دراسة جديدة تحذر من تغلغل الإخوان في بلجيكا: خطر على الديمقراطية الأوروبية
حذر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، من خطر توغل الإخوان في النسيج الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الأوروبية- لا سيما في بلجيكا، مشيرًا إلى أنه رغم مرور سنوات على التفجيرات الإرهابية في بروكسل، إلا أن خطر الجماعة على الديمقراطية الأوروبية لا يزال مستمرًا، ويشكل تهديداً غير مسبوقًا على عامة البلجيكيين.
وانتقد المركز، في دراسة جديدة نشرها موقعه الإلكتروني اليوم الأحد، ما وصفه بـ“السياسة الهشة” لحكومة بلجيكا في مواجهة جماعات الإسلام السياسي، وذللك رغم الإجراءات المتخذة والتشريعات التي سنتها لمحاربة التطرف والإرهاب، مشددا على ضرورة سن قوانين أكثر صرامة لمحاربة تطرف الفكر الإخواني في البلاد.
وأوضحت الدراسة أن جهود بلجيكا في مكافحة التطرف- بما في ذلك الإجراءات المتبعة في الإشراف على المساجد ومراقبة الخطاب المتطرف وخطب الأئمة وكذلك التمويلات الأجنبية- فشلت في كبح جماح نفوذ تيارات الإسلام السياسي بشكل عام والحد بشكل كبير من تطرف البلجيكيين المسلمين على وجه الخصوص.
ضعف إجراءات مكافحة التطرف في بلجيكا
ووفقا للدراسة، أفاد تقرير صادر عن مكتب الحرية الدينية الدولية في بلجيكا، مايو الماضي، أن هناك عددًاًّ كبيرا من المساجد فضلت العمل دون إشراف حكومي وقررت عدم المطالبة بالاعتراف الرسمي من قبل الحكومة، وعزت ذلك إلى تلقيها تمويلا أجنبيًا كافيًا، ولوجود عامل آخر يتعلق بعملية البيروقراطية المطولة للحصول على الاعتراف.
وأشارت إلى أن إستراتيجية الحكومة البلجيكية متمثلة في توسيع نطاق الاعتراف ليشمل المزيد من المساجد في بلجيكا حتى تصبح مؤهلة للحصول على تمويل حكومي، وهو ما يقلل من تأثير جماعات الإسلام السياسي من خلال تقليل اعتماد المساجد على التمويل الأجنبي وتزويد السلطات بمزيد من الرقابة، ولكن بالرغم من ذلك، بقيت طلبات الاعتراف لـ9 مساجد في العاصمة بروكسل وحدها معلقة بما فيها مسجد بروكسل الكبير.
وبينت أن الحكومة الفلمنكية عززت إجراءاتها فيما يتعلق بقضية الإشراف والمتابعة من خلال تحقيقات أمنية لمحاربة التطرف المحتمل سواء بالنسبة للأئمة أو للمصلين وللحد من النفوذ الأجنبي في المساجد، ولكن في خضم هذه الأحداث فقد شكك الوزير الإقليمي الفلمنكي “هومانس” في اعترافات الحكومة ببعض المساجد وسحب الاعتراف بمسجد الإحسان في لوفين.
الإخوان وذكرى الهجمات الإرهابية في بلجيكا
وتابعت أنه في الذكرى الخامسة للهجمات الإرهابية التي عصفت ببلجيكا عام 2016، نظم مركز بروكسل الدولي للبحوث وحقوق الإنسان، في مارس الماضي أول نشاط له في البرلمان عقب وباء كورونا، تحت عنوان “تقييم السياسات الأمنية والسياسية.. خمس سنوات بعد التفجيرات الإرهابية في بروكسل: خطر الإخوان المسلمين على الديمقراطية الأوروبية”.
