استحقاق متأخر.. ومطلب يتحقق
قرار الرئيس عدلى منصور بترقية الفريق أول عبد الفتاح السيسى إلى رتبة المشير جاء متأخراً، إذ إنه كان من المفترض أن يأتى فى أعقاب 30 يونيو الماضى، استجابة لمطالب الجماهير بذلك، تكريماً للرجل الذى أنقذ مصر من مستقبل مجهول فى أكناف جماعة الإخوان،
بعد عام أسود، ذاقت فيه مصر ويلات أمرها، وما كانت تعرف إلى أين ستصل بها الأيام، لو استمرت الأحوال على ما كانت عليه، لولا أن حمل هذا الرجل المخلص روحه على كفه، وهب مع الشعب، ينفض غبار العام الأسود عن مصر، ويعلن انتهاء عهد الفاشية الدينية، ويرسم مع رموز مصر خارطة مستقبلها.. لهذا حُق له أن يحصل على هذه الرتبة، منذ ذلك الوقت وليس الآن.
لقد منح الشعب ثقته للسيسى، وهذا هو الوسام الأعظم، ورفعه حيث يستحق أن يكون، واعتبروه سندهم وقوتهم، ومحققًا أمانيهم فى زعيم مُخلِّص، يقود البلاد نحو العزة والكرامة، ويفتح أمام شعبها آفاق المستقبل، بتقدير عربى واحترام غربى، حتى تعود مصر مثلما كانت عليه، قوية عزيزة شامخة، وقد بدا ذلك واضحاً فى تحول مليونيات الاحتفال بذكرى يناير الثالثة إلى مطالبات شعبية بترشيح السيسى رئيساً للجمهورية.
ذلك هو عين ما دفع المجلس العسكرى أمس الأول إلى تفويض السيسى للترشح فى انتخابات الرئاسة القادمة، وقد جاء فى البيان الذى صدر أمس الأول أن ذلك يأتى استجابة لمطالب جماهير الشعب المصرى، التى وثقت فيه وآمنت به زعيماً لهذه البلاد.. لماذا؟
لأن زمناً طويلاً انقضى منذ أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ولم تشهد مصر هذه الكاريزما فى القيادة الممزوجة بالشموخ والعزة والكرامة، بل والصلابة والقوة والقدرة على قيادة البلاد فى أحلك اللحظات، وهو ما جربه الشعب فى 30 يونيو، عندما لم يجد من ينقذه من سواد أيام الإخوان إلا هذا الرجل، والتفاف الجماهير حوله.. ولأن ترشح السيسى للرئاسة يحول دون نزول الحابل والنابل إلى ساحة الانتخابات والترشح على منصب الرئيس، خاصة من التيارات المدنية، الأمر الذى يفتت أصوات الناخبين بين هؤلاء جميعاً، لنفاجأ فى النهاية برئيس إخوانى أو على شاكلته أطل علينا من جديد، لأن جماعته انتظمت فى التصويت له، وتلك كارثة يمكن أن تتحقق إذا لم يُعمل الجميع عقولهم وينحازوا إلى مرشح واحد، يلتف حوله الشعب كله منذ بواكير ثورة 30 يونيو، وتلك مسألة فى غاية الخطورة، يجب النظر إليها بعين الاعتبار والتخلى عن الأنا وتغليب المصلحة الوطنية، وإلا جاء ثانية من هربنا منهم أولاً، وكأننا لا نتعلم الدرس.
أعلم أن كثيرًا200 من الناس قد أُسقِط فى أيديهم بعد إعلان المجلس العسكرى تفويض السيسى لخوض انتخابات الرئاسة، لأنهم يعلمون أى مصير ينتظرون مع هذا الرجل، ويدركون أنه بالقادم الجديد، لن يكون هناك وقت للعب أو العبث والفوضى، بل إنها ستكون إن شاء الله، ملحمة عمل وإنتاج، والضرب بيد من حديد، على كل من يريد العودة بمصر إلى الوراء، أو يريد العبث بأمنها القومى.. تلك أيام أعتقد أنها انتهت ولن تعود ثانية.
لكن يبقى أمر مهم.. أن يتوحد الإعلام على كلمة سواء، هدفها مصلحة مصر والانتصار لإرادتها، بعيداً عن مهاترات فرقاء السياسة على شاشات الفضائيات، الذين يُربكون عقول الناس، خاصة البسطاء، فلا يميزون الخبيث من الطيب، من كثرة السجالات السُفسطائية التى يجيدها هؤلاء المتبارزون بمصالح الشعب فوق الشاشات.. ثانياً، الالتفات إلى دور المساجد فى تكوين الرأى العام، وتقديم الفهم الصحيح لمن يريده، خاصة أن المساجد مرهون بها الثقة والصدق فى المنقول عنها، وهما وسيلتان للوصول إلى المواطن، نرجو ألا يسطو عليهما من يلعب فى عقول شعبنا باسم الدين أو حرية وهمية، أو غيرهما مما يتشدق به زبائن الفضائيات دائماً.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.