الدكتور معتز عبدالله يشيد بدور «الخشت» في النهوض بالمشروعات التنموية بجامعة القاهرة
ألقى الدكتور معتز عبدالله عميد كلية الآداب الأسبق، وأستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، محاضرة حول الحرب النفسية وسبل مواجهتها لإعادة بناء الإنسان، وذلك ضمن فعاليات النسخة الرابعة من معسكر قادة المستقبل الذي تنظمه جامعةالقاهرة، تحت رعاية الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، وبحضور الدكتور عبدالله التطاوي مساعد رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، والدكتور جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب.
وأشاد عبدالله، بجهود الدكتور محمد الخشت، على مدار ٤ سنوات في النهوض بالمشروعات التنموية التي ساهمت في نهضة الجامعة بشكل غير مسبوق، وتأهيل الشباب المصري لتنمية وطنهم، وتوجيه الوعي الطلابي والشبابي بشكل إيجابي، وتفعيل دور الشباب وقدرته على تحمل المسئولية والمساهمة في نهضة وطنه.
وأوضح أن مشروع بناء الإنسان وتطوير العقل المصري هو أحد أهم مشروعات جامعة القاهرة القومية الكبرى، ويعني أننا بصدد جانبين أحدهما تطوير الجوانب الأساسية في الشخصية والقدرات والسمات والميول الإيجابية، والآخر يتمثل في التدريب على حسن التعامل مع الجوانب السلبية وسبل التخلص منها، لتكوين إنسان قادر على النهوض بدوره في الحياة، وتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي المأمول، ويكون لديه القدرة على الإبداع والابتكار، لتحقيق ذاته والمساهمة في رفاهية مجتمعه.
وقال إن الرؤية التنويرية لجامعة القاهرة تمت من خلال وثيقة التنوير التي تتكون من 14 مبدأ وضعهم مجلس الثقافة والتنوير برئاسة الدكتور محمد الخشت لتحديد المسيرة التنويرية للجامعة، موضحًا أن المبدأ السابع ينص على بناء نسق فكري ومعرفي مفتوح ومتحرر في مواجهة النسق الفكري الجامد.
وتابع أن المبدأ الثامن للوثيقة يتمثل في تكوين شخصية قادرة على العمل الفكري الخلاق والسياسي المجدد والإداري المحترف وبناء الشخصية التي يقودها العقل، مؤكدًا أن الدور التعليم في الجامعة يسعى إلى التفكير الإبداعي والعقل المفتوح، والبعد عن العقول المغلقة التي تجعل صاحبها عرضة للإرهاب.
وأشار إلى تعدد الآليات التي استخدمتها جامعة القاهرة لتحقيق مشروعها التنويري، من بينها معسكر قادة المستقبل، والصالون الثقافي، وتطوير اللوائح والبرامج الدراسية، وتطوير أساليب الامتحان والتقويم، وأسئلة حل المشكلات، واستحداث مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال، وتفعيل المسابقات التنافسية والمبادرات، وتفعيل الأنشطة الطلابية المباشرة والأون لاين، وإنشاء مركز الدعم النفسي لتقديم المساعدة للطلاب.
وتحدث عبد الله عن الحرب النفسية التي يتعرض لها الوطن بضراوة منذ ثورة 30 يونيو وأساليبها وسبل مواجهتها، مؤكدا ضرورة إدراك المخاطر التي يتعرض لها الوطن وعدم التهوين منها والوعي بآثارها الضارة على المجتمع، والتعامل معها بالشكل الأمثل بصورة عقلية وتحليلية، ومساعدة الغير على إدراك المخاطر وحسن التعامل معها، مشيرا إلى أن الحرب النفسية تؤثر على مشاعر وميول الناس بهدف تحطيم معنويات الدولة وأفرادها وجعلهم يشعرون بالعجز وعدم القدرة على العمل والوصول إلى درجة الإحباط.
وأوضح أن مفهوم الحرب النفسية يتداخل مع عدة مفاهيم، منها مفاهيم حروب الجيل الرابع والخامس والسادس، والحرب الناعمة، وحروب المعلومات والأفكار والأعصاب، والحرب الأيديولوجية وغيرها، مؤكدا أن الحرب النفسية تهدف إلى النيل من الوطن أفرادا أو مؤسسات، وإضعاف الروح المعنوية، وبث الشعور بالفشل، وفقدان الثقة، وإثارة الفتن، والتشكيك في المواقف والخطط التي يضعها النظام السياسي في المجتمع، والتشكيك في الوضع الاقتصادي، وبث اليأس والقنوط والرغبة في الاستسلام وعدم الصمود.
