يوم المواكب الكبرى.. ماذا سيحدث فى حفل افتتاح طريق الكباش؟
حدث تاريخى تنتظره مصر ويتابعه العالم أجمع، غدا، مع الكشف عن «طريق المواكب الكبرى» المعروف بـ«طريق الكباش»، فى احتفالية كبرى تحت عنوان «الأقصر.. طريق الكباش»، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وعدد من كبار الشخصيات وسفراء الدول العربية والأجنبية.
وتستهدف هذه الاحتفالية بشكل أساسى الترويج السياحى لمدينة الأقصر وإبراز مقوماتها السياحية والأثرية المتنوعة، مع إلقاء الضوء على الحضارة المصرية العريقة.
وانتهت الأجهزة المختصة خلال الفترة الماضية من أعمال تطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين، بجانب مشروع ترميم صالة الأعمدة بمعابد الكرنك، وتطوير نظم الإضاءة بمعبد الأقصر، وترميم قاعة الـ١٤ عمود بمعبد الأقصر، فضلًا عن المشروع الأهم وهو مشروع الكشف عن طريق الكباش.
وتعهد الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، بأن تخرج «احتفالية الأقصر» بشكل يوازى احتفالية نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية.
يبدأ فى السابعة والنصف مساءً ويقدمه الموسيقار «نادر عباسى».. وفقرة خاصة لـ«حماقى»
تبدأ احتفالية «طريق المواكب الكبرى» فى السابعة والنصف مساء اليوم، وتمتد لمدة ساعتين، وتتخللها فقرات فنية رائعة، على غرار احتفالية المومياوات الملكية، ومن بينها فقرة يحييها النجم محمد حماقى.
ويقدم الموسيقار المصرى العالمى نادر عباسى موسيقى حفل الافتتاح، بنفس الآلات المستخدمة قديمًا على جدران معابد الكرنك.
وانتهت أعمال تزيين الشوارع والميادين والأسواق بالأقصر، وكذلك تصميمات الملابس والأزياء التى سيرتديها المشاركون فى الفعالية والأغانى والموسيقى المصاحبة لها، وذلك بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار والشركة المنفذة للفعالية، وهى الشركة ذاتها التى نفذت حفل نقل المومياوات الملكية.
وتتضمن الاحتفالية عروضًا موسيقية كانت أساسية لدى المصرى القديم، إلى جانب رقصات أكروباتية مميزة، مع استخدام اللغة المصرية القديمة.
وتمثل هذه الاحتفالية إحياء لـ«عيد الأوبت» الذى كان يحتفل به المصريون القدماء، حيث ستتضمن خروج موكب مقدس من مجموعة معابد الكرنك إلى معبد الأقصر.
وعن «عيد الأوبت» يقول الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: «عيد الأوبت» هو احتفال مصرى قديم كان يُقام سنويًا فى طيبة «الأقصر» فى عصر الدولة الحديثة وما بعدها، وكان يتم فيه نقل تماثيل آلهة ثالوث طيبة المكونة من: «الإله آمون، والإلهة موت، وابنهما الإله خونسو»، داخل مراكبهم المقدسة فى موكب احتفالى كبير، من معبد آمون فى الكرنك إلى معبد الأقصر، فى رحلة تمتد إلى حوالى ٢٧٠٠ متر، وكان يتم التأكيد فى ذلك الاحتفال على لقاء الإله آمون رع، رب معابد الكرنك، مع الإله آمون، رب معبد الأقصر، وتجديد الولادة، وكان الموضوع الأساسى فى ذلك الاحتفال، وكذلك إعادة تتويج الملك وتجديد شرعيته لحكم البلاد.
