لطيفة البقمي: المرأة الكاتبة كانت ومازالت أكثر حضورًا وتميزًا في المسرح السعودي
قدمت فى كتابها الجديد "أنوثة قاتلة" قراءة نوعية للمسرح السعودي وتصورات علاقات الحضور والغياب بين الأدب السعودي والآداب الأخرى، إنها الكاتبة السعودية الدكتورة لطيفة عايض البقمي، التى تتسم أعمالها بقراءة بانورامية في خطابات المرجعيات الثقافية المقارنة لتمثلات جرائم المرأة القاتلة في المسرح السعودي والمسرح العالم.
عن “أنوثة قاتلة”، وواقع المسرح السعودي والعربي، ومجمل منجزها في مجال الكتابة للمسرح؛ كان لنا هذا الحوار:
- في كتابك الصادر مؤخرًا (أنوثة قاتلة) قمت بتحليل بعض الظواهر المرتبطة بصورة المرأة في الخطاب المسرحي السعودي نريد أن تحدثينا عن ذلك؟
حرصت في كتابي (أنوثة قاتلة) على تقديم تصورات لعلاقات الحضور والغياب بين الأدب السُّعودي والآداب الأخرى من خلال الإفادة من السياق الثَّقافي بكل مكوناته الفلسفية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والعلاقات الوجدانية بين الأمم، والعلاقات الفعلية القائمة بين الأعمال الأدبية ومصادر إلهامها وحياة كتّابها، من مبدأ إنسانية الأدب، فعمليات الاسترداد الثَّقافي تخضع لحاجات الطرف المستقبل، وليس العكس، من خلال دور المؤثرات الخارجية التي تسهم في تطور الأدب.
ووفق هذه المحددات الأولية يمكن قراءة النصوص المسرحية التي قدمتها في الكتاب، حيث كان هاجسي الوصول إلى دلالات كلية ونهائية ترتبط بالنصوص وتجمعها في خيط واحد، فهذه النصوص تثير أسئلة من السياقات التي يمكن استثارة بعضها استنادًا إلى فرضيات القراءة واستبعاد أخرى.
وتمثل ثيمات (المرأة /السلطة /الجسد)، دورًا مهمًا في كثير من الأعمال الأدبية وخاصة المسرحية، ومن هنا وقع الاختيار على نص مسرحية العازفة لملحة عبدالله لدراسة تمثل هذه الثيمات في النَّص، ولما فيه من بعد ثقافي ارتأيت ربطها بعلاقات تناصيه مع نصوص مسرحية أخرى لشخصيات نسائية ظلت في منطقة الظل وأسئ فهمها فجاء الكتاب ليبحث علاقات الحضور والغياب مع هذه النصوص وليعيد النظر في فهم هذه الشخصيات النسائية.
وقد تنوعت النصوص ما بين العبرية واليونانية والعربية، وقد جاء اختيارها على فترات زمنية متباعدة، وتوافرت فيها سمات عدة منها : العمق التاريخي والثَّقافي الكبير في النُّصوص ، تنوع الخلفية الثَّقافية والدينية للمرأة في هذه النُّصوص، وثيمة الانتقام/العنف (المرأة /القاتلة/الجلاد ) في مواجهة (الرجل /القتيل/ الضحية ).
إلى جانب الأسباب السابقة فإن موضوع (الأنثى القاتلة) له عمقه وحضوره الدّيني والثّقافي والفني، ولما يتضمنه من أبعاد درامية واحتدامات عاطفية، وجموح رؤيوي، كان له الفضل في تعدد زوايا النظر نحو كل من (المرأة/الجلاد)، و(الرجل/الضحية) أو العكس، وما فيه من قلب منظومة القيم بتحويل الرجل لضحية، بعد أن كانت المرأة هي ممثلة دور الضحية في كل الأزمنة وتحديدًا في العصر الكلاسيكي. كما أن مسرحية العازفة لملحة عبدالله تحفل بالكثير من الدلالات التي تظهر حينًا وتختفي حينًا آخر وتتخذ أشكالًا مختلفة توهم بالحقيقة الكلية للوجود الإنساني، وتحيل على محكيات تحتمي بالذاكرة وتستعيد من خلالها أحداثا انقضت.
- نريد أن نتعرف منك على تقييمك لتراجع الأعمال الإبداعية في الآونة الأخيرة؟ وهل يعود لمتغير التكنولوجيا وما فرضه من تغير في اتجاهات الجمهور؟
لا يخفى على أحد تراجع الأعمال المسرحية في الآونة الأخيرة سواء على مستوى النص أو العرض، ويمكن أن ارجع أسباب ذلك في السعودية إلى عدم وجود خطة جيدة تخدم المسرح، واعتماد مسرحنا إلى اليوم على الهواة وليس المختصين.
