«البُهاق ميزة».. مُبدعون في مواجهة التنمر (صور)
لم يشأ الشبان الأربعة أن يقفوا مكتوفي الأيدي في مواجهة التنمر الذي يتعرض له مُصابي البهاق، مرض لم يكن من صنيع أيديهم، غير أن نيران المجتمع تطالهم في نظرات وكلمات تبقى مؤذية لمشاعر هؤلاء، لا تتوقف جِراح مرضى البُهاق عند هذا الحد، لكنها قد تصل إلى عُزلة يفرضها عليهم البعض بعد مرضهم.
«بدور، آلاء، حبيبة، ميرا، وآلاء».. اختلفت أسماؤهم وأراضيهم وخُطاهم، غير أن هدفًا اجتمعوا عليه بأن يُواجهوا هجمات المتنمرين ضد مُصابي البُهاق، فاتخذوا من مواهبهم في الرسم على الوجوه؛ طريقًا للوصول إلى أكبر نطاق من بني البشر، ليبعثوا لهم رسالة بأن البُهاق ليس عيبًا أو صمة عار يُعاقب عليها صاحب المرض.
بدور أبو القاسم، كانت واحدة ممن قرروا الاشتراك في هذه الحملة، تقول إن بداية الفكرة كانت عند مشاهدتها مقطع فيديو للمطرب رامي جمال، تحدث خلاله عن مرض البهاق: كنت من فترة طويلة أرى تنمر على مصابي البهاق، وهناك من يخشى التعامل معهم بحجة أنه من الممكن أن يكون مرضًا مُعديًا.
عرضت «بدور» فكرتها على أصدقاؤها، فرحّبوا بها جميعًا، وقرروا دعم مرضى البُهاق، خاصة وأنهم اتفقوا جميعًا أن هؤلاء الناس يُعانون من غياب الأصوات الداعمة لهم.. «أردنا أن نوضّح أن البُهاق يُضفي جمالًا لصاحبه، ويُميزه عن غيره.. أردنا أن ندعمهم، بدلًا من التنمر عليهم، فكانت حملتنا بعنوان البُهاق ميزة» ـ تقول بدور.
أما آلاء هشام، ابنة أسوان، صاحبة الأربعة عشر عامًا، فكان رصيد المشاعر الإنسانية في قلبها الصغير، متفوقًا على عدد سنوات عمرها، فكانت متحمسة للمشاركة في حملة «البُهاق ميزة» من أجل أن تبعث برسالتها للآخرين بأن مرضى البُهاق هم أشخاص جميلون لا يجب أن يتعرضوا لنظرة مؤذية أو كلمات تجرح مشاعرهم، وأنهم مميزون للغاية.
«الله وضع فيهم جمالًا كبيرًا.. أنا أحببت ملامحي هكذا بعد هذه التجربة، أحببتها بطريقة لا يُمكن وصفها، وعرفت أكثر أن هؤلاء الناس يستحقون أن نقف إلى جوارهم، وأنهم مميزون، ويجب أن نُشجعهم على حب أنفسهم» ـ هكذا ترى آلاء.
لم تكن ابنة أسوان وحدها التي تحمل نفس المشاعر، فشاركتهم حبيبة رفيق، ابنة محافظة الجيزة، فهي الأخرى وجدت هدفًا نبيلًا في حملة البهاق، وعبّرت بموهبتها عن رسالتها، بأن المرض ليس عيبًا، والبهاق ما هو إلا اختلاف لمن مَرِضوا به، وميّزهم الله بهذا، كما أن كثيرًا منا نُعاني من أمراض ظاهرة أو غير ظاهرة ـ تقول حبيبة.
أحمد ماهر، طالب كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وجد مسارًا قريبًا من دراسته ليبحث فيه عن حقوق هؤلاء الذين يتعرضون للتنمر بسبب مرضهم.. «كنت سعيد للغاية وأن أرسم على وجههي من أجل مرضى التنمر.. أحب للغاية أن أدعم المرضى، لمواجهة من يتنمرون عليهم.. هي ليست الحملة الوحيدة التي شاركت فيها، فسبق وأن دعمت مرضى السرطان بهذه الطريقة.. من الجيد أن ترسم الابتسامة على وجه أحدهم».