ناجى العلى.. الشجاع
فنان استطاع أن يحول صرخاته واحتجاجه إلى فن، يجسد فى مضمونه تجربة آلام الناس والشعوب، وبالتحديد الشعب الفلسطينى، أهله وناسه، أى نعم كان ناجى العلى فلسطينيًا، لكن تجربته امتدت إلى كل مشكلات الشارع العربى وأزمات المواطن البسيط، كان فريدًا فى تعبيره، يجمع بين رقة الفنان الحالم وشدة الثائر، فمزج بهذين النقيضين مفردات فنية، استطاعت أن تكون ذلك السيف الذى يمزق الأقنعة الزائفة ويعرى الواقع بكل مراراته ومآسيه.
ولد ناجى العلى عام ١٩٣٧ فى قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وبعد أن احتلت إسرائيل موطنه، هاجر إلى لبنان، وعاش هناك فى مخيم الحلوة، ثم تركه وهو فى العاشرة، ولم يعرف من حينها الاستقرار، إذ اعتقلته القوات الإسرائيلية فى صباه، وداخل الزنزانة اكتشف موهبته، وهى الرسم على الجدران، التى أصبح من خلالها فيما بعد يعبّر عن ضمير الأمة المعذب. لقد كان ناجى العلى فنانًا عبقريًا، يستطيع بكاريكاتيره أن يعبّر عن أعقد القضايا بعلاقاتها المتشابكة بإيجاز بليغ، وقد ابتكر شخصية «حنظلة»، هذا الطفل الفلسطينى حافى القدمين، ووالده الفلاح الكاد الحالم، وكذلك «أولاد الشليتة» الأشرار، وكان همه الوحيد هو توعية الناس بما لا يفهمونه.
غدا تمر الذكرى السابعة والثلاثون لاغتيال صوت الضمير، حيث تلقى رصاصات غادرة فى لندن ٢٢ يوليو ١٩٨٧، وظل فى غيبوبة لمدة شهرين حتى رحل عن عالمنا.