فنيًا واقتصاديًا وسياسيًا
«مشروعات الربط».. خريطة طريق الدولة لتحقيق رؤية 2030 داخليًا وخارجيًا
تعد مشروعات الربط الكهربائي الدولي مكون رئيسي لأحد أهداف التنمية الاقتصادية التي تسعى وما زالت القيادة السياسة لتحقيقها وفقًا لرؤية مصر 2030، التي تمثل خارطة طريق الحكومة المصرية لتعظيم الاستفادة من إمكانياتها وميزاتها التنافسية، وتعمل على إعادة إحياء دورها التاريخي في ريادة الإقليم.
وقال الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إن العوائد الاقتصادية من مشروعات الربط الكهربائي الدول عديدة منها الاستفادة من تباين أوقات الذروة في البلدان المترابطة شبكيًا، في تبادل القدرات لتلبية الاحتياجات المحلية في وقت بلوغ الاستهلاك الدرجة القصوى.
وأضاف وزير الكهرباء، في تصريحات له على هامش توقيع الربط الكهربائي مع السعودية، أن ضمن فوائد الربط الكهربائي توفير التمويلات اللازمة لبناء المحطات الجديدة، مقابل القدرات التبادلية، بالإضافة إلى تصدير فائض الشبكة القومية إلى دول الجوار وقت ما يكون لديها زيادة في الطلب على الطاقة.
ولفت إلى أن مشروعات الربط الكهربائي، تساهم بشكل كبير في خفض تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، والذي بدوره ينعكس على المستهلك النهائي في كل القطاعات.
وكانت وقعت مصر مؤخرًا عدد من المشروعات في مجال الربط الكهربائي الدولي، أبرزها:
الربط الكهربائي بين مصر والسعوية
توقيع الشركة السعودية للكهرباء وشركة نقل الكهرباء المصرية عقود ترسية مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، ومن المقرر أن يكون لهذا المشروع مردود اقتصادي وتنموي لتبادل قدرات 3000 ميجاوات من الكهرباء، بتكلفة 1.8 مليار دولار.
يغطي قرض الصندوق العربي حوالي 25٪ من إجمالي تكاليف المشروع. تساهم المؤسسات المالية الأوروبية في المشروع بقرض يعادل حوالي 78.6 مليون دينار كويتي (حوالي 44٪) ، والبنك الدولي بقرض يعادل حوالي 34.2 مليون دينار كويتي (حوالي 19٪) ، وبنك التنمية الأفريقي بقرض يعادل حوالي 12.2 مليون دينار كويتي (حوالي 7٪). سيغطي المستفيد والحكومة المصرية التكلفة المتبقية للمشروع وأي تكلفة إضافية قد تنشأ.
الربط بين مصر واليونان وقبرص
كما وقعت مذكرة تفاهم ثلاثية فى مجال الكهرباء، تتضمن البدء فى دراسات وخطوات مشروع الربط الكهربائى المشترك بينها، تمهيدًا للتوصيل مع الشبكة الأوروبية، عن طريق كابل بحرى يوفر ربطًا مباشرًا. سينفذ على مرحلتين، الأولى بقدرة 1000 ميجاوات، ثم زيادة القدرات فى المرحلة الثانية إلى 3000 ميجاوات، وتقدر الاستثمارات الأولية للمشروع بالكامل بنحو مليارى يورو.
رؤية مصر 2030
وتدخل مشروعات الربط الكهربائي الدولي ضمن المكونات الرئيسة لاستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، ويأتي علي رأس هذه الإستراتيجية "الاقتصاد" ويلية "الطاقة"، وكليهما يمثلان وجهان لعملة واحدة، من حيث الهدف.
الاقتصاد: هدف يسعي إلي بناء سوق منضبط يتميز بإستقرارأوضاع الاقتصاد الكلي، وقادر علي تحقيق نمو احتوائي مستدام، ويتميز بالتنافسة والتنوع، ويكون لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمي، وقادر علي التكيف مع المتغيرات العالمية، وتعظيم القيمة المضافة، وتوفير فرص عمل لآئق ومنتج، ويصل بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.
الطاقة: يهدف علي تلبية متطلبات التنمية المستدامة من الطاقة، وتعظيم الاستفادة من موارد الطاقة المحلية-تقلليدية ومتجددة-والمساهمة الفعالة في دفع الاقتصاد والتنافسية الوطنية، والتنبوء والتأقلم مع المتغيرات المحلية والدولة في مجال الطاقة والابتكار، والريادة في مجالات الطاقة المتجددة.
