تزيد البركة في العمر.. لهذه الأسباب احرص على صلة الرحم
ورد سؤال عبر مجموعات الفتوى الخاصة بالسيدات على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" يريد معرفة العلاقة بين صلة الرحم من أنها تزيد في عمر الإنسان على الرغم من أن الأعمار مكتوبة عند الله منذ خلق البشرية.
وجاء السؤال كالتالي:عن أنس رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» متفق عليه، حيث يتناول الحديث ويتحدث عن بركة صلة الأرحام، فهو يشير إلى أنه من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه، ومعنى ينسأ له في أثره: يعني يُمَد له في أجلِه، ويرد هنا تساؤل عن كيفية التوفيق بين الزيادة في عمر الإنسان وكون الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص؟
وقالت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أجاب العلماء عن هذا بأجوبة: الأول: أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى عِلم الْمَلَكِ الموكَّل بالعُمر، وأما الذي دلَّتْ عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى؛ كأن يقال للملَك مثلًا إنَّ عُمُرَ فلانِ مثلًا مائة إنَّ برَّ والدَيْه، وستون إن عقَّهما.
وتابعت الإفتاء "سبق في علم الله أن يبرَّ أو يعُقَّ، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملَك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقصان، وإليه الإشارة بقوله تعالى:﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملَك، وما في أمِّ الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البَتَّةَ، ويقال له القضاء المبرم ، ويقال للآخر القضاء المعلق.
الثاني: أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت.
- الثالث: ما أخرجه الإمام الطبراني في "المعجم الصغير" بسند ضعيف عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن مَن وصل رحمه أنسئ له في أجله، فقال: «إنه ليس زيادة في عمره؛ قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ الآية، لكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده».
الرابع: أن المراد نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله وبه جزم الإمام ابن فورك، وقال غيره: [نفي الآفات عنه في جميع شئونهِ] اهـ.
الخامس: أن الزيادة في الأوقات المعدودة، لا في الأنفاس المحدودة، ذكره الإمام المناوي في "التيسير".
السادس: وهو الذي ارتضاه الجمع الغفير، وصححه الإمام النووي: أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، قال الحافظ: "ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر".
وقالت الدار إن حاصله أن البر يكون سببًا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية، فيبقى بعده الذكر الجميل، فكأنه لم يَمُتْ، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينفع به من بعده والصدقة الجارية عليه والخلف الصالح.