فى ذكراه.. قصة الترزى الذى أجبر توفيق الحكيم على تغيير قناعاته
34 عامًا مرت على وفاة الكاتب والأديب توفيق الحكيم، الذي رحل عن عالمنا في يوم 26 يوليو لعام 1987 بالقاهرة، والذي يعد أحد رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث.
كان توفيق الحكيم يتمتع بأسلوب كتابة فريد يمزج بين الرمزية والواقعية، فضلًا عن تميزه بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض، واهتمامه بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة على التصوير، فقد استطاع أن يصف في جمل قليلة ما قد لا يبلغه غيره في صفحات طوال، سواء كان ذلك في رواياته أو مسرحياته، وكذلك اعتنى عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد، وحيوية تجسيد الحركة، ووصف الجوانب الشعورية والانفعالات النفسية بعمق وإيحاء شديدين، وليس هذا فحسب؛ بل احتاط لنفسه كثيرًا حتى لا يظهر الآخرين على مكنوناته، فقد ابتكر لنفسه إلى جانب العصا والقبعة عدة أقنعة متقنة يتمرس خلفها ليخفي اضطرابه وقلقه وحيرته من قضايا يحبها صدقًا وعمقًا لكنه يتظاهر بالعكس ويعمل على تحاشيها.
وفي تقرير نشر بجريدة "الأخبار" بعددها الصادر بتاريخ 14 مايو لعام 1985، كشف عن أن الكاتب توفيق الحكيم وقف أمام الترزي لأول مرة منذ سنوات طويلة ليجري بروفة على بدلة جديدة، فقد اعتاد كلما فصل بدلة جديدة أن يرسل للترزي بدلة قديمة للتفصيل على مقاسها توفيرًا لعناء البروفة.
وأضاف: لكن الترزي هذه المرة تمسك بالبروفة، لأنها بدلة سهرة وليست بدلة عادية، مما اضطر الحكيم للموافقة بالرغم من أنه يكره كل البروفات بما في ذلك بروفات الكتب والمسرحيات والأفلام والبدل بنوع خاص.
كانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي إنتاجات توفيق الحكيم الفنية، بين اعتباره نجاحًا عظيمًا تارة وإخفاقًا كبيرًا تارة أخرى، الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء.
وكانت مسرحيته المشهورة "أهل الكهف" في عام 1933 حدثًا هامًا في الدراما العربية، فقد كانت تلك المسرحية بدايةً لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني، وبالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عددًا قليلًا من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح، فمعظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالمًا من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي.