الملك عبدالله الثانى.. ثوابت الأمة فى خطاب العرش السامى
.. «هذه الدولة الحرة؛ التى أكملت مئة عام من عمرها المديد ويحميها دستور عصرى ومتقدم، ستبقى عصية على عبث العابثين وأطماع الطامعين».
.. هنا خلاصة الرؤية الملكية الهاشمية، التى توجها الملك عبدالله الثانى، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.. وأظهر مستقبلها، أمس، فى النطق السامى، الذى تكلل بخطاب العرش، الذى افتتح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة التاسع عشر.
يأتى انعقاد مجلس الأمة الأردنى، بشقية الأعيان «مجلس الملك»، والنواب «مجلس الشعب»، كما هو متعارف عليه، ليبقى إيمان ونبل، وحرص الهاشميين، ميراثا، يتوارثه الأردنيون، والعرب الأحرار، فالعين الملكية أشرت، فى خطاب العرش التاريخى، على نبض شعب حر، أصيل، منتم، قال عنه الملك: «بلدنا على الدوام قصة بناء وكفاح سطرها الأردنيون بتضحياتهم».
…. وضعنا خطاب العرش السامى، فى افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر، أمام « تحدى الملك»، فمن لا يريد أن يكون عونا لإرادة الملك فى تحدى، الصعاب، ومساندة الأردن، والدولة الأردنية، فى صون وهج ونور وأنموذج المملكة، صانعة المحبة والسلام والأمن والأمان، وهى الرؤية التى تشد عزم الأردنيين للوقوف مع الملك لتجاوز التحديات والتداعيات، نحو التعافى، والإرادة الحرة، ولهذا، يرى جلالته: «سيبقى أردن الخير مثالا مشرقا فى التقدم والتضحية والإنجاز والتغلب على التحديات مهما كبرت»؛ ذلك أن «الأردن المثال» يحتاج أبناء الوطن، كل الأبناء، كل الرجال، كل الجنود، كل الأطباء، كل الصحفيين، كل الشباب، كل شابات وسيدات الأرض، فكما قال جلالته فى الخطاب المؤثر الهام: «حان الوقت للارتقاء بوطننا إلى مراتب متقدمة».
خطاب العرش السامى، تقليد دستورى، يصل به الملك، بين مجلس الأمة، والجمهور ومؤسسات الدولة الأردنية.
الملك، القائد الأعلى، حامى الدستور، فى الأردن، وهو الأب النبيل، وجه بوصلة استشراف المستقبل، بين يدى إرادة جلالته، وتلك التشاركية والتشبيك بين السلطات الثلاث، وبين قوة وعزم الجيش العربى، والأجهزة الأمنية كافة، وفى توجيهات الملك الهاشمى لمجلس الأمة، الأعيان والنواب، لهذا حدد القائد الأعلى، عدة مهام وطنية، بكل أبعاده المستقبلية وتأثيرها على صورة الأردن بين الإصلاح والتغيير المنظم المستند إلى الثوابت الأردنية الهاشمية:
*المهمة الأولى:
مسئولية مناقشة وإقرار قانونى الانتخاب والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية.
*المهمة الثانية:
عملية التحديث- بحيث- لا تقتصر على حزمة من القوانين والتشريعات وحسب، بل هى عملية تطور اجتماعى وثقافى فى الأساس.
*المهمة الثالثة:
تسند مسئولية أمام الأعيان والنواب، الإعلام الوطنى الأردنى، الجامعات والمدارس، الروابط والجمعيات الثقافية، البرامج الثقافية، مهمة توجيه القوى السياسية والأحزاب، التى عليها أن تنهض بدورها ومسئولياتها.
المهمة الرابعة:
ضرورة انتباه الأردنيين، والقوى التى تصنع أو تعين على إدارة الدولة الأردنية، الانتباه إلى خطورة الانتقاص من الإنجازات أو التقليل من شأنها، فهذه إساءة بالغة لا يقبلها أحد.
*المهمة الخامسة:
لتحقيق المستقبل، ضمن برامج واضحة، هو الطريق الآمن لتحقيق التحديث المطلوب، حفاظا على المكتسبات وحماية للاستقرار، ونحن عازمون على السير فى هذا الاتجاه بمسئولية ودون تردد أو تأخير، لتعزيز مصادر قوة الدولة، مجتمعا ومؤسسات.
*المهمة السادسة:
أهمية ضمان سيادة القانون على الجميع، دون تمييز أو محاباة.
*المهمة السابعة:
مسئولية مناقشة وإقرار قانونى الانتخاب والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية التى قدمتها الحكومة لمجلس الأمة، بهدف الوصول إلى بيئة حاضنة للحياة الحزبية، لتشكيل برلمانات المستقبل، بحيث يكون للشباب والمرأة دور بارز فيها.
