«يا نبي الله».. قصيدة لم تنشر من قبل لـ أحمد شفيق كامل
ذكر الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز، في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" علاقته بالشاعر أحمد شفيق كامل.
يقول إبراهيم عبد العزيز: "حينما زرته فى بيته على كورنيش النيل وجدت الشاعر أحمد شفيق كامل يعلق صورتي الشيخ الشعراوي والشيخ كشك، ويحتفظ بتسجيلات الشيخ الشعراوي حتى تلك التى سجلها فى المملكة العربية السعودية أثناء بعثته الأزهرية هناك، أما الشيخ كشك فقد أصبح صديقا له بعد أن قام بهجومه الجارح عليه بسبب أغنيته " انت عمرى " التى جمع فيها ﻷول مرة بين أم كلثوم وعبد الوهاب ، وقد اعترف الموسيقار عمار الشريعى لزميلنا أيمن الحكيم بعشق الشيخ كشك لأم كلثوم ، فقد اعترف له الشيخ كشك بنفسه إن هجومه على كوكب الشرق جاء من باب العتاب كعاشق لصوتها وليس من باب الدين والأخلاق.
وأضاف: "أما أحمد شفيق كامل نفسه فقد حكى لي كيف تحولت علاقته مع الشيخ كشك إلى صداقة، فقال: "حين كنت أعمل موظفا بالتمثيل التجارى فى إحدى الدول العربية استمعت لشريط الشيخ كشك الذى يهاجم فيه ثلاثي" انت عمرى " ،ولما كان لى صديق يسكن قريبا من الشيخ كشك ، وكانت هناك بعض الأسئلة الدينية التى أحار فى إجابتها ، فقد ذهب إليه يسأله عنها ، فلما كشف له أننى صاحب الأسئلة قال له : وما علاقة أحمد شفيق كامل بالإسلام ؟! ، فقال له الصديق المشترك : ستعرفه حينما تقابله وتجلس معه . وذهبت إليه فى المسجد الذى يخطب فيه حتى انتهت خطبته ، وتقدمت منه أعرفه بنفسي ، فضحك كثيرا ، واكتشفت أنه من" السميعة " وابن نكتة ".
وتابع إبراهيم عبد العزيز: "أذكر أنني حينما أجريت حوارا مع أحمد شفيق كامل كشف فيه عن اعتزاله كتابة الشعر العاطفي إلى الشعر الديني، استنكر رئيس تحرير المجلة التى كنت أعمل بها ، هذا التصريح وقام بشطبه ، وكانت حجته أن نشر مثل هذا التصريح يشجع على التطرف الديني، مع أن بليغ حمدي الذى لحن الأغانى العاطفية لحن أيضا للشيخ النقشبندى ، وأحمد شوقى الذى كتب عن الكأس والخمر هو نفسه الذى كتب " نهج البردة " ،فلا تعارض بين الدين والدنيا ، ولكنه قصور الفهم وضيق الأفق، أو كما قال أديبنا الكبير توفيق الحكيم :" الفن بابه واسع ، ولكن بعض عقول الناس ضيقة ".
وحينما تشاهد تسجيلا تليفزيونيا لأحمد شفيق كامل مع القديرة ليلى رستم، بعد نجاح أغنيته " انت عمرى " ، لفت نظرها أن الشاعر الكبير يضع مصحفا مفتوحا على مكتبه كان يقرأ فيه قبل التسجيل ، وحاولت أن تجره للكلام فى هذه المنطقة، ولكنه كان خجولا ، ولم يشأ أن تكون علاقته بربه موضع مناقشة على شاشة التليفزيون ، وفى زيارتى الأخيرة له طلب منى أن يلتقى بأديبنا الكبير نجيب محفوظ ، فقد كان يعرف صلتى به ، فرحب بلقائه ، والذى تم فى فندق شبرد حيث كان يعقد ندوته يوم الأحد من كل أسبوع ، وقد أهدانى أحمد شفيق كامل قصيدته غير المنشورة " يا نبى الله " أنشرها اليوم تحية لذكراه ، وهذا نص القصيدة:
يا نبي الله .. كيف الملتقي ..
غلب الشوق .. وعز الملتقى
يا سماء للسماوات العلى ..
تاه فيك الشعر .. دارا ينتقى
قال فيك الله .. قل لي .. دلني ..
