الربع الثالث من 2021.. «ماعت» تصدر تقرير مؤشر الإرهاب في المنطقة العربية
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير ربع سنوي عن ظاهرة الإرهاب في المنطقة العربية، يرصد كافة العمليات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها والتفاعلات داخل الجماعات الإرهابية خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2021، واعتمد التقرير في تتبعه للعمليات الإرهابية على أكثر من منهج بحثي استقصائي في عمليتي الرصد والتحليل بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة والخروج بأدق النتائج.
وأشار التقرير الذي يحمل عنوان "مؤشر الإرهاب في المنطقة العربية"، إلى ارتفاع العمليات الإرهابية في المنطقة العربية في الربع الثالث من العام بزيادة طفيفة مقارنة بالعمليات التي تبنتها التنظيمات الإرهابية في الربع الثاني، وبفارق كبير عن العمليات التي تبنتها نفس الجماعات العنيفة، في الربع الأول من عام 2021، حيث رصد التقرير 214 عملية إرهابية في الفترة من 1 يوليو إلى 30 سبتمبر 2021 مقارنة بنحو 212 عملية إرهابية في الربع الثاني من العام 2021 بجانب 169 عملية إرهابية في الربع الأول من العام الجاري.
واستمر تنفيذ طيف واسع من العمليات الإرهابية في الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة مٌحتدمة، ومثلها ممن تمر بفترات انتقالية متُعسرة كما هو الحال في الصومال والعراق وسوريا واليمن.
فيما خلت الدول التي لديها أنظمة حٌكم مستقرة واقتصاد متعاف، وليست طرفًا في نزاعات خارجية من العمليات الإرهابية منذ مطلع العام الجاري.
وقد راح ضحية هذه العمليات الإرهابية نحو 406 من المدنيين والعسكريين على حد سواء، فيما أصيب جراء هذه العمليات 496 بينهم نساء وأطفال وعجائز في تعارض فج مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، واستهدفت نحو 54 هجمة إرهابية المدنيين والأعيان المدنية فيما وجهت ما يقرب من 160 عملية إرهابية تجاه المنشآت العسكرية والحكومية والتحالفات المناهضة للإرهاب.
وجاءت الصومال في ركب الدول التي قتلي فيها عسكريون ومدنيون جراء العمليات الإرهابية بواقع 137 قتيلًا، وبعدها جاءت العراق بنحو 128 قتيلًا أما سوريا فراح ضحية العمليات الإرهابية في الفترة التي يغطيها التقرير، نحو 55 قتيلًا غالبيتهم من العسكريين، ومن ثم اليمن بما يربو على 48 قتيلاً وجاءت السودان بعد ذلك، بنحو 15 قتيلاً، ومصر بنحو 13 وليبيا بنحو 7 قتلى وتونس قتيلين والجزائر بقتيل واحد.
واستعرض التقرير أكثر الدول تأثرا بالعمليات الإرهابية خلال الثلاث الأشهر الماضية حيث جاءت العراق في طليعة الدول التي شهدت عمليات إرهابية، بواقع 74 عملية إرهابية، تبني تنظيم داعش النصيب الأكبر من هذه العمليات بنحو 57 عملية إرهابية، وجاءت الصومال في المرتبة الثانية بواقع 37 عملية إرهابية، تبني طيف واسع منها حركة الشباب، ولا يزال الحوثيين المدعومين من إيران يكررون هجماتهم ضد المنشآت النفطية والعسكرية والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية باستخدام الطائرات المٌسيرة بدون طيار والصواريخ الباليستية، حيث تبنت الجماعة 38 عملية إرهابية طيف واسع منها استهدف مناطق حدودية مع السعودية لاسيما المنطقة الشرقية. بينما جاءت سوريا في المرتبة الرابعة بنحو 27 عملية إرهابية، واحتلت اليمن المرتبة الخامسة في مؤشر الإرهاب بواقع 15 عملية، راح ضحيتها عسكريون ومدنيون، من بينهم نساء وأطفال، كما انعكس عدم الاستقرار السياسي في السودان على المشهد الأمني بشكل عام فأقدمت عدد من الجماعات والعناصر المسلحة على التخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية بواقع 6 عمليات إرهابية في مناطق متفرقة من السودان. العدد نفسه من الهجمات شهدته ليبيا، فيما نفذت بقايا العناصر الإرهابية في سيناء ثلاث عمليات إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة في مصر، وشهدت كل من الجزائر وتونس عملية إرهابية واحدة خلال الربع الثالث من عام 2021.
