من سيحارب إيران؟
.. "لا حرب في /أو على إيران"، هذه حقيقة أتركها عبر "الدستور" للناس، وللتاريخ!
.. و بالمطلق، لا الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي إسرائيل، أو أي دولة، تريد جر المنطقة والشرق الأوسط ودول غرب اسيا، أو الخليج العربي، لساحات ومتاهات ودمار الحرب.
.. عالميا هناك قلق من كيان إيران الدولة، التي تثير سؤال صورة هذه البلد، وهل صحيح ان البرنامج النووي" الإيراني" يمكن أن، يدخل العالم في حرب ليس لها حد، برغم ان لدى إيران شغب نووي يحرض على سباق تسلح في المنطقة والعالم بأسره..؟.
.. مع وجود البرنامج النووي الإيراني، واضح ان أعداء إيران، ليس لأنها بلد نووي، بقدر ما لها من ترتيبات طائفية، عسكرية، ودعم لاشكال من الأحزاب والتجمعات والاحلاف، الأمر الذي يضع حالة عدواني، تستغل ما يحدث من إيران لإعلان ان "الجيش الإسرائيلي" يكثف استعداداته لهجوم محتمل على إيران.
في جيوسياسية استشراف الأمن والسلم الأممي، لن يكون "رد فعل" إسرائيل، الكيان الصهيوني، المحتل لفلسطين، هو الكيان الذي نصب نفسه حارسا للعالم، برغم انه عدو أصيل في المنطقة والتاريخ، والإنسانية.
لهذا، يأتي ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس، إن الجيش" الصهيوني" في بلاده يكثف استعداداته لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، في وقت تستعد فيه القوى العالمية، الولايات المتحدة والمجموعة الاوروبية وغيرها، لاستئناف محادثات إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
" جانتس "، أثناء مشاركته في افتتاح مصنع جديد لإنتاج الأسلحة في شمال فلسطين،و إن:" إسرائيل ستنفذ عمليات "لم يشهدها أحد في الماضي" إذا اندلعت حرب إقليمية" .
.. اذا، تعني، الهروب إلى آخر القائمة، ذلك أن إسرائيل، كدولة عدواني، تاريخها قام على حروب ومجازر وارهاب، فيقول وزير حربها :"تعمل باستمرار لمنع الحرب"، يقف، يتنفس بهدوء ربما، ليقول:"ولكن إذا اندلعت حرب "فسنكون مستعدين لتنفيذ عمليات لم نشهدها في الماضي، بوسائل لم نكن نملكها في الماضي، ستضرب قلب كيانات الإرهاب وقدراته".
تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي، تتواصل مع قراءات سياسية، اقتصادية، أمنية تستغل، لعبة( شد الحبل)، التي تشجعها واكنة الإعلام الأمريكي، والاوروبي ،لأن أزمات العالم، التي وقعت خلال مائة يوم من قبل إعلان إيران، مطلع الشهر الجاري، التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لاستئناف محادثات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي في 29 نوفمبر الجاري، في خطوة رحبت بها الولايات المتحدة.
لا أجد مسوغات لحرب شرسة، تهدد المنطقة، بحجة سلاح إيران، دعونا نتذكر الرغبة الأمريكية المحمومة لحرب العراق، بحجة أسلحة الدمار الشامل!
.. إيران دولة اشكالية، جعلت دولة هجينة مثل إسرائيل، تستعرض عضلاتها وتقول:"لن تسمح بوصول أسلحة متطورة إلى وكلاء إيران الإقليميين، وسط تصعيد في الغارات الجوية في سوريا التي تُنسب مسؤولية عنها إلى إسرائيل" .
.. عمليا، وضعت إسرائيل، توازن القوة بين عوامل سياسية، إقليمية، أممية، وأمنية، فقد حددت إسرائيل معركتها(التي لن تحدث، أو حتى تبدأ) بالقول:" "لن نسمح لحزب الله ووكلاء إيران الآخرين في المنطقة بالتسلح بأسلحة من شأنها أن تضر بالتفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة"، و في وقت يواصل فيه سلاح الجو الإسرائيلي تدريباته على توجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني، بحسب عشرات الإشارات الإعلامية الدولية، التي تجعلنا نرى الحرب بعيدة!.