ولكني سمعت مؤخرًا عن خطة هيئة المسرح وعدد من البرامج النوعية المختلفة التي اعتمدتها، ولكنها في نظري ستحتاج إلى وقت طويل حتى نلمس نتائجها على أرض الواقع.
أما ما يخص التكنولوجيا فلا يمكن اعتبارها سببا في تغير اتجاهات الجمهور إذا أحسن استخدامها .
- بالنظر إلى مؤلف النصوص المسرحية بالمملكة نجد أن انتشار واسع للكاتبات المسرحيات ما تفسيرك لذلك ؟
المرأة الكاتبة كانت ومازالت أكثر حضورًا وتميزًا في المسرح السعودي بل وتعود بواكير النصوص المسرحية لسيدات كالكاتبة ملحة عبدالله ورجاء عالم وغيرهن، فالشكل المسرحي التجريبي شهد تطورًا خلال القرن الماضي، وشهد حضورًا خاصًا للمرأة الكاتبة التي حاولت من خلال الفن إثبات حضورها وتمكين هويتها إزاء الواقع، ومواجهتها للمقولات الكبرى التي تمجد انكسارها وهوانها، وتعبيرًا عن تلك الحاجة الداخلية الكامنة في الذات النَّسوية التي تحتاج إلى التعبير والكشف درءًا لسلطة الجماعة التي تمارس العنف الاجتماعي، والقهر الثَّقافي عليها، ليكون المسرح الجنس الأدبي الأقرب –في نظري- إلى رصد ونقد واقع المرأة وتحولاته في المجتمعات ككل، وفي المجتمع السعودي بشكل خاص.
وارتباط فعل الحكي والسرد في الذاكرة التراثية بذات شهرزادية تعيد مدّ جسور الوصل والامتداد مع الأصل الأمومي لفن الحكي.
- ماذا عن آخر عرض مسرحي شاهدته؟
آخر عرض مسرحي شاهدته كان مسرحية (نعش) للكاتب المتميز إبراهيم الحارثي.
- إلى أي مدى تكمن نظرتكم تجاه مسرح الشباب (مسرح الاستكشات) مثل تجربة أشرف عبدالباقي وكذلك مسارح الشباب المختلفة؟
مسرح الشباب يحاول أن يجمع بين خبرة كبار المؤلفين وموهبة الشباب. وهو يوظف الارتجال الذي يجب –في نظري- أن يكون منظمًا تنظيمًا واعيًا في النصوص والعروض المسرحية على حد سواء، كما أن القضايا التي تطرحها النصوص الدرامية في مسرح الشباب متنوعة ما بين قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، ومن أبرز هذه القضايا (البطالة، العنوسة، الهجرة، الفقر، التفكك الأسري.. وغيرها) والتي تتفق مع قضايا الشباب وهذا يدل على أن مسرح الشباب يحاول الاهتمام بقضايا الشباب المعاصرة والتأكيد على هويته المسرحية.
وتعد تجربة الفنان أشرف عبدالباقي في (مسرح مصر) مهمة لا على مستوى المضمون إنما الجرأة في طرح الأسماء الشابة الجديدة مما يساهم في خلق جيل مسرحي شاب وقد قام بنفس التجربة في (مسرح السعودية) لكنها توقفت.
- هل نرى مزيدًا من الاهتمام بالإنتاج المسرحي خلال الفترة المقبلة؟
ابدو متفائلة حيال ذلك .
- سمعنا عن النجاح الذي حققته الدراسة خلال مشاركتها في معرضي القاهرة والرياض الدوليين للكتاب هل هي أول مرة تشاركين فيها بمؤلفاتك في معارض دولية؟
شاركت مرتين في معرض الرياض الدولي للكتاب 2014 وكذلك في معرض القاهرة في نفس العام .
- القارئ يريد أن يتعرف على عدد الكتب التي ألفتها؟
لدى مؤلفين الأول (المسرح السعودي المعاصر) الصادر عن نادي الأحساء الأدبي 2014 ، و(أنوثة قاتلة) الصادر عن دار رؤية بمصر 2021، وعشرات الدراسات المنشورة في المسرح السعودي.
- هل تعكف صاحبة (أنوثة قاتلة) على إعداد دراسة عن صورة الرجل في المسرح السعودي ؟
لا، فجل اهتماماتي منصبة على المرأة و حاليًا أعكف على دراسة مهمة في المسرح العربي.