أما في سياق الجماعات التي نشطت خلال الفترة المشمولة بالتقرير، جاء تنظيم داعش الإرهابي في مقدمة الجماعات التي تبنت عمليات إرهابية او نُسبت إليها هجمات بواقع 57 عملية إرهابية، وجاءت بعدها جماعة الحوثين بنحو 49 عملية إرهابية ومن ثم حركة الشباب الصومالية بما يصل إلي 35 عملية إرهابية، ونفذت الفصائل الموالية لإيران نحو 19 عملية إرهابية وهيئة تحرير الشام 4 عمليات إرهابية وتبني كل من تنظيم حراس الدين في سوريا والتيار الرسالي للدعوة والقتال في السودان عملية واحدة لكل منهما، فيما استمرت الميليشيات الخارجية تدخلها في بعض الدول العربية حيث نٌسب لميليشيات تشادية وإثيوبية عملية إرهابية في كل من ليبيا والسودان علي التوالي وأخيرًا لم يتثنى لمؤسسة ماعت تحديد التنظيم المُنفذ لنحو 46 عملية إرهابية خلال الربع الثالث من عام 2021، حيث نٌسبب هذه العمليات لعناصر مسلحة مجهولة.
وقد حذر التقرير من توسع الجماعات الإرهابية في استخدام التقنيات الناشئة بما في ذلك الطائرات المسيرة في تنفيذ العمليات الإرهابية، وقد طالب التقرير الدول العربية بضرورة التعاون وتبادل الخبرات من أجل مواجهة هذه الأدوات الحديثة التي تستخدمها هذه الجماعات.
كما سلط التقرير الضوء على تداعيات وصول طالبان للحكم في أفغانستان على العمليات الإرهابية في المنطقة العربية، حيث حذر التقرير من أن سيطرة حركة طالبان على الحكم، قد يمنح دفعة معنوية لجماعات التطرف العنيف والحركات الإرهابية والجهادية والانفصالية والفواعل المسلحة من غير الدول في المنطقة العربية، مما قد يزيد من العمليات الإرهابية خلال الفترة القادمة.
من جهته، قال أيمن عقيل، الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت، إن الإرهاب يمثل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وفي المنطقة العربية يُعد بمثابة تهديد رئيسي ضد المدنيين، نظراً لما تمارسه الجماعات المسلحة في هذه المنطقة من ترهيب وعنف عشوائي لتحقيق أهداف سياسية، مدفوعة في بعض الأحيان بتوجهات خارجية، ولا تأبه هذه الجماعات بالخسائر البشرية والمادية التي يتضرر منها المدنيين في المقام الأول وتساهم في تقويض وتأخير فرص التنمية في الدول المستهدفة بالعمليات الإرهابية.
وأضاف عقيل، أن الأسباب الجذرية للإرهاب في المنطقة العربية لم تعد تخفى على أحد، فالنزاعات المسلحة هي العامل المحفز الأول لتفاقم الإرهاب، وكذلك التدخلات الخارجية في المنطقة العربية والتي تقوض الاستقرار وتنذر بحالة من الفوضى لاسيما في ظل دعم الأطراف الخارجية لجماعات متمردة في الدول العربية، مثلما تفعل إيران وتركيا في العراق وسوريا على التوالي.
كما أن وجود استراتيجية قاصرة وغير شاملة لمكافحة الإرهاب سواء على المستوى الجماعي والفردي في المنطقة العربية، يجعل الجهود المبذولة مهما بلغت منقوصة.
من جهته، قال شريف عبد الحميد، مدير وحدة الأبحاث والدراسات في مؤسسة ماعت، إن الإرهاب يشغل حيزاً لا يمكن صرف النظر عنه من اهتمام وخطط الحكومات العربية على اختلافها، لما يسببه من إزهاق أرواح العسكريين والمدنيين على حد سواء، وتدمير المنشآت العامة والخاصة، وتهديد المجتمع بكل فئاته من خلال بث الخوف والرعب في نفوس أفراده، حيث يجد المواطن العربي نفسه بين مقصلة الإرهاب والتطرف العنيف من ناحية، وبين تبعات الإجراءات الحكومية الساعية لزجر الإرهاب وتقويضه، وهو ما قد ينجم عنه في بعض الأحيان تقييد حتى إن كان غير مقصود للحقوق والحريات العامة.
وطالب عبد الحميد بضرورة اعتماد استراتيجية عربية شاملة لمكافحة الإرهاب بما يتماشى مع قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة وتوصيات القمة العربية في تونس.