رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عندما تكتب «عميرة هيس».. أنا ممولة للإرهاب

 

 

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي تصدر بالعبرية، اليوم الثلاثاء الماضي، مقالًا كتبته الصحفية الإسرائيلية "عميرة هيس"، مقالا بعنوان (أنا ممولة للإرهاب)، أثار زوبعة كبيرة في الأوساط الصهيونية المتطرفة، إذ قالت فيه:
"أعلن بموجب هذا، وأقر أنني أمول الإرهاب، بعض أموال الضرائب التي أدفعها للدولة - تقصد إسرائيل الاحتلال العدواني- تُستخدم في تمويل أعمالها الإرهابية وأعمال مبعوثيها المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني" .

 "هيس".. بذكاء ومكرونة سياسية، وضعت تعريفها للإرهاب الصهيوني ولفتت بمقالها الزوبعة: "إذا كان المقصود من "الإرهاب" التهديد والترهيب- فماذا يفعل قادة الجيش وجهاز الأمن العام، عندما يرسلون جنودًا ملثمين لاقتحام منازل الفلسيطينين ليلة بعد ليلة وضرب الكبار أمام نظر الأطفال، ماذا يفعل مفتشو الإدارة المدنية عندما يتجولون بين مجتمعات الرعاة؟، التحقق من إضافة خيمة أو منزل لإيواء الأطفال؟ ماذا تفعل كاميرات المراقبة العالقة في كل نقطة تفتيش في طريق الخروج من مدينة فلسطينية، أليست إرهابًا؟ وحرس الحدود في القدس، الذين يعتقلون كل من يعتقد أنه عربي، والجنود ورجال الشرطة الذين يوزعون الركلات، أو يصفعون كل من يجرؤ على الجدال معهم، أو يحصد الزيتون، ما هي مهنتهم إذا لم تخافوا؟".

 وتعيد الكاتبة وصفها لرعاع الأمن والجيش الصهيوني، فتؤكد..".. وعصابات المستوطنين الملثمين ذات الوجوه الملثمة والمظاهر الدينية والأسلحة الساخنة والباردة - ماذا يسمون العربدة في مهاجمة الناس والأشجار، أليس هذا هو الإرهاب؟ "... هي، بتمكنها الإنساني، ودورها الاعلامي، تثير الجدل، بل وتصر على القول: "ربما يذهب جزء بسيط من الضرائب التي أدفعها لهم، ربما إلى مجالس المستوطنات التي تتبناها، ربما لمسئوليهم ومسئولي وزارة الدفاع الذين صمموا ونفذوا معًا النمط الناجح لبؤر الرعاة الاستيطانية".

 تكتب، لتصف صفاقة ما يحدث في فلسطين المحتلة، أمام نظر العالم وبالذات الولايات المتحدة، الداعم الحامي لإسرائيل، ولكل قواها الاستعمارية، فتقول:" تعمل البؤر الاستيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية بنفس الطريقة: تستولي عائلة من المستوطنين المخضرمين على أرضها، وتأخذ قطيعًا من الأغنام والماشية، وتهدد بالبنادق والحجارة والكلاب، الرعاة الصغار والطائرات المسيرة تمنع الفلسطينيين وقطعانهم من الوصول إلى أراضيهم الرعوية".

تزامنًا مع رؤية "هيس"، أعلنت وكالات الأمم المتحدة ورابطة وكالات التنمية الدولية، عن وقوفها إلى جانب منظمات المجتمع المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة التي صنفتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، أخيرًا، على أنها منظمات إرهابية.
 الأكاديمي الفلسطيني ماجد كيالي، يصف "عميرة هيس" بقوله:
عميرة هس صحفية إسرائيلية اشتهرت بدفاعها عن حقوق الفلسطينيين، مثلها كجدعون ليفي وإيلان بابي ويوري أفنيري، والمحاميتين فيلتسيا لانغر وليئا تسيمل، اللتين اشتهرتا بالدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
كيالي، بخبرة واعية، أكد أن: "ما يميز عميرة، أيضًا، أنها تعيش مع الفلسطينيين، فهي عاشت في غزة عدة سنوات، وتعيش الآن في رام الله، ولها أصدقاء كثر من الفلسطينيين، وفضلًا عن مناوئاتها العنيدة والمثابرة للسياسات الصهيونية الاستيطانية والعنصرية والعدوانية، وتأييدها لحق الفلسطينيين في المقاومة، فهي أيضًا ناقدة لاتفاق أوسلو، وللسياسات التي تنتهجها القيادة الفلسطينية، والتي تؤكد عدم جدواها في كسب رضا إسرائيل. وكانت "عميرة" ذهبت، أيضًا، في قافلة بحرية إلى غزة إبّان الحرب الإسرائيلية الأولى على القطاع (أواخر 2008) ومكثت فيها 22 يومًا".
وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، قال بيان صادر عن الأمم المتحدة والتنمية الدولية إن القرار الذي اتخذه وزير الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية بالإعلان بموجب أوامر عسكرية أن ست منظمات غير حكومية فلسطينية هي منظمات غير مرخصة في الضفة الغربية، "يعمق قلق وكالات الأمم المتحدة ورابطة وكالات التنمية الدولية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة".

ووصف القرار الإسرائيلي بأنه تآكل إضافي للفضاء المدني والإنساني ويقيّد على نحو كبير عمل المنظمات الـ 6 التي عملت مع المجتمع الدولي، بما في ذلك مع الأمم المتحدة، لعقود من الزمن، لتقديم الخدمات الأساسية لعدد لا يحصى من الفلسطينيين.

هناك تيار يهودي، داعم للحقوق الفلسطينية، ويدافع بهدوء، وسط تغييب مقصود، يمنع تضامن الأصوات الحرة  الأخرى، التي تحتاج إلى إعادة النبش في الفكر الصهيوني، وتدمير السردية الإسرائيلية بعمق ودلالات واعية.