«على خطى الأساتذة».. كتاب شباب يروون تجربتهم مابين الصحافة والإبداع (1-2)
في عالم الإبداع تمكن عدد الموهوبين من الجمع ما بين الصحافة و مجالات مختلفة بدءا من الشعر مرورا بالرواية وحتى القصة، وكيف يجمع العديد من الكتاب احتراف الصحافة والكتابة الإبداعية ، وكان النموذج الأمثل في الجمع بين الصحافة و الإبداع ماركيز، وهيمنجواي.
وتمثل هذا النموذج في المشهد الصحفي والإبداعي المصري العديد من الصحفيين منهم فتحي غانم، وإحسان عبد القدوس، ومحمود عوض ، وأحمد رجب ، ومحمود السعدني ، ولويس جريس وغيرهم.
و في هذا التقرير نرصد الامتداد الذي لايمكن نكرانه في المشهد الصحفي والإبداعي لطابور طويل من الكتاب الصحفيين، الذي اتجهوا للكتابة الإبداعية وجمعوا بين احتراف الصحافة ليرووا لنا تجربتهم ما بين الصحافة والإبداع
خيري حسن: الإبداع ما بين الصحافة والأدب دائما فى منطقة تدعو للدهشة
قال الكاتب الصحفي والشاعر خيري حسن، لـ "الدستور" أن “الإبداع ما بين الصحافة والأدب يبقي دائما فى منطقة تدعو للدهشة والتساؤل، ولكن بالبحث فى هذا الأمر نكتشف إن العمل الصحفي ليس ببعيد عن الأدب والصحافة منذ بدايتها اعتمدت على الإبداع الأدبي، وأجيالها فى هذا الإطار تتواصل وتتجدد”.
وتابع " وإذا ما فتشنا عن هذه العلاقة ( الإبداع والصحافة ) نجد مثلا أسماء مثل محمود عوض، وصلاح عيسي، ومحمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين، ومحمود السعدني، وأحمد رجب، و في اعتقادي هذه أبرز الأسماء التى جعلت من الكتابة الصحفية حالة إبداع ، مضيفا وأن كانت الكتابة الأدبية ( مثال فتحي غانم - عبد الرحمن الشرقاوي- عبد الرحمن الخميسي) قد كسبت هذه الأسماء فى الصحافة والأدب، إلا أن الكتابة كسبت محمود عوض، وصلاح عيسي السعدني، وكامل زهيري، وأنيس منصور وغيرهم فى الصحافة ولم تكسبهم الكتابة الإبداعية بصورة مباشرة فى الأدب، وهذا بالطبع كان واضحا فى صحافة الستينيات وحتى دخول الألفية ، والتى تسببت فيها وسائل التواصل الحديثة فى خلط الأوراق فلم نعد نرى كثيرا الصحفي الأديب الذي ينتمي إلى مدرسة محمود عوض، وصلاح عيسي ومن تم ذكرهم فى هذا الاتجاه
وختم “ حسن”، فى كل الأحوال يبقى الإبداع والموهبة في الكتابة سواء كانت موجودة فى الإطار الصحفي فقط أو في الأدب فقط أو جمعت ما بين الصحافة والأدب، ومن هذا الباب كان دخولي إلى عالم الصحافة لأني وجدت فيه الكثير الذي يضيف لعالم الأدب والعكس .
سمية عبد المنعم: الصحافة صنو الإبداع ووسيلته العملية
فيما أوضحت الكاتبة الصحفية والقاصة سمية عبدالمنعم، أن الصحافة هي صنو الإبداع، ووسيلته العملية، فالصحفي المبدع يمكنه أن يضيف لعمله بالصحافة ويبدو جليًّا أكثر من زميله التقليدي، وكم من أقلام وأسماء بزغت في عالم الأدب كانت صاحبة الجلالة وراء انطلاقتها الأولى، مثل إحسان عبدالقدوس، ومحمود السعدني، وغيرهما، وعلى العكس منهما، هناك من الأدباء من لمعت أسماؤهم في عالم الإبداع فاتجهوا للصحافة لتفيد من فيض ذلك الإبداع، فمن ينسى ما أضافه كل من العقاد والرافعي وطه حسين، والمازني وأدباء المهجر، للصحافة المصرية والعربية.
وأضافت سمية عبد المنعم، أن تلك النماذج البارزة ربما يضعها المبدع نصب عينيه عندما يقرر الاتجاه للعمل بالصحافة، فكما يضيف قلم المبدع للصحافة، فإن العمل الصحفي يضيف للكاتب بعدا ذا شقين، يتمثل شقه الأول في نيل الشهرة، وضمان انتشار أسرع، واتساع دائرة علاقاته، وهو ما يكفله تردد الاسم في عالم الصحافة، ونشر إبداعه صحفيا، مما يسهل وصوله إلى القاريء أسرع مما يكفله النشر التقليدي.
أما الشق الآخر وهو الأكثر إفادة للكاتب على المستوى الأدبي، فيتمثل في احتراف الكتابة اليومية وهو ما يتيح تدريبا تلقائيا على الكتابة، خاصة إذا ما استطاع الكتابة في أكثر من مجال صحفي ولم يقتصر على مجال صحفي واحد، كما يتيح العمل الصحفي للمبدع الاقتراب أكثر من الواقع والمجتمع، فيمكنه عبر مشاهده خلق عالم إبداعي خاص به.
