«قضاء وقدر أم إهمال».. قانون المسؤولية الطبية يثير الجدل من جديد
عادة ما تتوه جرائم الإهمال الطبي في مصر بين الطبيب والمريض وذويه، إذ يؤول الأطباء ما يحدث إلى القضاء والقدر، وفي الوقت ذاته يرى ذوي المريض أن هناك «إهمال طبي» بشكل أو بآخر، مطالبين بحقوقهم، باحثين عن المسؤول، لاسيما وأنه في بعض الحالات وتحديدًا الجراحات يوقع ذوي المريض على تحملهم مسؤولية أي مضاعفات تنتاب مريضهم، بينما قد تكون تلك المضاعفات نتيجة إهمال طبي.
لذا تتجدد الدعوات بضرورة وجود قانون يحكم تلك المعضلة، ويحفظ حق الطرفين «الطبيب» و«المريض»، ففي حال أخطأ الطبيب يتم محاسبته والتفريق بين خطأ الإهمال وخطأ القضاء والقدر، ومن هنا ظهر قانون المسؤولية الطبية.
طفرة في القوانين الخاصة بالقطاع الصحي
ومن جانبه، أكد الدكتور حسين خالد، رئيس لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات، أمس، أن هناك طفرة في القوانين الخاصة بالقطاع الصحي، مبديًا اعتراضه على عقوبة حبس الطبيب حال وقوع الخطأ والواردة في مشروع قانون المسئولية الطبية.
وقال: «الطبيب لابد أن يكون له تمييز لأنه مسئول عن صحة المواطن»، كما طالب بإلغاء عقوبة الحبس الاحتياطى للطبيب، واقترح التدرج في الغرامة حال وقوع الخطأ الطبي، متابعًا: «لدينا 3 قوانين هيكون هدفهم تحقيق المواءمة الطبية، وهناك أهمية لمشروع قانون المسئولية الطبية، وللأسف تأخرنا فيه عن دول العالم والدول العربية».
فهل تحتاج مصر إلى قانون المسؤولية الطبية للفصل في حالات الإهمال الطبي؟.. وما هو ذلك القانون ومتى ظهر؟.
«الدستور» أجابت على تلك الأسئلة من خلال التقرير التالي:
الدكتور محمد هلال، طبيب في إحدى المستشفيات الحكومية بمنطقة الجيزة، يرى أن قانون المسؤولية الطبية له عيوب ومميزات، موضحًا أن مميزاته هي التفريق بين الإهمال الطبي والمضاعفات الطبيعية، حتى لا يضيع حق المريض أو الطبيب على حد سواء.
يضيف: «ليس كل المضاعفات هي إهمال طبي فهناك مضاعفات طبيعية تكون خارجة عن إدارة الطبيب وتلك مسألة يصعب إثباتها أو إقناع العامة بها، فالمريض بمجرد أن يحدث له أي مكروه لا يلزم الأهل سوى الطبيب المعالج دون معرفة حيثيات ما حدث أو الحالة الصحية للمريض».
وأوضح لـ«الدستور»: «أما عيوبه فهي عدم تأهيل المستشفيات الحكومية للاستفادة من ذلك القانون بسبب ضعف الإمكانيات فقد تكون الوفاة أو الضرر نتيجة ضعف الإمكانيات داخل المستشفى، ربما لو توافر تلك الأشياء للطبيب ما وقع في المضاعفة الطبيعية، والتي يرى أهل المريض أنها إهمال طبي لا غير».
أول ظهور لقانون المسؤولية الطبية
كان أول ظهور لقانون المسؤولية الطبية في العام 2016، وهو عبارة عن 6 أبواب الأول عن الأحكام العامة، والثاني عن تشكيل هيئة تقرير المسئولية الصحية، والثالث عن إجراءات تقديم الشكوى للهيئة، والرابع عن العقوبات، والخامس عن التأمين على المسئولية الصحية، والسادس عن أحكام انتقالية.
وحدد القانون الحالات التي يقع فيها على الطبيب مسؤولية الضرر للمريض والعكس، وهي كالآتي: «إذا كان الضرر الواقع على المريض هو أحد الآثار والمضاعفات الطبية المعروفة فى مجال الممارسة الطبية، إذا اتبع مقدم الخدمة الطبية أسلوبًا معينًا فى الإجراء مخالفًا لغيره فى الاختصاص، وإذا كان الضرر قد وقع بسبب فعل المريض نفسه أو رفضه للعلاج».
وحاليًا تم تعديل القانون أكثر من مرة، ليشمل إنشاء هيئة لتقرير المسؤولية عن الضرر الطبي تكون مستقلة تضم هذه الهيئة ممثلين عن المرضى ومصلحة الطب الشرعي ومجلس القضاء و نقابة الأطباء ووزارة الصحة والمستشفيات الجامعية.
وتقوم بالتنسيق مع اللجان النوعية في التخصصات المختلفة من تحديد وقوع الضرر على المريض نتيجة خطأ من مقدم الخدمة وتحديد جداول التعويض المالي لمتلقي الخدمة تبعًا للضرر الواقع عليه، كما أكدت نقابة الأطباء أن مشروع هذا القانون يلغي العقوبة السالبة للحرية «الحبس» في حالة وقوع ضرر للمريض أثناء ممارسة المهنة للمرخص لهم.
عدد الأخطاء الطبية
لا يوجد إحصاء رسمي عن عدد الأخطاء الطبية في مصر، ولكن تقدر وزارة الصحة عدد الأخطاء الطبية في مصر سنويًا بـ 180 ألف حالة، وحسب تصريحات نقابة الأطباء فإن نحو 20 طبيبًا يتم شطبهم من النقابة سنويًا بسبب الأخطاء الطبية، وتنص المادة رقم 244 من قانون العقوبات، على أن عقوبة الخطأ الطبي الجسيم الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز «200 أو 300 جنيه» أو بإحدى هاتين العقوبتين.