روائي مغربي: رائحة الورق تتناسب مع طبيعة الخيال في النص الإبداعي
قبل أن تظهر ثورة الاتصالات وعالم تكنولوجيا المعرفة، كان الكتاب الورقي ومنذ رحلته الأولى كرسومات بدأت بالكتابة المسمارية في بلاد ما بين الرافدين، مرورًا بأوراق البردي وجلود الحيوانات، وصولاً إلى ثورة الطباعة والمطبعة علي يد الألماني يوهان جوتنبرج، ليتبادر إلى الذهن تساؤلاً في الشارع الثقافي: "هل الكتاب الورقي في طريقه إلى الزوال؟
في هذا الصدد، يقول الروائي المغربي محمد سعيد أحجيوج، لـ"الدستور":"لكل عصر تقنياته وفي النهاية طال الوقت أو قصر، تفرض التقنيات الجديدة نفسها غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن التقنية الوافدة تأخذ مكان السابقة بشكل مطلق فالتلفزيون لم يمح الراديو من الوجود ولا الإنترنت ألغت السينما كذلك الكتاب الإلكتروني الذي تزداد شعبيته بمرور السنوات مع تقدم التكنولوجيا، لكنه بكل تأكيد لن يلغي وجود الكتاب الورقي؛ لأن التفضيلات دائما تختلف، والقارئ الذي يفضل الكتاب الورقي ليس الذي يتصفح الكتاب عبر الشاشة تجربة كل منهما مع الكتاب مختلفة تماما عن الآخر.
وحول تفضيلاته ما بين الكتاب الورقي أم الإلكتروني يؤكد أحجيوج":"بالنسبة إلىّ لكل وسيط منهما دور معين، بخصوص الكتب الأدبية ما زلت أجد راحتي مع الكتاب الورقي رائحة الورق وملمسه تتناسب مع طبيعة الخيال في النص الإبداعي.
فالكتاب الورقي بين يديك هو عنصر مكتمل تراه كاملاً، حتى إن كانت طبيعة النص تفرض قراءات لا متناهية، أما في حالة الكتاب الإلكتروني فأنت لا تحيط بعالم الكتاب بين يديك لا تحس أنك تمتلك الكتاب. يبدو النص في الكتاب الإلكتروني نهرا متدفقا لا نهاية له. مجرد كتلة نصية ممتدة بلا نهاية.
وأردف: "أما بالنسبة للموسوعات والكتب العلمية فأنا أفضل الكتاب الإلكتروني، لكن عبر الكمبيوتر وليس القارئ الإلكتروني. طبيعة المحتوى العلمي تفرض تجربة استخدام مختلفة، وتطور برمجيات الكمبيوتر يوفر وصولا سهلا لذلك المحتوى.
واختتم "احجيوج": ما تزال هناك الآن، عوائق أمام انتشار الكتاب الإلكتروني، عبر أجهزة القارئ الآلي، منها سعر الجهاز وعدم توفره في جميع الدول العربية، وكذلك سعر الكتاب الإلكتروني الذي لا يقل إلا قليلا عن الكتاب الورقي. ربما يتغير الأمر مستقبلا، خاصة مع تطور التكنولوجيا، وترتفع نسبة "استهلاك" الكتب عبر القارئ الآلي، وهذا قد ينطبق أكثر على الجيل الجديد الذي يبدأ تكوين عاداته القرائية عبر الكتاب الإلكتروني. لكن بالنسبة إليّ سيبقى الفرق الجوهري هو إحساس التملك. الكتاب الورقي ملكي، أما الإلكتروني فيكاد يكون محض غبار يمكن أن تذروه رياح الأخطاء البرمجية في أي لحظة.
وسعيد أحجيوج روائي مغربي، صدر له: كافكا في طنجة (القاهرة، 2019)، أحجية إدمون عمران المالح (بيروت، 2020)، ليل طنجة – الرواية الأخيرة (القاهرة، 2021).