طفرة غير مسبوقة
وتعرف التنمية المستدامة في مفهومها البسيط؛ بالانتقال من وضع إلي أخر مع أحداث تغيير للأفضل وبنمط مستمر، وتمثل مشروعات الربط الكهربائي الدولي الناتج النهائي للطفرة غير المسبوقة التي شهدها قطاع الكهرباء المصري خلال السنوات السبع الماضية-بداية من العام 2014-، وثمار ما تحقق علي أرض الواقع من تنمية اقتصادية لهذا القطاع؛ الذي عاني من عجز في القدرات والموارد المالية وعمل الصيانة اللازمة لمحطات الكهرباء، مما أدي إلي بلوغ ساعات انقطاع التيارلـ 6 ساعات يوميًا.
جاهزية الشبكة المصرية للربط الكهربائي الدولي
يلعب تبادل الطاقة الكهربائية بين الدول دورًا مهمًا في زيادة أمن الطاقة للعديد من البلدان، على رغم من أن تحسين البنية التحتية للشبكة عند نقطة الربط يحتاج إلى تكلفة إضافية، إلا أنه يوفر أيضًا فائدة كبيرة ليس فقط اقتصاديًا ولكنه يساعد أيضًا في تبادل أحمال الذروة، وتحسين جودة التوريد عن طريق زيادة موثوقية واستقرار الشبكات المترابطة.
لذا؛ أجرت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر العديد من الإجراءات من أجل أن تصل الشبكة القومية لنقل الكهرباء إلي درجة من الموثقية والإستقرار تأهلها لتكون بنك للطاقة الكهربائية علي المستوي الإقليمي والدولي، مما أهلها لتكون محور لمركز الطاقة في المنطقة وتبادلها عبر مشروعات الربط الدولي.
حجم القدرات بالشبكة:
حققت الشبكة القومية للكهرباء حجم إنتاج من القدرات غير مسبوق في قطاع الكهرباء المصري من قبل، وبحلول صيف 2021 بلغ حجم القدرات 58 ألف ميجاوات، فميا كان حجم الاستهلاك 31 ألفا فقط، مما يؤكد بناء كهرباء مصر لقاعدة للتنمية جاذبة للاستثمارات بعد تحقيق 27 ألف ميجاوات فائضًا، يحقق نسب الاحتياطي العالم لشبكات الكهرباء.
تكلفة انتاج القدرات :
خصصت الحكومة استثمارات تبلغ تريليون جنيه لتطوير و دعم قطاع الكهرباء، شملت إنشاء أكبر 3 محطات لتوليد الكهرباء بالعالم بقدرة 4800 ميجا وات للمحطة، في كل من بني سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة، بالتعاون مع شركة الألمانية، كما تم إنشاء محطات محولات وإنتاج وخطوط نقل ومراكز تحكم، وجار استكمال خطة القطاع لتحويل الشبكة القومية للكهرباء إلى شبكة ذكية.
مجال الطاقة الجديدة و المتجددة:
أنشأت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة والشركة المصرية لنقل الكهرباء أكبر مجمع للطاقة الشمسية عالميًا:
طاقة شمسية: في منطقة بنبان بمحافظة أسوان بالتعاون مع القطاع الخاص، يضم 40 محطة شمسية بقدرة 50 ميجاوات، باستثمارات تبلغ 2 مليار دولار.
طاقة الرياح: أنشأت كهرباء مصر أكبر وأحدث محطة لتوليد الكهرباء من الرياح بمنطقة جبل الزيت بمحافظة البحر الأحمر، بقدرة 580 ميجا وات، بتكلفة 12 مليار جنيه، بإجمالي قدرة 580 ميجاوات تعد الأكبر على مستوى العالم.
عوائد الربط الكهربائي علي الدول المترابطة شبكيًا:
نمـو اقتصـادي مسـتدام، وتوفيـر فـرص عمـل جديـدة، والمسـاهمة فـي تحقيـق الأهـداف العالميـة بخصـوص المنـاخ والتنميـة المسـتدامة.
توفر مشروعات الربط الكهربائي الدولي عوائد اقتصادية عدة، أبرزها توفير ملايين الدولارت اللازمة لبناء محطات إنتاح الطاقة الكهربائية لزيادة القدرات الكهربائية، بحيث توفر هذه المشروعات تلبية احتياجات الدول من الطاقة الكهربائية عبر تبادل القدرات في أوقات الذروة في البلدان المرتابطة شبكيًا.
