يحيى صفوت: خاتمة ثلاثية «بر الضيف» كان مخطط لها منذ البداية
نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لأخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.
وحول هذا الأمر يقول الكاتب يحيى صفوت: حين نتكلم عن خواتيم الأعمال فهناك طريقتين للتطبيق. إما أن تكون خاتمةٌ مُخَطَّطٌ لها من البداية (بدرجات متفاوتة من التفاصيل)، أو تكون وليدة الحاجة (كأن يكون نجاح الجزء السابق هو الدافع لكتابة جزء لاحق أو أخير). في الحالة الثانية يجب توخي الحذر وعدم التمادي حتى لا يقتل العمل نفسه. فمن الممكن أن يستفز القارئ تكرار الأفكار وعدم تقديم صراع جديد كافي ليأخذ القارئ في رحلة جديدة بعد أن رسى بقاربه. والفيصل في إمكانية - أو ضرورة - عمل جزء جديد من عدمها هو وجود تساؤلات لم يتم الإجابة عليها بعد، تساؤلات كافية لبناء عمل روائي وخلق المزيد من الأسئلة.
وأضاف "صفوت": خاتمة ثلاثية "بر الضيف" كان مخطط لها منذ البداية وهذا عن طريق مد خيوط عديدة في الجزء الأول في جو من الغموض وأحداث مثيرة للتساؤلات والفضول. تتشابك الخيوط في الجزء الثاني وترتفع درجة التشويق، مع وصول بعض الحبكات لنهايتها كي لا يصاب القارئ بالإحباط. وفي الجزء الأخير تنتهي الخيوط كلها عند ذروة الإثارة ويجد القارئ إجابات "مرضية" عن "معظم" الأسئلة.
وتابع: السبب في اختيار السلسلة الروائية عن كتاب منفرد هو أن يكون لدى الراوي مخزون كافي من الحبكات المترابطة المثيرة للخيال والفضول يكون بها - وهو الأهم - شخصيات لها منحنى تطور مواكب لتطور الحبكة. تلك الشخصيات لابد لها من أبعاد ومساحات تسمح بصراع داخلي يتناغم مع الصراع الظاهري الملموس. والصراع الداخلي لأبطال السلسلة يجب أن يمتد من الصفحة الأولى في السلسلة للجزء الأخير فبدونه ستفقد ذروة العمل تأثيرها. ومن ثم تأتي اللحظة التي تنكشف فيها كل الأسرار وتنحل فيها كل العقد وتنصرف دون أن تترك الأثر المطلوب.
"بر الضيف" ملحمة من الصراعات الإنسانية الفلسفية (داخلية وظاهرية) وأبطالها لهم منحنى تطور يواكب الصراع الملموس مع "الضيف" وهو كيان له أبعاد مادية ونفسية وفلسفية.
وهذا يصل بنا إلى أهم نقطة وهي الحبكة الفلسفية، فبدون واحدة يفقد العمل الشيء الذي يضمن له الاستقرار في قلوب وأذهان القراء بعد خفوت عوامل الإبهار من الإثارة والغموض والحركة والمناظر المبهرة.