ونوه إلى أن الحرب النفسية أصبحت بديلا للحروب العسكرية، وتقوم بدورها بدون عنف أو قتال، والهدف من ذلك إسقاط الدولة الوطنية دون تدخل عسكري مباشر، حيث تعتمد على استراتيجية الهدم من الداخل بعد الوصول بها إلى مستوى الدولة الفاشلة، مضيفًا أن الحرب النفسية أدت إلى انهيار الدولة الوطنية، ونشوب الحرب الأهلية والصراعات العرقية وتفشي الإرهاب، لافتًا إلى أن أساليب الحرب النفسية تتمثل في الشائعات وغسيل الدماغ والإرهاب وافتعال الأزمات، وإثارة الرعب، والنهوض بالدعاية السوداء، والتي يتم استخدام بعضها مع الشباب للتلاعب بهم والتضليل النفسي لهم، مشيرًا إلى أن مصر تعرضت لاضطرابات شديدة طالت جميع مظاهر الحياة، إلا أن إرادة الشعب المصري رفضت سقوط الوطن، فخرج في ثورة 30 يونيو ليسقط الإخوان.
ولفت إلى إمكانية مواجهة الحرب النفسية من خلال تطوير العقل المصري، وتأسيس خطاب ديني جديد، بالإضافة إلى ضرورة إنتاج أعمال درامية جادة في وسائل الإعلام، وتنمية المهارات الحياتية للطلاب، وتحسين الظروف المعيشة لأفراد المجتمع وهو ما تعمل عليه الدولة من خلال مبادرة "حياة كريمة"، وتنمية الوعي لديهم، وصقل القدرة على التحليل النقدي لما يتم سماعه لمواجهة الفتن التي تستهدف مجتمعنا.
وتابع أن التضليل الإعلامي المعادي للوطن يتمثل في تزويد وسائل الإعلام بمعلومات مختلطة ومتداخلة لا تخلو من مزج واضح بين الوقائع وتغييرها بشكل كبير، لافتا إلى أن التضليل الإعلامي يستهدف بث المشاعر السلبية نحو الوطن، وترسيخ الاتجاهات السلبية، وزيادة حالة الشك لدى المواطن، وتزييف الوعي تحت ستار الموضوعية، مضيفًا أن مظاهر التضليل الإخواني يتمثل في إنكار ثورة 30 يونيو، والتقليل من قيمتها، وترسيخ فكرة أن الانقسام مازال موجودا بين أبناء الشعب المصري، والتأثير على الروح المعنوية للشعب المصري، والإساءة الدائمة لمؤسسات الدولة وقياداتها والتقليل منها، ومحاولة إفساد العلاقات بين مصر ودول العالم، وتشويه صورة مصر أمام العالم، وتحسين صورة الجماعات المتطرفة، وافتعال الأزمات، والتقليل من قيمة الإنجازات المتحققة، وتشويه عملية الإصلاح الاقتصادي، واستغلال جائحة فيروس كورونا من خلال إثارة الخوف لدى المواطنين المصريين.
وأضاف أن الشائعة تنتشر وتزدهر في ظل غياب المعايير المؤكدة للصدق، مع إمكانية ترويجها من خلال عدة وسائل، لافتا إلى وجود فروق فردية فيما يتعلق بنشر الشائعات، موضحًا إمكانية تصنيف الشائعات إلى شائعات مقصودة، وأخرى عفوية غير مقصودة وهي الأخطر لأنها تنطوي على حسن النية والتي ينتج عنها التجاوب معها دون وعي أو دراية.
وفي ختام المحاضرة، وجه عبد الله، نصيحته للطلاب، بضرورة أن يسألوا أنفسهم 5 أسئلة قبل السماع لأي رسالة والاقتناع بها، وتتمثل في مصدر الرسالة، ومن المستهدف من إرسالها، وما هدفها، وما مضمونها، وما الدافع لدى الفرد لمشاركتها.
جدير بالذكر، أن معسكر قادة المستقبل يضم برنامجًا متميزًا لـ4 أفواج طلابية يستوعب كل فوج منها 100 طالب وطالب، ويشمل البرنامج لقاءات مع قيادات الجامعة ونخبة من كبار العلماء والمفكرين والإعلاميين والنقاد والأدباء، لإجراء حوارات نقاشية مفتوحة مع الطلاب، ويستهدف نشر ثقافة القيادة بين الطلاب، وتوجيه وعيهم بشكل إيجابي، وإعداد كوادر شبابية مصرية فاعلة في المجتمع، وذلك في إطار حرص الجامعة على المساهمة في استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030.