دراسة لـ «تريندز»: الإخوان تصدر مزاعم السلمية وترتدي ثوب الضحية لزيادة نفوذهم في أوروبا
تتوالى التقارير والدراسات التي تؤكد انتهاج جماعة الإخوان الإرهابية للأساليب الخداعية كجزء من محاولتهم الظهور في صورة سلمية وتقديم نفسها على أنها الوجه المعتدل لتيار الإسلام السياسي وتصديرها لمزاعم الاعتدال والوسطية، فضلًا عن قدرتها التاريخية على التكيف تحت أي ظروف وارتداء ثوب الضحية دائما بهدف تحقيق خططها في التمكين السياسي.
وفي هذا الصدد، نشر مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات دراسة رصد فيها مدى تأثير مشروع قانون مكافحة "الانفصالية الإسلاموية" الذي أصدرته فرنسا لمحاربة خطر الإخوان، قائلًا إن تمرير القانون لن يؤدي إلى أحداث كثير من المتغيرات في وقف نفوذهم بسبب خطابات الجماعة الخداعية في أوروبا وقدرتها على التلون تحت أي ظرف والظهور على أنهم "ضحايا العنف والتنكيل" من السلطات الأمنية.
وهم السلمية والتذرع بـ الإسلاموفوبيا
وأوضحت الدراسة أن جماعات الإسلام السياسي، وخصوصًا الإخوان، في أوروبا يحرصون في خطابهم على التركيز على إبراز سلميتهم، والتظاهر على أنهم يؤمنون بمبادئ الحرية والمساواة وضحايا لما يعرف بـ "الإسلاموفوبيا" أو رهاب الإسلام في الغرب.
ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن قانون "ترسيخ احترام مبادئ الجمهورية" في فرنسا لم يأت بذكر "الإسلاموية" فإن تيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان ، ظلت حاضرة خلال مختلف مراحل النقاش حول القانون، سواء في المداخلات السياسية أو التوجيهات الاستشارية من أجل تصدير صورة على أنها جماعة "سلمية" تقبل بالحوار وأسس الديمقراطية.
واعتبرت الدراسة أنه بالرغم من ذلك، إلا أن الربط بين أيديولوجية الإخوان وتقويض قيم الجمهورية كان واضحا للغاية، هو ما أشار إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً في خطابه المشار إليه حين اعتبر الجماعة من التشكيلات التي اعتقد البعض خطأ أنها سلمية، في حين أنها تطورت في اتجاه سلبي فأصبحت متطرفة، مضيفاً أن هذه التشكيلات تحمل "رسالة القطيعة، وتتبنى مشروعاً سياسياً، كما أنها تتطرف في نفي المساواة بين الجنسين مثلاً، واستطاعت بتمويل أجنبي وعمليات تمذهب الوصول الى بيتنا الداخلي".
وتابعت أن "جوانب التي يسعى القانون إلى معالجتها إن كان لها أثر فعلي وبعيد الأمد، فإنه سيقتصر خارجياً على التخفيف من التأثير الأجنبي كدول وأشخاص في فرنسا، حيث سيقتصر القانون داخليا على التضييق على بعض الدوائر الإسلامية المتطرفة لأسباب متباينة، كما سنرى، دون الدوائر الإخوانية التي لن يتأثر وجودها ونشاطها وازدهار خطابها بالإجراءات الإدارية المعلنة في القانون".
واستكملت: الإخوان أكثر حرصاً على إبراز "سلميتهم”، بل يحاججون في كونهم أنفسهم ضحايا “العنف” والتنكيل” و”التشويه”، كما كانوا – خصوصاً في البلاد الغربية – من المبادرين بإعلان رفض العنف بمختلف أشكاله كلما أتيحت لهم الفرصة، فضلاً عن تعاملهم المكثف مع الجمعيات الحقوقية والقانونية وتحالفاتهم مع ذوي المعتقدات المختلفة، بل ومشاركتهم أعيادهم وتجنب استخدام التصنيفات العقدية في وصفهم (كافر، ملحد، …) للبرهنة على تسامحهم وقابليتهم للتعايش مع الآخر.
قانون الإنفصالية ودوره في الحد من التطرف
نوهت الدراسة إلى أن قانون "الإنفصالية" في فرنسا على رغم أهميته، فإن تأثيره في الحد من الفكر المتطرف يبقى محدوداً، مشيرا إلى أن التنظيمات المتطرفة ذو المرجعية الإخوانية لا تعمل عادة في حقل المجتمع المدني وتتجنب النشاط في إطار جمعيات معلنة، ولا تهتم أصلاً بتنظيم دور العبادة أو الإشراف عليها.
وأوضحت أن تلك المنظمات الإخوانية ربما تحظى أيضا حسب التعديلات المرتقبة بدعم مالي وضريبي أفضل يغريها بتحمل إكراهاتها الرقابية، كما أنها تكون غالباً غير معنية بإجراءات الحد من الدعم المالي الأجنبي؛ لارتباطها بشبكة علاقات مع مؤسسات وأشخاص في الداخل الفرنسي تؤمِّن لها حاجاتها المادية من إيرادات استثمارية، سواء عبر ما يعرف بالتجارة الحلال، أو تنظيم رحلات الحج والعمرة، فضلاً عن إدارة أموال الزكاة واشتراكات ومساهمات الأعضاء وغير ذلك.
وأضافت "إجراءات الرقابة على الجمعيات لا تعني بشكل مباشر الوضع المؤسساتي للإخوان، فالتنظيمات المرتبطة بالجماعة لن تجد حرجاً في توقيع أي التزام بالقيم العلمانية للجمهورية الفرنسية مادام يتيح لها حق التعبير وضمان الاستمرارية في الوجود، وهذا يرتبط بشكل وثيق بالفكر الإخواني المنخرط في دينامية ما يعرف بــ (التجديد) الفقهي والثقافي والذي أفرز أيديولوجيا هجينة ولكن براغماتية وقادرة على التعامل مع المستجدات السياسية والتشريعية بمنطق الربح والخسارة."
وتابعت: فمثلا الخطيب الإخواني يجهر بالقول إن أجواء الحرية واحترام القانون في هذا البلد نعمة على الإسلام، فدين الله لا ينتشر حيث الظلم والاستبداد، ويلفت النظر إلى فضل الغرب على الإسلام دون أن يفوت فرصة وسم السياسات الرسمية في الدول الإسلامية.
واختتمت الدراسة بالإشارة إلى أنه بخلاف ما سبق، قد نجد من الموقِّعين على "ميثاق المبادئ من أجل الإسلام الفرنسي من ممثلي المسلمين أنفسهم بمن فيهم المحسوبين على الإخوان ، على تشبتهم بـ “العلمانية” و”رفض كل أشكال إقحام الإسلام وتوظيفه في غايات سياسية”، وإيمانهم بمبادئ الحرية والأُخوّة والمساواة.