حب وأدب وأشياء أخرى.. حكايات من دفتر العمر لتوفيق الحكيم وطه حسين
هناك كثير من المشتركات بين طه حسين والمفكر الكبير توفيق الحكيم، وهو ما رصده الكاتب والباحث إبراهيم عبد العزيز في كتابه "أيام العمر.. رسائل خاصة بين طه حسين وتوفيق الحكيم" وعرض لكل منهما من نواح كثيرة.
ففي باريس، كان عميد الأدب العربي طه حسين يسكن حي الجامعة (الحي اللاتيني)، بينما كان يسكن توفيق الحكيم في "مونمارتر" باريس وهو حي رجال الفن.
كان طه حسين محبًا للعلم والتحصيل والتفوق في الدراسة والحصول على أرقى الشهادات الأدبية، بينما كان الحكيم نافرًا من الدراسة ينجح كيفما يستطيع النجاح، ويتخرج كما يستطيع أن يتخرج ولهذا عندما ذهب لإحدى المحاضرات في "السوربون" وكان المحاضر في تعمق دراسة "موليير" خرج من عنده ولم يعد ثانية، فلم يكن يهمه تاريخه ونشأته ولكن كان يهمه عمله.
كان طه أيام شبابه يكره أن يشغل بشئ غير الجد، أما الحكيم فكان يشغل نفسه بفرقة عكاشة التمثيلية وما يمرن به نفسه يمدها به، ما حدد طريقه وحدد خطاه ليستطع إلى الإفلات منه سبيلا، رغم محاولة والده أن يبعده عن ذلك المناخ بدراسة القانون في باريس عله يسلك بعد عودته طريق والده في القضاء.
فإذا بالحكيم بدلا من أن يبتعد عن مناخ الفن إذا به يقترب من بيئة للفن أكثر خصوبة واتساعا وثراء فوجد فيها نفسه ليعود مشبعا بالفن وأكثر استعدادا ليكون فنانا، وإن كان قد عمل لبعض الوقت وكيلا للنيابة إرضاءً لوالده إلى خاب أمله في حصول ابنه على دكتوراه القانون إلا أن فن الكتابة المسرحية لم يفارقه طوال الوقت، فهو كما وصفه طه حسين" في تقديمه للمجمع اللغوي"، يذدي واجبات وظيفته ليخلص من أداء هذا الواجب وليعفى من التقصير، ولكنه يمنحها أيسر ما عنده، محتفظا بخبر ما عنده لهذا الفن الذي استأثر ب.
كان طه حسين جسرا للثقافة بين الشرق والغرب فيما نقل إلينا من ثقافات الوينانيين وثقافات الاوربيين، وكان صاحب أسلوب ممتع سهل كالمنفلوطي، أديبا مدبعا وناقدا للأدب بروح المبدع لا بروح الناقد، كما وصفه الحكيم- ولذلك كان الحب والكره يدخل في تقييمه لمن ينقدهم وليس أدل على ذلك من تقديمه لحافظ على شوقي حين تعرض لهما في كتاب حافظ وشوقي.
كان الحكيم فنانا مبدعا عرف الفن وتذوقه من اتصاله بالفنانين منذ صباه حين عرف عالم الفرح ثم صادق الفنانين في شبابه، ما لم يتح لطه حسين بسبب ظروفه الخاصة فلم يستطع أن يتذوق الفن إلا عن طريق وسيلته في الدرس والقراءة والتحصيل، ولكن فضل طه حسين أنه كان رائدا من رواد النهضة الأدبية والنقدية بل هو مؤسسها فيما غير به مناهج النقد بثورته "في الشعر الجاهلي" كما كان رائدا من رواد العلم والثاقفة والتنوير.
وكان توفيق الحكيم مؤسسا لفن المسرح التمثيلي كباب من ابواب الادب إضافة للأدب العربي فكان رائده الذي احيا به المسرح وأنواره بعد أن كان قد مات انطفأت أو كادت، حين عاد من باريس لتعود بعودته أضواء المسرح إلى الظهور كفن محترم في باب الادب، وفي باب التمثيل، تقبل شهادة أصحباه باعتبارهم فنانين محترمين لا مشخصاتية كما كانوا يوصمون ويوصفون به.