*المهمة الثامنة:
حتى نضمن التقدم نحو البرلمانات الحزبية، أكد جلالته، أن المهمة أمامنا: عمل كثير لتطوير أحزاب تستند إلى برامج قابلة للتطبيق والتقييم، وتخدم مصالح المواطنين، وتحقق مشاركة فاعلة ومنتجة على جميع المستويات الوطنية والمحلية.
*المهمة التاسعة:
على القوى السياسية والأحزاب أن تنهض بدورها ومسئولياتها لتحقيق ذلك، فالتشريعات المقترحة لها أصل دستورى، وهى تشمل ضمانات للعمل الحزبى الذى لن نسمح بإعاقته أو التدخل فيه من أى جهة كانت.
*المهمة العاشرة:
صون مؤسسات الدولة السيادية والدينية والتعليمية بمسارى التحديث الاقتصادى والإصلاح الإدارى، وصولا لتحقيق التعافى من الظروف التى فرضتها أزمة كورونا وبناء أسس راسخة لشراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص.
*المهمة الحادية عشرة:
ضرورة التعاون بين جميع السلطات، وفى إطار الفصل المرن الذى حدده الدستور بينها، للمضى قدما فى مسارات التحديث والتطوير. وكلى ثقة بأنكم تدركون مسئوليتكم فى هذه اللحظة التاريخية المهمة، للعمل بجد وإخلاص واتخاذ قرارات توافقية جريئة ومدروسة، أساسها المصلحة الوطنية.
.. لعمرك سيدى الميمون، الملك الهاشمى، فقد احتفيت، بألم واضح، ساعة مواجهة مجلس الأمة، عندما شفيت وسم حاجتنا إلى إدامة وتزكية حب القائد البانى المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، فى ذكرى ميلاده 89، رحمة الله عليه.. فدعوت كل الأردنيين، سمعوك فلبوا النداء، للوقوف لقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة..
هذا بساط ملوك الهاشميين، ممن نذروا أرواحهم فداء للأردن العظيم.
فى منطق الدول المحورية والإقليمية، عربيا وإسلاميا، استطاع الملك عبدالله الثانى، التركيز عربيا ودوليا، وأردنيا على أهمية: أن قوة الأردن عمادها الأمن والاستقرار، نسعد بحماية، جيش عربى مصطفوى وأجهزة أمنية محترفة، وهى جيوش، تتكاثف مع جيوش الوطن من الإعلاميين والمثقفين، والشباب، والمعلمين، وفرق التطوع، عدا الأطباء والكادر الطبية والجامعات، تستظل بمنجزات هاشمية وإرادة حديدية لا تعرف إلا العمل والانجاز والتعافى.
.. ثوابت ومهمات وتحديات كثيرة بدت مطروحة فى وقت تعيش به المنطقة ودول الشرق الأوسط والعالم، أزمات وتداعيات عديدة، هنا، فى الأردن، ومن داخل مجلس الأمة، لسان حال الناس، التأكيد على التعافى، والمحافظة على العهد الملكى وعزم الرجال، نموذجنا، يقول الشعب، لجلالة الملك: سيدى، فى مملكتنا الهاشمية، «الجيش العربى»، الذى تتغنى به فخرا، فهو الجيش الذى ظل وفيا لاسمه وشعاره، وسطر أروع صور البطولة دفاعا عن فلسطين. وما زالت دماء شهدائه تعطر ترابها وترسم منارات تضحية وشجاعة على أسوار القدس، التى تعيش فى ضمير الهاشميين ووجدانهم منذ مئات السنين.
لهذا، خص الملك، جل الخطاب التاريخى، لكل ما قدم الأردن للقضية الفلسطينية ما لم يقدمه أحد غيره، وهذا واجبنا، وسيظل الأردن إلى جانب أشقائه الفلسطينيين حتى يستعيدوا حقوقهم الكاملة، ويقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطنى.
.. ولعل العالم ودول المنطقة والشرق الأوسط، والمنظمات والهيئات الدولية والأممية، تنتبه إلى ما أعاد الملك عبدالله الثانى التأكيد عليه أمام مجلس الأمة، فيما يخص «الوصاية الهاشمية»، فهى كما قال الملك: «أمانة أتشرف بحملها، لحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس».
.. رعاية الوصى الهاشمى، للأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، «التزام منا بمبادئنا وتاريخنا وإرثنا الهاشمى، وتجسيدا لإرادتنا الحرة وقرارنا الوطنى، الذى لا نسمح لأحد أن يتدخل فيه أو يساومنا عليه».
.. ووضع القدس والقضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية، ثابت من ثوابت الحضور الملكى السامى فى كل المحافل والمؤتمرات والقمم التى يشارك فيها ملك الأردن.
.. فى العاشر من كانون الأول2020 افتتح جلالة الملك عبدالله الثانى، أعمال الدورة «غير العادية» لمجلس الأمة التاسع عشر، وقتها خاطب الملك، الأمة، بما تعود عليه النطق السامى من مكاشفة ومصداقية وحب للشعب الأردنى، وقال جلالته: «لم تمنعنا الظروف الصعبة يوما، من مواصلة المسيرة الديمقراطية، والالتزام بالاستحقاقات الدستورية، فقد نجحنا، بحمد الله وتوفيقه، بإجراء الانتخابات النيابية، بالرغم من جائحة كورونا، وهذا يؤكد عزيمة الأردنيين وبإرادتهم».
