير من الدرجة المطلوبة لتصنيع الأسلحة، إلا أن هناك حقيقة واقعية تمثلت في أنها قامت بالفعل بتركيب جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي- بدلاً من الأجهزة القديمة التي تعرضت لهجمات إلكترونية وعمليات تخريب، كانت على يد إسرائيل والولايات المتحدة على أرجح التقديرات، وهو الأمر الذي قد يستحيل تغييره أو محوه.
وأكدت الصحيفة، في ختام تقريرها، أن نتيجة قرار ترامب، الذي وصف الاتفاق النووي بأنه أسوأ صفقة على الإطلاق، أضافت أمرًا واقعيًا جديدًا قد يُعقد الأمور على المفاوضين في فيينا، تجلى في تقديرات العديد من المحللين حول العالم بأن طهران أصبحت الآن على بعد أشهر، أو حتى أسابيع كما يرجح البعض، من اكتساب القدرة على صنع سلاح نووي!.