دراسة لـ «تريندز»: هزيمة الإخوان في المغرب «مدوية» وأسقطت قناع حركات الإسلام السياسي
قال مركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن هزيمة الإخوان في المغرب، ممثلة في حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، تمثل ضربة قوية لحركات الإسلام السياسي في المنطقة، وأسقطت عنها القناع، وكشفت أفكارها وأيديولوجيات التي تستخدمها لتحقيق مكاسب سياسية.
وشدد المركز، في دراسة حديثة نشرها على موقعه الإلكتروني، على أن الشعوب العربية طوت صفحة الإخوان للأبد، بشكل سيبعدهم عن العمل السياسي لفترة طويلة، متوقعًا أن التنظيم لن يستطيع العودة لتصدر المشهد السياسي حتى ولو استرجع بعض قواه، مضيفًا أن عودة "حزب العدالة والتنمية" ممثل الإخوان في المغرب لإشعاعهم الشعبي السابق على المدى القريب بات أمرًا صعبًا.
ونوهت الدراسة إلى أن الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها الإخوان في المغرب ستؤثر على مستقبل تنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة بشكل سلبي، وتؤكد الإدراك المتزايد لدى شعوب المنطقة لمحاسبة الإخوان في ضوء التباين الواضح بين وعودهم وما حققوه على أرض الواقع من إنجازات بدت ضعيفة وغير مقبولة من قبل هذه الشعوب.
وأضافت “لا يعبر وقع هزيمة إخوان المغرب فقط عن سوء تدبير للشأن العام بل يمتد أيضاً إلى فضح المنطلقات الأيديولوجية والفكرية للتنظيمات الإخوانية كلها، فقد كشفت تجارب هذه التنظيمات في الحكم، سواء في مصر أو السودان أو تونس وأخيراً المغرب، أنها لا تملك أي قدرات لإدارة شؤون البلاد، وأن ما كانت تتباهى به من أفكار وأيديولوجيات إنما هي مجرد شعارات براقة استغلتها من خلال توظيف الدين لتحقيق مكاسب سياسية”.
سقوط الإخوان في مصر
ولفتت إلى أن السقوط المدوي لحزب "العدالة والتنمية"، الذراع السياسي للإخوان في المغرب، يأتي أيضا في سياق التحولات التي شهدها الإخوان منذ سقوط حكمهم في مصر، موضحا أنه "مثلما كان السياق الإقليمي سبباً في تكوين مزاج انتخابي عام سهل ظفر إخوان المغرب بالسلطة، فإن التكلفة التي دفعتها دول مثل مصر وهي تكافح مساعي التغوُّل الإخواني قد أسقطت القناع عن ذلك المشروع، وجعلته منكشفاً حيال الرأي العام العربي، وهو ما جعل كلاً من تونس والمغرب تُسقِطان المشروع ذاته من بوابة العمل السياسي".
وتابعت أن التورط العدائي للإخوان في مصر، إضافة إلى ما جنته تنظيمات الإخوان على نفسها بسبب سياساتها الاجتماعية لدى حضورها في السلطة، وبسبب دفعها العمل السياسي نحو الجشع الشخصي والعنجهية والتصلب حيال التعدد السياسي والثقافي، كشفت الأهداف الحقيقية المشروع الإخواني أمام بلدان العالم العربي، وهو ما دفع دولا مثل تونس ثم المغرب إلى إسقاط ولفظ ذات المشروع، في ظل نضج الممارسة الديمقراطية، موازاة مع نضج الثقافة السياسية لدى قسم مهم من الناخبين.
أسباب هزيمة إخوان المغرب
وذكرت الدراسة أن العملية الانتخابية في المغرب، والتي جمعت لأول مرة بين الانتخابات البرلمانية (مجلس النواب)، والانتخابات الجماعية (البلدية)، وانتخابات مجالس الجهات (المحافظات)، تميزت هذا العام بـ الهزيمة المدوية التي تلقاها “حزب العدالة والتنمية” ذو الأصول الإخوانية، حيث حصل في البرلمان على 13 مقعداً فقط، مقارنة بحصوله على 127 مقعداً خلال الولاية التشريعية الماضية، ما جعل الحزب يتراجع إلى الموقع الانتخابي الذي بدأ به منذ عام 1997، حيث كان قد حصل على 14 مقعداً نيابياً.
وبينت أن إخوان المغرب فشلوا في تحقيق العديد من الإصلاحات أو إدارة البلاد بشكل ديمقراطي، مشيرة إلى أنه قبيل الانتخابات كان الحزب ذو الأصول الإخوانية "العدالة والتنمية"يعتبر نفسه صاحب الأكثرية الناخبة ويمتلك قوة انتخابية ضاربة، متغافلاً أن خزانة الانتخابي قد نضب بسبب السياسات الاجتماعية التي أمعن في تطبيقها خلال السنوات العشر الماضية، خصوصًا سياسات التعليم والتقاعد والزيادات في الأسعار والمحروقات.
وأضافت "يبدو أن حزب العدالة والتنمية كغيره من حركات وأحزاب الإخوان المسلمين في العالم العربي، قد تمسك بالأطروحة القاتلة، المتمثلة في تهميش قيم الديمقراطية والاعتناء فقط بإجراءاتها، دون الانتباه إلى أن هذه الإجراءات تتطور مع مرور الوقت، ولا يكون لها في البناء المؤسسي الديمقراطي من معنى إذا لم تكن خادمة لروح الديمقراطية بالفعل".
وتابعت إنه على صعيد آخر، فقد وجد خطاب العدالة والتنمية نفسه مرة أخرى أمام ضعف شديد حيال خطاب السياسات العمومية، والبرامج الحكومية الدقيقة، خصوصاً بعد المبادرات الملكية التي تزامنت مع ظروف وباء كورونا، سواء فيما يتعلق باستحداث صندوق خاص لمواجهة تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، أو فيما يتعلق بالدعوة إلى مراجعة نموذج التنمية الذي اعتمدته البلاد خلال العقود الماضية، مشيرة إلى أن تلك الأبعاد هي التي التقطها منافسو حزب العدالة والتنمية وفي مقدمتهم حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث عمل على صياغة برنامجه الانتخابي على نحو دقيق، مركزاً على وعود انتخابية “ذكية” وقابلة للقياس، وأكثر إجرائية وعملية.
وأوضحت أن فيه "حزب العدالة والتنمية " راهنوا بشكل خاطىء على الأساليب التقليدية، في الوقت الذي تعرض فيه معظم قياداته لموجات من النقد اللاذع من عدد من المواطنين في الأحياء الشعبية، إضافة إلى انفضاض الناخبين عن آخرين منهم لتظهر تجمعاتهم ضئيلة الأعداد، وانعكس ذلك ببالغ الأثر على الصور التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أعطى الانطباع بأن حزب العدالة والتنمية أدار حمة فاشلة، لم تتمكن من استثمار ظروف وباء كورونا التي ربطت بقوة بين الناخبين وبين وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه كان من شأن اعتماد حزب التجمع الوطني للأحرار عليها أن يجذب قطاعاً عريضاً من الشباب إلى الاقتناع بجدوى التصويت، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة التصويت خلال تلك الانتخابات.
وأكدت أن نتيجة الانتخابات في المغرب تمثل تأكيداً للطبيعة الانتهازية التي اتسم بها قياديو "حزب العدالة والتنمية " الإخواني خصوصاً وأن لهفتهم على التمسك بمغانم المناصب الوزارية تكاد تعادل تهافتهم على القفز من الحزب عقب خسارته الفادحة.