.. ثمن الملك الهاشمـى، قوة وإرادة الشعب الأردنى، فى تداعيات وأزمات صعبة، كان أشرسها تفشى فيروس كورونا، وقال جلالته: «بحمد الله، هذا الوطن، بقوة شعبه، قادر على المضى بعزم وثبات، فدولتنا فتية بشبابها، عظيمة بإنجازاتها، منيعة بوحدة شعبها».
.. ما بين كانون الأول 2020 واليوم، تشرين الثانى 2021، هذا الوقت الزمنى، الذى يصل إلى العام، لنصل، مع إرادة جلالته إلى أعمال «الدورة العادية» الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر، بإلقاء خطاب العرش السامى.
مؤشرات مهمة يتضمنها الخطاب الذى، يُفوَّض جلالة الملك بإلقائه بموجب الدستور، فى افتتاح الدورات العادية لمجلس الأمة. وفيه يستعرض الملك السياسات الوطنية ومرتكزات القضايا الحيوية الهامة فى المنطقة.
.. وتتطرق خطابات العرش، فى العادة إلى خطط التنمية والسياسات المحلية، والاقتصاد والصحة والتربية، ويتجلى فيها النطق السامى، منها وداعيا إلى تعاون الأجهزة والسلطات الحكومية، الأمنية والعسكرية ومؤسسات الدولة الأردنية، لتحقيق أهداف وطنية محددة، بما فى ذلك، خصوصية قضايا البلد، وسبل المشاركة السياسية الموسوعة، والتى تستنهض القيم الأردنية والعربية والإسلامية الأصيلة والمحورية، التى انطلقت معها التطلعات الوطنية على هدى من المبادئ التأسيسية للثورة العربية الكبرى، والالتزام الهاشمى- الأردنى بالأمة العربية، والأمة الإسلامية، والمجتمع الدولى، والأممى.
خطاب العرش، بهاء ملكى، هاشمى نبيل، يخلص لدستور الأمة، وفق المادة 79 من الدستور الأردنى، التى تنص على أن جلالة الملك يفتتح الدورة العادية لمجلس الأمة بإلقاء خطاب العرش.
.. بمؤشرات ملكية، يتضمنها الخطاب، الذى تجتمع الأمة والشعب حولة، ومن هذه المؤشرات، تلك الأزمات والظروف التى يمر بها العالم، وتترك تداعياتها على المملكة كجائحة كورونا، وسياسة الدولة فى التعافى من التفشى، وحماية الاقتصاد، عدا الدفاع عن الإسلام، ودور المملكة فى مكافحة الإرهاب، والتطرف، وتعزيز الوحدة الوطنية، والمحافظة على المعايير الديمقراطية، ورفع مستوى المشاركة السياسية، وتوفير النصح والإرشاد وإتاحة الفرص للشباب من خلال التعليم، وتحقيق وإدامة وتحسين نوعية حياة الأردنيين، بحسب ما ورد فى موقع جلالة الملك الإلكترونى.
ويتركز الخطاب، على حيثيات، أبرزها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وبالذت قانونا الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما.
ويتصمن التوجية الملكى، خصوصية الرعاية الملكية الهاشمية للشباب والمرأة وتيسير سبل المشاركة السياسية الوطنية.
الخطاب، يشير إلى دور الأردن الوطنى والقومية، والدولى فى ظل الأزمات الدولية والنزاعات فى المنطقة والشرق الأوسط، إضافة إلى أزمة اللاجئين السوريين، وتأثيرها على خطة الاستجابة الأردنية للأزمة، ودور جلالة الملك فى دعم الحل السياسى للصراع، بما فى ذلك حماية الوضع الطبيعى والجغرافى والسياسى لسوريا، كما يعيد جلالته جهودة الدولية والإقليمية حول الوحدة والعمل العربى المشترك.
آفاق كثيرة، ذكية قدمها جلالته أمام مجلس الأمة والشعب الأردنى، والسلطات كافة، كما هى متاحة وتخاطب العالم العربى والإسلامى والمجتمع الدولى.
فالملك عبدالله، يؤمن بقدرة الأردن على تخطى الأزمات والبقاء فى نموذج الهاشمى، النبيل، الذى يشكل حالة سياسية شعارها ديمومة الأمن والأمان، والسلام وبالتالى، محبة عنوانها الصبر والإرادة، فى ظل الرعاية الهاشمية لمقدرات المملكة وجيشها العربى الهاشمى، كما جيشها الإعلامى الوطنى، وجيشها الأبيض، الصحى الذى يعمل بصمت ومحبة وتضحية، يؤمن بمنجزاتها جلالة الملك، فى يوم البهاء والبهجة، يوم خطاب العرش الزاهى.