وأضاف أن كلمة الأوبت جاءت من التعبير «حب نفر إن أوبت» فى اللغة المصرية القديمة، ويعنى «العيد الجميل الخاص بالأوبت»، مشيرًا إلى أن الاحتفال كان يتضمن أيضًا اللقاء السنوى والزواج المقدس بين الإله آمون رع وزوجته الإلهة موت، وكان يتم نقل تمثال الإله آمون رع من قدس الأقداس فى معبده بمعابد الكرنك ووضعه فى زورقه المقدس، وكانت تُحمل الزوارق المقدسة الخاصة بالرب آمون رع وزوجته الربة موت وابنه الرب خونسو على أكتاف الكهنة، وكانت الرحلة تبدأ بالزوارق المقدسة وسط مجموعة من العازفين والموسيقيين والزمارين ومجموعة من الجنود على العربات الحربية متجهين إلى معبد الأقصر على ترانيم تُمجّد الإله آمون رع وتُعلى من شأنه وتدعوه إلى إسباغ فضله وحمايته ورعايته على ملك البلاد، وكان يبحر قارب ملكى مع قوارب الآلهة المقدسة. وكانت الطقوس فى «غرفة الملك الإلهى» تعيد الاحتفال بتتويج الملك، وبالتالى تأكيد أحقيته بمُلك البلاد.
وتابع: «وفى نهاية الاحتفالات فى معبد الأقصر، كانت تعود المراكب المقدسة مرة أخرى إلى معابد الكرنك، وفى الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر القديمة، كان يتم نقل التماثيل من وإلى معابد الكرنك ومعبد الأقصر عن طريق القوارب فى النهر، وليس عن الطريق البرى».
تطوير ساحتى معبد الكرنك.. وإعادة تأهيل الميادين مجددًا
شهدت الفترة الماضية جهودًا مكثفة من مختلف جهات الدولة استعدادًا لاحتفالية طريق الكباش، حيث تم تطوير ساحتى معبد الكرنك الخارجية والداخلية والطرق المؤدية إلى المعبد وإنشاء بوابة رئيسية لمعبد الكرنك تحتوى على مدخل ومخرج للحافلات السياحية وأماكن تمركز لأفراد الأمن والحراسة وعمل البرجولات الخشبية أمام البازارات السياحية بشكل يليق بمكانة المعبد، ليصل عددها لنحو ٨٠ برجولة، إلى جانب تغيير جميع الأرضيات المتهالكة بالساحة الخارجية للمعبد بعمل أرضيات من الخرسانة المطبوعة بالأشكال الحجرية مطعمة بشرائح البازلت الأسود.
وقالت وزارة السياحة والآثار إنه تم تغيير أرصفة ساحة معبد الكرنك وتزيينها ببلاط الإنترلوك، وإعادة زراعة وتأهيل أحواض الزراعة وإضافة الزراعات والأشجار المزهرة بساحة المعبد الداخلية المؤدية إلى بهو المعبد بشكل جمالى يليق بمكانته، إلى جانب زراعة أشجار نخيل حول سور الساحة الخارجية لمعبد الكرنك، علاوة على أعمال تهذيب الأشجار والنخيل الموجود داخل ساحات المعبد الداخلية والخارجية، كما تم الانتهاء من إنشاء ثلاثة ميادين أحدها أمام بوابة مطار الأقصر الدولى وآخر أمام نافورة المطار وثالث هو ميدان الشيخ موسى.
هذا إلى جانب إنشاء كورنيش النيل بطول ١.٧ كيلومتر، وإنارة جبل البر الغربى ليتماشى مع أعمال التطوير التى تمت بكورنيش النيل العلوى والسفلى، وتطوير أربعة ميادين رئيسية، وتطوير ساحة سيدى أبى الحجاج الأقصرى، وتطوير شارع السوق السياحية.
تدشين جدارية الهوية البصرية بطول 25 مترًا
شهدت الفترة الماضية انتهاء مشروع الهوية البصرية بالأقصر، حيث تم إنشاء جدارية بطول ٢٥ مترًا وارتفاع ٦ أمتار، ووضع شعار الهوية البصرية الخاصة بالأقصر باللغتين العربية والإنجليزية، وتطعيم الجدارية بالأحجار ووضع أحواض زهور أسفلها وإضاءتها بإضاءات حديثة غير مباشرة، وعمل جداريات من الفنون الجميلة تعتمد فكرتها على الدمج بين الخط العربى وصور الرجل والمرأة المصرية من مصر القديمة ومن صعيد مصر، مع توظيف المناظر الطبيعية الخلابة ورموزها الجميلة كالنخيل والمراكب الشراعية، بالإضافة إلى عمل جداريات البوليستر التى تقوم بشكل أساسى على مشاهد من حياة المصرى القديم فى الحضارة المصرية القديمة، وهى مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلًا وإنشاء وفتح طرق حول طريق الكباش ابتداءً من كوبرى الكباش وصولًا إلى معبد الكرنك، وإعادة تأهيل الجزيرة الوسطى بطريق المطار وجانبى الطريق بطول ٧ كم بداية من بوابة المطار وصولًا إلى كوبرى المطار، وعمل بردورات حدائق بطول الطريق.