وشدد رئيس لجنة مكافحة الإرهاب النائب البرلماني البلجيكي، “كون ميتسو”، على ضرورة سن قوانين رادعة ونشر التوعية لمحاربة التطرف والفكر الإخواني في بلجيكا، مثلما أشار إلى أن خطر التهديدات الإرهابية المترتبة عن تنظيم الإخوان المسلمين تحديدا لم ينته بعد.
واعتبر النائب البرلماني البلجيكي أن أوروبا تواجه خطر توغل جماعات الإسلام السياسي في النسيج السياسي، لا سيما في بلجيكا، إذ أبدى تخوفه الكبير من تسريح أكثر من 400 من المتهمين بالتطرف من السجون البلجيكية وعدم متابعتهم كفاية نظرا لقلة الوسائل القانونية والمادية المتاحة لذلك وكثرة عددهم.
برامج وخطط تدريب الأئمة في بلجيكا
بحسب الدراسة، بدأت الدورة التدريبية الأولى للأئمة في بلجيكا في عام 2019 ، والتي أطلقتها جامعة لوفين بمعية السلطة التنفيذية الإسلامية – الهيئة الرسمية الممثلة للجاليات المسلمة في البلاد – والحكومة الفيدرالية، إذ تقدم الدورة باللغتين الهولندية والعربية، مدة سنتين في الجامعة و4 سنوات من التدريب الديني، وحين الانتهاء من الخريجين يحصل الأئمة على شهادة من الحكومة الفيدرالية.
ونوهت الدراسة أن موضوع تدريب الأئمة تم الإشارة إليه في بادىء الامر في التقرير البرلماني للجنة التي أخذت في اعتباراتها الهجمات الإرهابية في بروكسل وزافنتيم في مارس 2016، وطالبت بمنع النفوذ الإسلامي الأجنبي والحد بشكل كبير من تطرف البلجيكيين المسلمين على وجه الخصوص.
توصيات بمحاربة تطرف الإسلام السياسي في بلجيكا
ذكرت الدراسة أيضًا أن لجنة بلجيكية كانت قد أوصت بضرورة الرقابة الشديدة على المراكز التابعة للإسلام السياسي في بلجيكا، وأعربت عن رغبتها في زيادة كفاءة الأئمة فيما يتعلق بمسألة إتقان إحدى اللغات الوطنية في بلجيكا سواء الفرنسية أو الألمانية أو الهولندية.
ومن جهة أخرى، وفي إطار محاربة بلجيكا للتطرف والتطرف المضاد، نوهت الدراسة إلى أن السلطات قد اتخذت إجراءات أخرى شملت إغلاق المدارس وبعض المساجد في مقاطعة ليمبورج، مع إبقاء بعض المساجد مفتوحة للعبادة وفق تدابير أمنية مشددة، وبالتالي يمكن القول بأن المساجد في بلجيكا إما معرضة للتطرف من الداخل أو العكس، أما المساجد التي لم تحظى باعتراف رسمي من الحكومة فهي في عداد المساجد المغلقة.
واختتمت الدراسة بالقول إنه رغم تسخير السلطات البلجيكية مبالغ خيالية كرواتب للأئمة كإجراء وقائي لمنع ظاهرة التطرف في المساجد منذ عام 2016 سعيا منها لبلورة خطاب ديني معتدل ينبذ العنف والتطرف، إلا أنها فشلت لأسباب عدة من بينها ما سلف ذكره حول الإجراءات البيروقراطية التي تعيق عملية الاعتراف بالمساجد.
وتابعت أن المساجد التي لم تحظى بالاعتراف لن تحظى بالمراقبة وبالتالي فهي لن تقدم طلب الاعتراف من الحكومة نتيجة تمتعها بالحرية واكتفائها بالتمويلات الأجنبية التي بحوزتها فتعمل على تسيير المساجد وإلقاء الخطب ربما المحرضة على التطرف بعيدا عن المتاهات البيروقراطية وكذلك الأمنية.