التخبط الإسرائيلي، يحيط به تخبط بوصلة عربية دولية، تركيا، روسيا، الصين، لأن بوصلة الرئيس الأمريكي، تفقد مغناطيسيتها، وتخبط في ضبط أحداث العالم بعد الانسحاب السريع من أفغانستان.
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "أفيف كوخافي" ، قال للجنة الخارجية والدفاع في الكنيست الصهيوني المتطرفة، إن الجيش "يسرّع التخطيط العملياتي والاستعداد( للتعامل) مع إيران والتهديد النووي العسكري"،مستندا إلى اعترافات إسرائيل بعدوانها "في العام الماضي، يقول أركان الجيش الصهيوني، :واصلنا العمل ضد أعدائنا في المهمات والعمليات السرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله"، ما جعلدقائد القوة الجوية والصاروخية بالحرس الثوري الايراني يهدد بـ"تدمير" إسرائيل في حال شنت أي هجوم على إيران.
.. إيران، تعرف ب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دولة تقع في غرب آسيا، ثاني أكبر دولة بالشرق الأوسط من حيث عدد السكان بعد مصر بإجمالي 85 مليون نسمة، وثاني أكبر بلدان الشرق الأوسط مساحة بعد السعودية بمساحة تبلغ 1,648,195 كم.. وهي بموقع جيوسياسي يجعلها نقطة التقاء لثلاث مجالات آسيوية (غرب آسيا ووسطها وجنوبها). يحدها من الشمال أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان. وتطل إيران على بحر قزوين (وهو بحر داخلي تحده كازاخستان وروسيا). ويحدها من الشرق أفغانستان وباكستان، ومن الجنوب الخليج العربي وخليج عمان، ومن الغرب العراق ومن الشمال الغربي تركيا.
لها، مركزا هاما في أمن الطاقة الدولية والاقتصاد العالمي بسبب احتياطاتها الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي؛ ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم ورابع أكبر احتياطي مؤكد من النفط.
قبل أيام، خرج قائد القوة( الجو فضائية) للحرس الثوري الايراني، "عنيد حاجي زاده"وهدد : "لا حاجة للحديث عن قدراتنا، العدو(....) يعرفها ولذلك يطالب التفاوض حول قدراتنا الصاروخية و يسعى للحد من قدرات مسيراتنا.. حاولوا لسنوات منعنا من خلال الحظر العسكري و منعنا من شراء الأسلحة ولم يحققوا اي نتيجة"، منوها بأن "المسيرات الإيرانية شوكة في عيون الأعداء!".
.. في السياق العسكري والأمني، تهديدات إيران، لا تعني التصعيد عمليا، وقال مصدر إيراني أمني :"إن السلطات الإسرائيلية تعلم أن بامكانها بدء المواجهة، لكنها لن تكون من ينهيها، و النهاية ستكون بيدنا.. سوف يتم تدميرهم لو اعطونا الذريعة اللازمة.. الحكومة الوحيدة في العالم التي تتحدث عن فرص بقائها و تعقد ندوات لمناقشة مخاوفها بهذا الخصوص هي إسرائيل.. ومن يفكر بالتهديدات الوجودية محكوم بالزوال ولا يستطيع الحديث عن بلدان اخرى وتهديدها، هذه التهديدات لها مصارف داخلية في إسرائيل".
يكشف الواقع السياسي للعالم عن فوضى سياسية تتزامن مع تراكم أزمات وقضايا عابرة للقارات، ليس أقلها الازمة السورية، والأمة العراقية، والأمة الصليبية والأمة الإثيوبية والأمة اليمنية، الازمة الخليجية الازمة الروسية الاكترونية،.. وصولا إلى أزمة بيلاروسيا وبولندا، حول منع حراك اللاجئين والمهاجرين، وفوق ذلك الصراع التركي المشترك بين اغلب هذة الأزمات، التي تسابكت مع الداعي والإنهاك الاقتصادي جرّاء العقوبات الدولية، جراء كل أزمة في كل بيئة، عدا عن تداعيات انتشار وتفشي جائحة فيروس كورونا،.. وإيران، في وسط كل ذلك، تحاول أن تكون شرطي المرور في هذا العالم، لهذا نتحالف مع أحلاف وجمعات لتكون قوية برغم إصرارها، المقيت على الاستمرار في برنامجها النووي، بعد أن استأنفت عمليات تخصيب اليورانيوم بقدرات متباينة و أعلى، ردا على انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مايو/ أيار 2018، من الاتفاق النووي (خطة العمل المشتركة الشاملة) من جانب واحد، وتشديدها العقوبات على طهران، وعدم تمكّن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق من رفع الحظر المتجدد على التجارة مع إيران بشكل فعّال، لينهار الاتفاق نهائيا في منتصف 2019، تصاعدت على إثره المواجهات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإحلافه وبين إيران ووكلائها في الإقليم.
، لاحرب في هذا الشتاء، ولا في العام 2022,لان الوضع في إيران مشتت، مثلما هو مشتت في معظم دول العالم، حتى مع أعداء إيران، خصوصا اذا علمنا، ان ايران فتت قدرتها العسكرية التقليدية، والتي بنتها ايام شاه إيران محمد رضا بهلوي، وبعيد العام 1979 مع الدولة الإسلامية، ، استراتيجيتها العسكرية انطلاقا من الديمغرافيا، وبوصفها كيانا سياسيا لأمةٍ شيعيةٍ فارسيةٍ تشكّل أقليةً في بيئةٍ معادية، تتمتّع بموارد وقدرات عسكرية هائلة. وبالإضافة إلى المواجهة مع الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية في المنطقة، هناك إسرائيل، ودول الخليج العربي.
.. القراءات تقدر مازتقوم عليه الاستراتيجية الدفاعية الإيرانية على فكرة "الحرب غير المتكافئة"؛ القائمة على استغلال نقاط ضعف العدو المتفوق والتحايل على نقاط قوته، ويلعب الردع الصاروخي فيها دورا مهما لتعويض الفارق الساحق في ميزان القوى الجوّية، وفكرة "الدفاع الأمامي" التي تفسّر الدور الهام الذي تلعبه تحالفاتها مع جماعاتٍ سياسية وعسكرية، من باكستان وأفغانستان شرقا إلى لبنان غربا، ومن سورية شمالا إلى اليمن جنوبا، وأهميتها بالنسبة لأمنها، الذي تتلاعب به بطريقة إدارتها لواقع وزن إيران الدولي والإقليمي.
.. في الحرب، التي تريدها الولايات المتحدة، ضد إيران، ترى إسرائيل العدوانية في إيران الأكثر عدواني، تهديدا "وجوديا"، وهي تحذر من أنها ستتصرف بقوة عسكرية إذا لزم الأمر، لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية.
.. في ظل أحلاف، وغطاء استراتيجي أمني وعسكري، تستهدف إسرائيل، منذ عام 2012، مواقع تابعة لإيران والميليشيات الموالية لها في أنحاء الأراضي السورية كافة، بما فيها درعا والرقة ودير الزور وحلب، وذلك في إطار ما سمي بـ "الحرب بين الحروب"، ومصطلح بين الحروب، لا يعني أن تقدم القوة الاسرائية نفسها قربانا، من إجل مسافة إضافية بين كيان وأخر، فما يتم لملمته، مؤشرات على خشبة مسرح، قتل المخرج أبطال مسرحيه، ليس لأنهم قتلة او سفله او علماء، بل لانه وصفهم بالمجانين.
.. المجانين لن يخوضوا في مستنقع دم جديد، يقلب الموازين ويغرق العالم بويلات الحرب.. لن تحدث.. ولا حتى بالاحلام.