ونجحت المحافظة فى إنشاء أربع حدائق جديدة حول معبد الكرنك وتزيين الطريق الدائرى الواصل بين طريق المطار إلى معبد الكرنك على طريق الكباش بمسطح حوالى ٢٠٠٠ متر، وأعمال تطوير كورنيش النيل من قاعة المؤتمرات الدولية حتى نهاية معبد الكرنك على النيل، وتشمل ترميم الأعمدة المصنوعة من الحجر الصناعى.
«الكباش».. ممشى من الحجر الرملى على جانبيه «تماثيل أبوالهول»
طريق الكباش هو طريق كان يربط بين معابد الكرنك فى الشمال ومعبد الأقصر فى الجنوب، وكان يمتد بطول حوالى ٢٧٠٠ متر، وكانت تحفُّ به تماثيل «أبوالهول» فى معابد الكرنك على شكل «أبوالهول» برأس كبش، والكبش هو رمز الإله آمون رع المقدس.
وأطلق المصرى القديم على هذا الطريق اسم «وات نثر»، بمعنى «طريق الإله»، وعُرف فى معابد الكرنك باسم «تا- ميت- رهنت»، وتعنى «طريق الأسود» أيضًا.
ويقول الخبير الأثرى الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، فى دراسة تحت عنوان «طيبة.. بانوراما الجمال تتجسد فى أرض الملوك»- إنه يوجد على طول الطريق البالغ ٢.٧ كم ١٢٠٠ تمثال، وعرض هذا الطريق ٧٦م، وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملى ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه وثناءً عليه، مقامة على قاعدة من الحجر مكونة من أربعة مداميك من الحجر.
وأضاف أن الطريق عبارة عن ممشى من الحجر الرملى على جانبيه تماثيل على هيئة أبوالهول، فمن الصرح العاشر بالكرنك إلى «معبد موت» يأخذ شكل جسم أسد ورأس الكبش، والجزء الأمامى من معبد خنسو يأخذ شكل الكبش الكامل، أمّا الجزء الممتد من معبد موت إلى معبد الأقصر فيأخذ شكل جسم أسد برأس إنسان وهو الجزء الأكبر من الطريق.
وذكر أن الملك توت عنخ آمون كان له دور محورى فى تغيير رءوس تماثيل أبوالهول من الشكل الآدمى إلى شكل الكبش، وذلك تقربًا للمعبود آمون، وهو يعد أقدم ملك عثر على اسمه محفورًا على قواعد التماثيل الخاصة بطريق الكباش خلافًا لما قام به سلفه من الملوك.
ويبلغ وزن كل كبش من خمسة إلى سبعة أطنان، ويمثل الإله آمون رع ورمزه الكبش فى مصر القديمة وكان رمز القوة والإخصاب عند المصريين القدماء.
وقالت الدراسة إن طريق الكباش أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى تماثيل أبوالهول ذات رءوس الكباش أحد رموز المعبود آمون المتراصة على جانبيه فيما بين معبد الكرنك ومعبد موت، وأطلق عليه طريق أبوالهول نسبة إلى تماثيل أبوالهول المتراصة على جانبيه بين معبد موت ومعبد الأقصر، وأطلق عليه طريق المواكب الكبرى نسبة إلى الغرض الفعلى الذى من أجله أنشئ الطريق، حيث استخدمه ملوك مصر القديمة كطريق مقدس للمواكب الدينية كما فى «عيد الأوبت».