شوقى علام.. رجل المهام الصعبة والمواقف الجريئة
منذ توليه مسئولية دار الإفتاء المصرية، فى مارس ٢٠١٣م حتى الآن، وفضيلة مفتى الجمهورية الأستاذ الدكتور شوقى علام يقدم لنا فى كل يوم نموذجًا فريدًا وطنيًا مشرفًا فى ميادين العمل المؤسسى الإفتائى والوطنى، وتعد الفترة التى تولى فيها الدكتور شوقى علام تلك المهمة من أصعب المراحل التى مرت بها مصر فى التاريخ الحديث والمعاصر، ومرت بها دار الإفتاء المصرية عبر تاريخها الطويل، وهى فترة لم تخل يومًا من صعوبات وتحديات.
لقد تولى فضيلته هذه المهمة فى ظروف عصيبة جدًا عانت منها البلاد إبان حكم المخلوع محمد مرسى، وواجه فضيلة المفتى ضغوطًا شديدة حتى ينحو بمؤسسة دار الإفتاء العريقة تجاه المسارات المتطرفة التى تحددها أفكار وأجندة وإيديولوجيات مكتب الإرشاد، وكلنا يعلم سعى الإخوان للسيطرة على كل مؤسسات الدولة، فيما عرف بالأخونة آنذاك.
واستطاع الدكتور شوقى علام بقوة شخصيته وصلابة رأيه وبأزهريته الخالصة المخلصة أن يحافظ على مؤسسة دار الإفتاء المصرية من السيطرة الإخوانية، وأن يحافظ على رونقها الوسطى المعتدل، وأن يعبر بها سالمة إلى بر الأمان وسط أمواج عاتية من التوجهات المتطرفة التى أفرزها الفكر الإخوانى والسلفى والجهادى وكل أطياف الفكر المتطرف، ولم تتوقف التحديات التى كان يواجهها الشيخ علام ومؤسسة دار الإفتاء المصرية بعد رحيل الإخوان فى ثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو، ولكنها زادت جدًا، وأصبح على المؤسسات الدينية، خاصة دار الإفتاء المصرية، أن تعيد صياغة الحالة الدينية فى مصر والعالم الإسلامى؛ لتنقيتها من الشوائب والضلالات الفكرية التى دستها جماعة الإخوان الإرهابية وما تولد عنها من الجماعات المتطرفة عبر سنوات طويلة.
كان التحدى على أشده بين تلك الجماعات الضالة بكل أطيافها والشعب المصرى آنذاك بقيادة المشير عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، ومنقذ مصر من الإخوان، وكانت دار الإفتاء المصرية بقيادة الدكتور شوقى علام تتخذ المواقف الوطنية الصريحة الواضحة التى لا لبس فيها ولا تردد ولا التواء ولا مواءمة ولا موازنات ولا تحالفات، انطلاقًا من قناعة فضيلته كوطنى صادق وكل العاملين بالدار بأنه لا مجال لاتخاذ أى مواقف وسط، إذا كان الوطن فى كفة وأى قوى أخرى، مهما كانت، فى الكفة الأخرى، وبدون تردد قام فضيلة المفتى بتأييد كل مواقف شعب مصر والقيادة السياسية والعسكرية من حكم الإخوان وفكر الإخوان، وبعد تنفيذ قرار النائب العام بفض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين، شهدت مصر موجة عاتية من أعمال العنف والإرهاب لم تشهدها عبر تاريخها الطويل، وفى نفس التوقيت قامت فلول جماعة الإخوان الإرهابية بتكوين كتائب إخوانية فى الخارج لشن حملات كبيرة ممولة لتشويه سمعة مصر والجيش المصرى والشرطة المصرية.