أيوفى قائل .. مهما ارتقى
يا صاحب المعراج .. نبلا وتقى
من قبل معراج البراق .. محلقا
أسرى بك الرحمن من ليل الوجو
د .. إلى وجود .. بالفضائل أشرقا
شرفت بك الأخلاق ..أرفعها ذرا
وأعزها نبلا .. وأكملها رقا
الصمت منك .. تفكر وتدبر
فإذا نطقت .. نطقت ذكرا مشرقا
بجوامع الكلمات .. قولك حكمة
توحى إليك ..سلاسلا وسوامقا
تتألق الكلمات حيث نثرتها
وتضوع عطرا ..عبقريا شيقا
يا خافضا فى الله ..عز جناحه
للمؤمنين ..تعاطفا وتعانقا
بأبى وأمى .. يا خيارا من خيار
جئت خيرا مغدقا
بالحب جئت وبالسماحة ..واحة
تترقرق البركات منك ترقرقا
يا غاضبا فى الله غضبة مؤمن
صلد .. يجاهد مارقا أو أحمقا
كم ذا كسبت إلى الهداية سادرا
ورددت عن درب الضلال منافقا
قابلت بالحلم الجميل شرودهم
وكسبتهم للنور .. أسدا تتقى
وكذلك تبرأ .. يا طيب نفوسهم
وتعود أصفى ما تكون تألقا
الله ..للفاروق.. كيف زئيره
رعب أراع الزائغين وأغرقا
الله يا الله .. يهدى خالدا
سيفا يؤدب مشركا أو فاسقا
الله .. والفتح المظفر والهدى
ينساح نور الحق فيه شاهقا
ليمس دين الله قلب عباده
ولتفتح الأقطار فتحا سامقا
يا فتية الإسلام عز جنابكم
أمنتموا للحق حكما صادقا
خيرتموا أهل الديار جميعهم
فاختير دين الله .. نورا وتقى
من شاء آمن كيف شاء .. ومن أبى
فله مشيئته ..وعاش وما انتقى
الدين للديان .. جل جلاله
يهدى إليه .. كما يشاء من انتقى
يا صاحب المعراج نبلا وتقى
من قبل معراج البراق محلقا
عبر الزمان .. وعبر ما ضم المكان
أنا ضممتك .. بالحنين مطوقا
قبلت بالأشواق حبات الحصى
أن قبلت .. يوما خطاك تعلقا
ولثمت أنساما مررن بساحكم
فعقبن مسكا .. وانتشين تشوقا
وأتيت زمزم .. عل بعض سلافه
يوما تعطر من شفاك وعبقا
يا ليت كنت الجذع تذهب روعه
فتضمه ..حتى استكان وأورقا
خيرته ..بين الحياة وصحبة
فاختار فى الفردوس ذاك .. وحققا
يا سعد من رزقت بنورك عينه
حتى الجمادات تحن فترزقا
أو كنت فى كفيك من بعض الحصى
سبحن للرحمن ..لحنا مونقا
أو كنت فى بعض السحاب ..غمامة
ترد عنك هجير شمس يتقى
أو كنت درعا من دروعك أفتدى
بالروح .. ما ساق الضلال وأطلقا
ياليت أنى أي شئ فى الوجود
رآك .. أو عاش الزمان المشرقا
لكن عزائي أن حبك فى دمى
باق بقاء الحق زادا وتقى
وكفى بأنى مسلم وموحد
يرجو بحبك أن يغاث .. ويعتقا
أنا يا حبيب الله .. ملهوف .. ظم
قد جاء كوثرك الشهي .. المعتقا
صاد .. وأنت ملاذه ..يا موردى
يا ذا السخاء .. وهل ترد من استقى
من لي بكأس من يديك إذا الصدى
ذمت يداه حناجرا .. بل أعرقا
فى يوم " نفسى ثم نفسى " .. والورى
أودى به الهول العظيم .. وأحدقا
فى يوم لا تجد البرايا شافعا
وتود حتى للجحيم ..تسابقا
وعنت لعزته الوجوه ذليلة
جمع الأباطر والأكاسر .. أطراقا
كل اسارى ما أتوا أو قدموا
كل أقر .. ولا مفر .. وأشفقا
ترجى الشفاعة إذ يدمدم عاصف
من خشية تغشى الجميع ..فتعرقا
ترجى ..ولكن .. لا أمان ولا شفيع
ولا مغيث إذا أتوه .. ترفقا
ذهل الجميع عن الجميع .. وحدقت
فيه العيون .. وقد فقدن الأحدقا
الأنبياء هناك .. كل دعائهم
" يارب سلم .. حسب ذنبى .. موبقا "
" وأنا لها " طوق البرايا كلهم
من هول إعصار .. أحاط وأطبقا
يتقدم المعصوم .. مغفورا له
ما قد تقدم أو تأخر مسبقا
فيخر تحت العرش يسجد ملهما
بمحامد .. لم تأت قبل .. فتنطفا
وينادى من قبل العزيز بفضله
سل تعط منا ما تساء تدفقا
وإذا الرؤوف بنا .. الرحيم .. المصطفى
يرجو الكريم .. العفو عمن صدقا
وإلى رياض الخلد تمضى أمة
هى خير من خلق العزيز ووفقا
صلى عليك الله يا أمل الورى
وجزاك عنا ما أفات وأغدقا
أملان .. أن تأذن .. وحسب تعطلى
خير لدنياي بآخرتي التقى
فى هذه الدنيا رجوتك زائرا
طيفا حبيبا ..فى منامي.. مشرقا
أما هناك فصحبة .. ومعية
فى روضة الفردوس .. عشت محققا
أملى الشفاعة ..إن أذنت تكرما
أدرك بها معى الخلائق أجمعا
إن فاتني ركب الذين قد أحسنوا
فلعل يدركنى لواء من اتقى