خطوط وظلال تطرح المجموعة القصصية «تلة يسكنها الأعداء» للكاتبة فدوى العبود
صدرت حديثا عن دار خطوط وظلال للنشر والتوزيع، مجموعة قصصية جديدة بعنوان "تلة يسكنها الأعداء"، من تأليف الكاتبة السورية فدوى العبود، وقدم للمجموعة القاص المغربي أنيس الرافعي.
ويقول "الرافعي"، في كلمته التي جاءت على الغلاف الحلفي لمجموعة "تلة يسكنها الأعداء" للكاتبة فدوى العبود: كتبت المبدعة السورية المتميزة فدوى العبود، على امتداد السنوات العشر الأخيرة، الكثير من القصص القصيرة الجميلة، والعميقة، ومكتملة الأركان الجمالية والشروط الفنية، غير أنها على نحو مستغرب لم تستضفها بتاتا بين دفتي كتاب سردي.
حسب علمي، كانت تقدم عمليا على لملمتها، استعدادا لإطلاقها في سماوات النشر الرحيبة، بيد أنها في اللحظة الأخيرة تلغي الأمر، ثم تعمد إلى التخلي عنها نهائيا، كما لو أن هذه النصوص المغايرة منذورة للتبدد و الهباء، أو بالأحرى محكوم عليها بأن تعيش حياة متخفية وهامشية بين أدراج ومخطوطات الكاتبة السرية غير القابلة للعيش خارج ذائقتها المناوئة لمبدأ غزارة الإنتاج الأدبي .
ويضيف "الرافعي": صحيح أيضا أن اليسير من هذه النصوص الخبيئة بإحكام بزغ أحيانا إلى العلن، وإن كان بأسماء مستعارة وهويات مقنعة، بيد أنها ظهرت في صيغ مؤقتة وقابلة للتعديل والتحوير والتشذيب في كل مرة. إذن، ثمة شيء ملغز أو إحساس غامض ما كانا يجعلانها تتراجع القهقرى، و تخمد رغبتها في الانقذاف سريعا وبدون وجل صوب خضم التلقي الواسع المتلاطم . في تقديري، إن الرغبة في الإقامة داخل هذه المجهولية المختارة على نحو إرادي نابع من توق فدوى العبود إلى كتابة نص قصصي مستحيل ومتطلب وشائك يعبر عن رؤيتها المركبة والمربكة للعالم . ولما توصلت منها مؤخرا بمسودة "تلة يسكنها الأعداء" توقعت أن تظل المؤلفة وفية لأسطورتها الشخصية و لعدميتها في الإحجام عن ذيوع كينونتها التخييلية، فقلت مع نفسي: مؤكد أنها بعد أيام ستخبرني أن عزمها قر على عدم نشر المجموعة مرة أخرى، لكن لحسن الحظ وفيما يشبه معجزة صغيرة لم يحدث هذا، وهاهي تقرر أخيرا مواربة بوابة منجم الذهب الحكائي المستقر بداخل كيانها. و حسنا فعلت فدوى، لأننا كنا من دون ريب سنخسر متوالية نصوص سردية متجاورة ذات أنفاس سريالية وفنتازية من الطراز الرفيع، عبرت بواسطة التخييل الذاتي المخاتل، وعن طريق لغة حيادية مترعة بالتفاصيل صنو أخطبوط صامت يمد أذرعه في كل اتجاه، عن أضغاث الحرب و ظلال الدمار، من خلال موتيفات مجهرية تتعقب بذكاء وتمرس لافتين الأثر المتفتت، و الخدوش اللامرئية، والمصائر المتشابكة، والموجودات المعيقة، والأماكن الحلمية، والمتناصات الأدبية الكونية، والمصادفات العبثية، والمفارقات الساخرة، ومراوغات الزمن والذاكرة .
إن نصوص فدوى العبود تلقننا بأن الجراح القديمة تكون أحيانا هي الأكثر إيلاما، وبأن استيعاب ما حل بنا أثناء الكارثة المفجعة مستعص يشبه إلى حد بعيد محاولة قراءة و تفكيك العتمة الدامسة .