وفى الوقت الذى انطلقت فيه عناصر الإخوان إلى ميادين الاغتيال والتفجير والقتل كانت كتائب الإخوان فى الخارج تزوِّر الحقائق وتنشر الأكاذيب، وبوطنية مخلصة شجاعة لا تعرف السكوت عن الحق ولا مداهنة الباطل، قام الدكتور شوقى علام بعدة حملات مكوكية فى الكثير من الدول الأوروبية لبيان الصورة الصحيحة، ولمجابهة كذب الإخوان، غير متهيب ولا مكترث لحملات السباب والتشويه والتهديد بالاغتيال التى لم تتوقف حتى الآن، وكان من ثمرات تلك الرحلات المباركة أن اعتمد الاتحاد الأوروبى دار الإفتاء المصرية كمرجعية أصيلة تمثل الإسلام الوسطى المعتدل. وبهمة لا تعرف الكلل، واستجابة مخلصة لدعوة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة تجديد الخطاب الدينى ومحاصرة الأفكار الإرهابية والمتطرفة لا فى مصر وحدها وإنما فى العالم كله، دعا الدكتور شوقى علام علماء العالم الإسلامى، وخاصة العاملين فى حقل الإفتاء إلى تكوين أكبر مؤسسة عالمية إفتائية، وهى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وكانت الاستجابة الطيبة لعلماء العالم الإسلامى بالانضواء تحت راية الأمانة العامة اعترافًا بالريادة المصرية فى الشأن الدينى والإفتائى ومنح الثقة عن استحقاق وجدارة لفضيلة الدكتور شوقى علام بقيادة المسيرة الإفتائية فى العالم لتجديد الخطاب الدينى، وكان الإعلان عن تأسيس الأمانة فى شهر ديسمبر ٢٠١٥م، لتبدأ دار الإفتاء المصرية حقبة جديدة مشرقة من العمل الوطنى والإفتائى لدعم مسيرة الدولة المصرية والاستجابة العملية لا القولية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تجديد الخطاب الدينى، كانت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بقيادة الدكتور شوقى علام، تعملان بتوجيهات فضيلة المفتى فى مسارات متنوعة، وتوسعت دار الإفتاء المصرية توسعًا كبيرًا فى الانتشار على الـ«سوشيال ميديا» والتفاعل مع الشباب وتصحيح الأفكار، وعقدت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم برئاسة فضيلة المفتى ستة مؤتمرات عالمية، تناولت العديد من المشكلات التى يعانى منها العالم الإسلامى.
وعلى الصعيد الإعلامى، قدم الدكتور شوقى علام العديد من البرامج الدينية الهادفة فى شتى وسائل الإعلام، منها الذى يوضح أمور الدين بوجه عام، ومنها ما يتناول الرد على أفكار جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات. إن الجهود الرائعة والإنجازات الكبيرة التى قام بها الدكتور شوقى علام لخدمة دينه ووطنه أسهمت إسهامات بالغة فى محاصرة وتراجع الفكر الإرهابى المتطرف، وقامت الأمانة العامة، حسب توجيهات فضيلة الدكتور شوقى علام، بالعديد من الأعمال، وإطلاق الكثير من المبادرات وبرامج التدريب، وفى جميع مراحل هذه المسيرة المباركة قامت جماعة الإخوان بشن حملات التشويه والتهديد؛ لوقف مسيرة الدكتور شوقى المباركة فى خدمة قضايا وطنه ودينه، إن الشجاعة والجرأة والقوة والجدية والصرامة التى اتسمت بها شخصية فضيلة المفتى شوقى علام، مع كثرة أعباء منصب الإفتاء وتوالى الأعمال والإنجازات لم تستطع أن تخفى جانبًا آخر فى شخصية فضيلة الدكتور شوقى علام ألا وهو البشاشة والطيبة والتواضع الجم للكبير والصغير والتوجه إلى جميع الناس بالمحبة وإرادة الخير، ولا شك أن تلك التكاملية فى تلك الشخصية الفريدة المباركة كانت عاملًا مؤثرًا فى حب المصريين جميعًا لفضيلة المفتى، وتلقيهم قرار فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتبار مؤسسة دار الإفتاء المصرية مؤسسة ذات طبيعة خاصة، والتمديد لفضيلة الأستاذ الدكتور شوقى علام لمدة عام، حتى يتمكن من استكمال إنجازاته ومشروعاته الواعدة التى تدعم مسيرة تجديد الخطاب الدينى، وتؤكد الريادة المصرية فى هذا المجال، ولأن تلك الشخصيات الوطنية الفريدة المجددة نادرًا ما تتكرر فى زماننا فقد كان قرار فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذا التوقيت قرارًا حكيمًا موفقًا.. حفظ الله مصر وحفظ رئيسها وحفظ لنا فضيلة المفتى وبارك فى جهوده ورزقه الله العون والعافية.