سيناريوهات تعزيز تعاون بريطانيا مع القاهرة في مجال الطاقة
قالت الشيماء عرفات، باحثة بوحدة الدراسات الأوروبية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن أسعار الغاز في المملكة المتحدة تضاعفت، حيث ارتفع المبلغ المدفوع من قبل موردو الطاقة مقابل الغاز بنسبة 250٪ منذ بداية العام - 70٪ من أجمالي الارتفاع في أغسطس الماضي وحده - وفقًا لبيانات من مجموعة النفط والغاز في المملكة المتحدة.
وأضافت عرفات لـ"الدستور"، أن المملكة المتحدة تأثرت بسبب اعتمادها الشديد في تغطية احتياجاتها من الغاز على الموردين الخارجين، حيث يتم ضخ 47% من الغاز للمملكة المتحدة من الدول الأوروبية، ويأتي نصف هذا الأمداد من النرويج وروسيا، بالإضافة لأنه يتم استيراد 9٪ من غاز المملكة المتحدة كغاز طبيعي مسال.
وتابعت: "وبالتالي، فعدم وجود تنويع في الموردين، مع وجود ضغط عالمي كبير في الطلب على الغاز؛ أما بسبب انفتاح شهية الدول وبخاصة الأسيوية والأوروبية على التوجه نحو تسارع الإنتاج لتعويض ما خلفته جائحة كورونا من تأثير من ناحية، ومن ناحية أخري بسبب ما تمارسه روسيا من تعنت في تغطية هذا الطلب المتزايد، كوسيلة ضغط على الدول الأوروبية المعرقلة لبدء تشغيل مشروع نورد ستريم 2".
وأوضحت عرفات أن تلك الارتفاعات جاءت كذلك بسبب اتجاه المملكة المتحدة للتحول ناحية الاعتماد على الطاقة النظيفة، ولكن دون تهيئتها للمنظومة التي تدعم ذلك. فعلى سبيل المثال، أدى انخفاض سرعة الرياح لقرابة شهرين وقد كان الانخفاض الأكبر منذ 1961، عن المعدل اللازم لتشغيل التوربينات الهوائية، لحدوث عجز في الامدادات؛ تم الاستعاضة عنه بطاقة الغاز، مما أدى لزيادة استهلاكه، بالإضافة لاتجاه المملكة نحو إغلاق العدد من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، مما أدى لانخفاض حجم الامدادات، مما اضطراها حاليًا لإعادة تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم مؤقتًا، لسد بعض هذا النقص في الطاقة.
ولفتت إلى أنه تم إجبار محطات الطاقة النووية القديمة على القيام بقطع غير مخطط له للصيانة، مع الاتجاه لإغلاق معظمها، والتي توفر ما يصل إلى 20٪ من الكهرباء. صاحب ذلك سوء حظ؛ بسبب إغلاق كابل الطاقة الرئيسي المستخدم لاستيراد الكهرباء من فرنسا بعد اندلاع حريق.
وأشارت عرفات إلى أنه ساهم في تعزيز المخاوف من تلك الأزمة، أن تمتلك المملكة المتحدة بعضًا من أقل إمكانات تخزين الغاز في أوروبا، حيث تحتفظ المملكة المتحدة بأقل من 1٪ من الغاز المخزن في أوروبا.
وقال عرفات: نجد أن الأسباب المذكورة توضح ضعف تلك الحجة (وفى بعض الأحيان تناقضها) فالاعتماد الكبير على الجانب الأوروبي عزز تلك الأزمة، ولكن الجانب الذي يبرز فيه تأثير البريكست؛ يأتي من وجود عجز يصل لمائة ألف سائق شاحنات في المملكة المتحدة، كانوا يأتوا من الاتحاد الأوروبي؛ بسبب طول الإجراءات، وصعوبة التنقل وكذلك العزل الذاتي بسبب فيروس كورونا، وهو ما ساهم في تعطيل سلاسل الامدادات بمختلف أشكالها بالمملكة المتحدة.
وبالرغم من ذلك فتُمثل تلك الأزمة، نوعًا من الفرص لمختلف الموردين العالميين لموردّى الطاقة وبخاصة النظيفة وهو ما يتوافق على سبيل المثال مع تحول مصر لمركز إقليمي لتوريد الطاقة بأشكالها المختلفة؛ سواء من خلال توريد احتياطات الغاز الموجودة، أو من خلال توريدها للكهرباء عن طريق الهيدروجين الأخضر التي بدأت مصر في عمل شراكات مع شركات طاقة أوروبية للاستثمار في توليده. أو من خلال عملها كمعبر لتوريد الطاقة سواء من خلال تسييل الغاز التي تملكه، أو المملوك للدولة المحيطة؛ أو من خلال انشاء لخطوط ربط تعمل على نقل الفائض الإفريقي من الطاقة المتجددة إلى أوروبا، حيث تعتبر إفريقيا مصدر أكثر من 50%من إجمالي الطاقات المُتجددة المُرتقبة في العالم مُستقبلًا.