القوة الاقتصادية:
يمثل فائض الطاقة الكهربائية نقطة قوة لمصر في جذب المستثمرين في مجال الطاقة الكهربائية، ويعزز مزيد التعاون في مشروعات الربط الكهربائي الدولي، خاصة في ظل ما يُعاني من العالم الآن، من أسعار النفط والغاز، في حين تضخم أزمة الطاقة وضرورة البحث عن الإمدادات البديلة.
والدول التي تعتمد في تلبية احتياجتها من الطاقة على مصادر الطاقة النظيفة والبديلة، في ظل تقلبات اسعار الغاز، لجأت إلى الطاقة المتجددة؛ لضمان الاعتماد عليها بنسبة أكبر، مع وضع خطة لتأمين الإمداد بشكل دائم دون تأثير للتغيرات المناخية، ما يأهل مصر لتكون وجهة هذه المساعي الدولية للبحث عن إمدادات الطاقة الدائمة الآمنة والمستدامة، خاصة وأن الشبكة القومية لنقل الكهرباء في مصر أصبحت قادرة على تلبية جزء من الاحتياجات العالمية للطاقة.
توفيـر فـرص عمـل جديـدة
تخلق مشروعات الربط الكهربائي الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة سواء في القطاع العام أو الخاص عند تنفيذ مشروعات الربط، بالإضافة إلى فرص عمل غير مباشرة في مجال الطاقة الكهربائية الجديدة والمتجددة محليًا لدي الدول المترابطة شبكيًا، وذلك في مجالات الإنتاج والنقل القدرات الجديدة التقليدية والمتجددة وربطها على الشبكةالوطنية استعدادًا لتبادل في مشروع الربط الكهربائي الدولي.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وفرت أحد المحطات العملاقة التي عملت علي تنفيذها الشركة الألمانية سيمنس في مصر نحو 7ألاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما وفر مشروع المزرعة الشمسية في بنان بمحافظة أسوان، 9 آلاف فرصة عمل لآبناء المحافظة وخارجها.
الفوائد الفنية والاستراتيجية والسياسية
يعد الربط الكهربائي أحد الوسائل الهامة لترشيد المنظومات الكهربائية، آما أنه يعتبر أحد أركان التعاون الأساسية بين الدول العربية بهدف الحد من التكاليف الرأسمالية والتكاليف التشغيلية لإنتاج الكهرباء لمقابلة مستوى معين من الطلب، ولتحقيق وفر في استخدام الطاقةالأولية.
كما أن للربط فوائد كثيرة تختلف باختلاف أنواع الربط والغرض منه، وسياسات الدول المرتبطة بالنسبة لاعتمادها على الدول الأخرى في تلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية.
وبالطبع عادة ما يبدأ الربط بين البلدان المتجاورة بصورة متواضعة وللتبادل في أوقات معينة، إلا أنه سرعان ما ينمو ويأخذ أشكالاً أكثر تطورًاً في ضوء التجربة الفعلية، وبعد اطمئنان الشركاء من النواحي الفنية والإستراتيجية والسياسية، والتأكد من منافع الربط.
مشروعات الربط الكهربائي
ترتبط شبكة كهرباء مصر مع كل من الأردن وليبيا والسودان، وجاري إمداد البلدان الثلاث بكل احتياجاتهم من القدرات وفقًا لجاهزية الشبكة الكهربائية لديهم، هذا بالإضافة إلي مشروعي الربط مع السعودية بقدرة 3000 ميجاوات، وقبرص واليونان بقدرة 1000 ميجاوات كمرحلة أولي.
وفيما يتعلق بالربط الكهربائي بين القاهرة والخرطوم، فهناك مشروع ربط يمد السودان بنحو 80 ميجاوات، وجاري تنفيذ إجراءات رفع السعة للقدرات إلي 300 ميجاوات.
صعود مصر في مؤشر التنافسية العالمية
صعد ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية لمؤشر جودة التغذية الكهربائية من المركز 121 عام 2014 إلى المركز 63 عام 2017 ، بتقدم 58 مركزا ، وفي مؤشر الحصول على الكهرباء من المركز 145 عام 2015 إلى المركز 89 في عام 2017 ، بتقدم 56 مركزا.
كما ستساهم مشروعات الربط الكهربائي بعد الربط الأسيوي والأوروبي إلي صعود ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية لمؤشر جودة التغذية الكهربائية إلي ترتيب متقدم أكثر بسبب جودة وكفاءة ومثقية الشبكة القومية لنقل الكهرباء.