هجوم "فيلق القدس" على القاعدة الأمريكية في سوريا.. هل تغيرت قواعد اللعب؟
قام قوات فيلق القدس الإيراني بالهجوم على قاعدة التنف في منطقة المثلث الحدودي سوريا – الأردن - العراق لكنها تتواجد (داخل الأراضي السورية) قبل أيام، ورغم أن الضرر لم يكن كبيراً، إلا أن دلالات الهجوم الغير مسبوق كثيرة، وتشير إلى تغيير واضح في قواعد اللعب فيما يتعلق بالملف السوري.
ما هي قاعدة "التنف"؟ وما دورها؟
قاعدة "التنف" كانت تشكل موقعاً للتحالف الغربي ضد داعش، ثم تحولت بعد ذلك إلى مقر لجمع معلومات استخباراتية وعملانية، الأميركيون أقاموها كقاعدة محدودة، يتواجد فيها قرابة 400 عسكري ومدني أمريكي وبعض العناصر من الاستخبارات البريطانية والفرنسية الذين يعملون على جمع المعلومات عن داعش في سوريا والعراق بصورة خاصة، وكذلك تجمع الاستخبارات الأمريكية منها معلومات حول ميليشيات إيران في المنطقة.
الميليشيات الإيرانية تتواجد في منطقة البوكمال على مسافة 300 كيلومتر شمال-شرقي التنف، بالقرب من المعابر الحدودية الأساسية التي تُستخدم كممر بري أقامته إيران من طهران، مروراً بالعراق والصحراء الشرقية السورية، وصولاً إلى لبنان، وعن طريق القاعدة، تراقب واشنطن التحركات الإيرانية في المنطقة.
روسيا ونظام الأسد يعارضان الوجود الأمريكي في قاعدة على الأراضي السورية، الأمر الذي يضر بمساعيهما لإعادة سوريا إلى السيطرة الكاملة لنظام الأسد، وهو ما يعني أن المتضرر من الهجوم هم الأمريكيون فقط.
ما أهداف الهجوم؟
هذه هي المرة الأولى، التي تهاجم فيها المليشيات الإيرانية القاعدة الأمريكية، ويشير الهجوم الغير مسبوق إلى سياسة جديدة لفيلق القدس الإيراني في سوريا، ومحاولة منه لتغيير قواعد اللعب في المنطقة.
يمكن تفسير الهجوم أنه رد قوي من الميليشات الشيعية على أثر الهجمات التي شنتها إسرائيل خلال الأشهر الماضية على دير الزور والمعبر الحدودي بين العراق وسوريا في البوكمال، والتي تدعّي وسائل الإعلام السورية أن إسرائيل نفّذتها من المجال الجوي لقاعدة التنف.
يبلغ عدد الهجمات التي يقال إنها نُفِّذت انطلاقاً من المجال الجوي لقاعدة التنف 4 هجمات على نحو ستة أهداف في الأراضي السورية، بينها منشآت تابعة للميليشيات الإيرانية في مطار تي-4، وقاعدة للميليشيات في دير الزور، ومهاجمة بطاريات دفاع جوي سورية قُتل خلالها عناصر من الجيش السوري، بحسب التلفزيون السوري.
هذا التفسير يعني أن طهران اختارت الرد على هجمات إسرائيل عن طريق الضغط على واشنطن، وهو ما يعني أنها تريد أن "توسع دائرة" الهجمات، بيد أن واشنطن سيكون لها رد قوي وسريع على الهجوم على "التنف".
التفسير الثاني هو أن الهجوم الإيراني هو طريقة جديدة لطهران للضغط على واشنطن للتأثير على الاتفاق النووي، ولتحسين أوضاعها قبيل توقيع الاتفاق الجديد.
التفسيران بشكل عام، يعكسان تغيير واضح في التعامل الإيراني في سوريا، وإعلانه بشكل واضح استعداده للدخول في مواجهة مع الأميركيين على الأراضي السورية، وهو الأمر الذي امتنعت طهران من القيام به في الماضي.