دار جاليمار تطرح النسخة الفرنسية لكتاب «تاريخ الفلسفة»
صدرت حديثا عن دار جاليمار الفرنسية للنشر، الترجمة الفرنسية للجزء الأول من كتاب فلسفي ضخم، ألفه الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورجن هابرماس، تحت عنوان: تاريخ الفلسفة، يحمل الجزء الأول عنوان: الكوكبة (أو النخبة) الغربية: من الإيمان إلى المعرفة.
وقد أشارت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية من خلال ملحقها الأدبي، الصادر يوم الجمعة الماضي، إلي أن هذا الجزء الأول من كتاب الفيلسوف الألماني الشهير، يقع في 851 صفحة.للإشارة هذا الكتاب كان قد صدر في مجلدين باللغة الألمانية، مطلع شهر نوفمبر 2019، و قد بلغ مجموع صفحاته: 1752 صفحة.
وكان قد صدر هذا الكتاب الضخم والمهم، أمام مفاجأة الجميع، بعد غياب طويل من الفيلسوف عن التأليف، إذ اعتقد البعض، بسبب تقدم الفيلسوف الألماني في السن، وقد تجاوز العقد التاسع، أنه توقف عن البحث والاشتغال الفلسفي. ولكنه فيما يبدو كان منهمكا في البحث والتنقيب من أجل إنجاز هذا الكتاب المهم: كتاب تاريخ الفلسفة.
يُشار أن الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورجن هابرماس (1929) يعتبر أحد أبرز الفلاسفة الألمان في العصر الحديث، لا يقل شأنا عن عظماء الفلاسفة الألمان عبر العصور، يطلق عليه "العقل الوهاج لمدرسة فرانكفورت"، وهي مدرسة نقدية فلسفية، نشأت بمدينة فرانكفورت الألمانية سنة 1923، جمعت كبار الفلاسفة الألمان المعاصرين.
أصدر "يورجن هابرماس"، أكثر من خمسين كتابا في الفلسفة وعلم الاجتماع، تعتبر أعمالا أكاديمية مرجعية، وتدرّس في جامعات العالم. من حسن الحظ تم ترجمة مجموعة لا بأس بها من مؤلفاته إلى اللغة العربية، من بينها: "القول الفلسفي للحداثة"، "جدلية العلمنة العقل والدين"، "الأخلاق والتواصل" ، "العلم والتقنية كإيديولوجيا".
وبحسب الباحث المغربي "سفيان البطل": يعدُّ الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس أحد الوجوه البارزة في القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنه يعدُّ ممثلاً للجيل الثاني لمدرسة فرانكفورت النقدية، على الرغم من اختلافه مع ممثلي هذه المدرسة.
لقد كانت فلسفة اللغة أحد أهم المنطلقات الأساسية في تكوين نظرية الفعل التواصلي عند يورجن هابرماس؛ حيث اهتم بأعمال اللسانيين وفلاسفة اللغة، أمثال جون أوستين وجون سيرل، في نظرية أفعال الكلام، كما أنه انطلق من مفهوم جديد للعقلانية حيث انتهت الحداثة الأوروبية إلى ما يصطلح عليه بالعقل الأداتي، ومن هنا جاءت دعوة هابرماس إلى تفعيل دور الفلسفة، والتأكيد على العقل، باعتباره المنطلق الأساسي لأي نظرية في المجتمع؛ لذلك نادى بضرورة مواصلة المجتمعات الحديثة تطورها باستكمال هذا المفهوم الأداتي عن طريق إدخال البعد التواصلي في مفهوم العقلانية، الأمر الذي ساهم في تحقق التفاعل بين الناس، من خلال التواصل اللغوي الهادف إلى التفاهم المتبادل وفق قواعد أخلاقية تحكم العملية التواصلية حسب معايير متفق عليها.
ويضيف "الباطل": إن هذه العلاقة التواصلية، التي يحاول هابرماس أن يقدم من خلالها تفسيراً لبنية المجتمع المعاصر، تتحدد على ثلاثة أبعاد ينطوي عليها مفهوم العقلانية التواصلية؛ «أولها: علاقة الذات العارفة بعالم الأحداث والوقائع، ثانيها: علاقتها بعالم اجتماعي يتميز بالفاعلية وبالانخراط الشخصي في التفاعل مع الآخرين، وأخيراً علاقة شخص يعاني، أو شخص عاطفي -بتعبير فويرباخ-، بطبيعته الباطنة أو بذاتيته وذاتية الآخرين».