وأكدت أن عملها بالصحافة قد سبق ظهور أول إصداراتها بأعوام طويلة، فقد احترفتُ العمل الصحفي منذ ما يقرب 17 سنة، بينما صدرت أولى مجموعاتي القصصية "جنون الحب"، منذ خمس سنوات فحسب، مضيفة، أنها تكتب منذ الطفولة، لكنها تؤمن بأن النشر واحتراف الكتابة الإبداعية لا يأتي إلا بعد فترة طويلة من صقل الموهبة وتكوين الرؤى الخاصة بالكاتب، فليس كل من يملك قلما مختلفا يصبح كاتبا محترفا، بين يوم وليلة.
مؤكدة: إنني ورغم كون الموهبة تملكتني منذ الصغر، إلا أنني لا يمكنني إنكار فضل عملي الصحفي على احترافي الكتابة، فعملي كمحررة ثقافية لسنوات أتاح لي كنزًا لا يفنى من الأفكار، وخاصة مشاركتي في تحرير ملف الحوادث بجريدة الوفد على مدار عام كامل، كان كفيلا لفتح ملفات حوادث تخطت مفارقاتها خيال المبدع ذاته، وبالفعل أمكنني تحويل بعض الحوادث الواقعية إلى قصص إبداعية، نشرتها تباعا في جريدة الوفد، ثم كانت انطلاقتي في عالم النشر الأدبي، بتجميع تلك القصص في مجموعة قصصية لتصدر أولى مجموعاتي "جنون الحب"، ثم تتوالى إصداراتي لتصل الآن إلى أربعة، ما بين القصص القصيرة ودواوين الشعر، واختتمت "سمية" حديثها، قائلة إن الصحافة والأدب سيظلان وجهين متلازمين ونجمين ساطعين في سماء الإبداع.
أبو السعود محمد: الصحافة إضافة لتجربتي الإبداعية
من جانبه يقول الكاتب الصحفي والروائي ابو السعود محمد، دخلت لعالم الصحافة من منطلق أن العمل الصحفي سيقربني من المجتمع الثقافي والنشر، ولكن جرتني الصحافة وشغلتني لأنها هي التي حققت لي الحصول على لقمة العيش وإن كان القليل منها، فلا يمكن لمغترب أن يعيش في القاهرة بدون عمل ولأنه عمل كتابي فقد أغناني بعض الشئ عن كتابة الشعر والتحرك أكثر في كتابة الشعر، لكن لم أنساه وكتبت أشعارا كثير ونشرت في أخبار الأدب وأدب ونقد وكتاب الهلال وكانت لي مساحة يومية للشعر في إحدى الجرائد، و مؤخرا كتبت الرواية كفن من فنون الكتابة في تحد لنفس أنني استطيع أن أكتب الرواية كما كتبت الشعر والصحافة ،وأظن أنني أردت أن أقول أن الكتابة اصلها واحد، فكتبت الرواية بطريقة الرسائل متضمنة أدب الرحلات واختتمتها بالشعر.
وتابع أبو السعود، الصحافة في أساسها ترجع للحكاية، ولكن وضع لها قواعد وفنون للتبسيط للناس، وتختلف كليا عن فن الرواية والتى مرتبطة في جذرها على الحكايات متتالية والمركبة متناسقة في سرد واحد طويل لها قواعدها ، والتي تختلف عن الصحافة انها تحتاج لبداية وعقدة ونهاية بخلاف الصحافة التي تحكي حكايات صغيرة تحدث في المجتمع تتابعها الصحف يوميا وتحللها وتحققها ولا تهتم بخاتمتها لان خاتمتها قد تهم الرأي العام او تهم اصحابها فقط، وكل حكاية في المجتمع جديدة تمحو السابقة لها
و أضاف، استفدت كتير من عملي الصحفي في كتابة الرواية وخاصة إنني قمت بعمل تحقيقات وتابعت حكايات إنسانية وحصلت علي جائزة في القصة الإنسانية الصحفية من نقابة الصحفيين، كما استفدت من رحلاتي الصحفية والتعرف علي الحياة المختلفة لبعض الشعوب وحتى روايتي الأولى كانت أقرب لمعايشة صحفية لبشر مهاجرين في ألمانيا .
غادة قدري: دخولي إلى عالم الصحافة كان صدفة
ومن جانبها، قالت الكاتبة الصحفية والقاصة غادة قدري، أن البداية جاءت صدفة سواء نشر أول مجموعة قصصية أو عملي في الصحافة الثقافية، صدفتان في حياتي كنت أكتب قصص في المدونات اللي انتشرت في بدايات الألفية، وكانت لي مدونة بعنوان "مواسم الشمس" وكنت اكتب تحت اسم مستعار وهو فيروزان
وتابعت "استوحيت الاسم من امرأة مسنة التقيت بها عام 2001 في رأس البر، كانت تجلس بمفردها وتقص على جيرانها من المصطافين عن ذكرياتها في رأس البر مع زوجها الراحل الذي كان ضابطا في الجيش.
وأضافت غادة، بعد سنوات عملت في سكرتارية إحدى الشركات الإعلامية وكانت هناك مسابقة لاكتشاف المواهب فشاركت بقصة قصيرة، وفازت ضمن مجموعة قصص لمتسابقين آخرين وتم نشر القصص في كتاب، بعدها عرض علي الناشر نشر كتابي الأول، فوجدت نفسي دون تخطيط في لقاءات مستمرة وندوات ثقافية.
واختتمت قائلة، جاءت عروض الكتابة والعمل الصحفي بالصدفة إلا أني لم استمر كثيرا كصحفية ثقافة وخضت جميع القوالب والأنواع الصحفية، والموضوعات المختلفة المتخصصة سواء سياسة أو فن أو منوعات وحتى الرياضة والترجمة.